فلسفة الحياة الجديدة
يوسف المسمار
الفلسفة الحقة في الحياة هي فلسفة الحياة. هي في الارتفاع فوق الأمور الصغيرة الدانية، وفي التفكير في الحقائق الأساسية، والمرامي الأخيرة السامية التي تحرّك داخلية الفيلسوف، وتستنفر قواه ومواهبه وعبقريته فيتفلّت من الزمان والمكان ويُخطط لحياة جديدة راقية، راسماً لأمته أجمل المثل وأسمى المطالب .
والفيلسوف الحق هو المعلم، الفنان، القائد، النابغة الذي يستطيع بما يمتاز ويتميّز به من مواهب ونبوغ وعبقرية أن ينهض بالحياة، وبالنظر الى الحياة. فيضع قواعد عهد جديد لشعبه، ويوجد تعاليم فلسفية سامية تنبثق من نظرة سامية شاملة الى الحياة والكون والفن تستوعب أسمى المقاصد وأرقى المطامح النفسية، نافذة ً الى أعماق السرائر، محركة خصائص النفسية الأصيلة التي تفجّر في الأنفس كل قيم ومناقب الوعي والمعرفة والتفوق والصراع والبطولة، فتثور على عهودها المظلمة، صانعة بنفسها تاريخها الجديد بوعي لا تعتريه أضاليل، وإيمان لا تزعزعه محن، وإرادة لا تقهرها نوازل، وروحيّة لا تقبل بأقل من تشريف الحياة وتحسينها وترقيتها .
وتلامذة الفيلسوف الأصحاء هم أولئك الذين وُلدوا بالتعاليم النيرة المُحيية ولادةً جديدة فنهضوا، وثاروا، وحققوا الاستمرار الفلسفي بين قديمهم الأصيل، وجديدهم النهضوي الأجود، فأطلوا بهذا التحقيق الرائع على أفق جديد، وكانوا بنهضتهم طليعة انطلاق الى بلوغ مشارف عالم أجمل.
هذه هي حقيقة الفلسفة السورية القومية الاجتماعية، وحقيقة فيلسوفها، وحقيقة تلامذتها :
فيلسوف نابغة عبقري تفلّت من حدود الزمان والمكان فوصل الماضي الأصيل الرائع بالحاضر النهضوي الأروع، فكان فيلسوفاً وقائداً قدوةً للمستقبل .
ونظرة فلسفية شاملة الى الحياة والكون والفن، تناولت المسائل الكبرى في الوجود بتعاليم فلسفة راقية منبثقة من نفسية خيرة جميلة، آفاقها آفاق العظمة، اشتملت على حقيقة أساسية صالحة لإنشاء عالم جديد من الفكر والشعور، فكان هذا العالم فوق العوالم الماضية، ودرجة لا يمكن أن يكون بدونها أي عالم تطوري أجدّ آخر .
أما تلامذتها فهم الذين فعل فيهم الحافز الروحي المستمد من فلسفة الحياة هذه، وأدركوا المثال الأعلى الذي تشتمل عليه هذه النظرة الجديدة، فكانوا أبناء وبنات الحياة الجديدة، وبُناة الحياة الجديدة، وصانعي المستقبل الأجود وكانوا الكائن الفلسفي الحيّ المؤهل لتحقيق بعث نهضة الأمة، وحمل رسالة الهدى الى الأمم والشعوب .
من كتاب: «مفاهيم قومية اجتماعية،
البرازيل، كوريتيبا في 16 تشرين الثاني 2009.