«عشق الصباح»
أيّ أزمنة هذي التي تسرقنا من ذاتنا تريدنا أن نتقيأ داخلنا في موج البحر، قالت جلنار: بعد أن غرفت حفنة ماء بكفّيها، ملح البحر يطهرنا من العفن العالق فينا. تركت جسدها في حضن موجة عابرة، بللتها من رأسها حتى قدميها، ضحكت، يا لضحكتها السحر، يا لبريق عينيها يتلألأ في العتم.. فبدت «كالقمر» حين ينفلت من خلف غيمة في ليل كانون! تابعت: لا تكترث لجنون الريح.. الكثير من العواصف الهوجاء مرت من هنا.. ولم يزل البحر والزيتون وهذي القمم العاليات المتعشقة للسنديان.. ولم نزل نتوارث أبجدية الحب والصمود. لم أجد كلمة أقولها.. لقد اختصرت كل شيء في كلماتها. يا إلهي: ما هذا الليل البارد؟ المطر تحوّل سيولاً جارفة، ويكاد الموج ينفلت من فوق صخور الشاطئ ليغرق كل شيء. ما هذي الأسئلة التي تراودني: أين العشاق الأوفياء الذين كانوا يتلاقون في المساءات الماطرة ويشربون القهوة ويتبادلون أسرار الحكايات والأحلام..؟ مللت الدق على أبواب أوصدها الصدأ يا جلنار. كيف أزيل الصدأ عن محبرتي..؟ أحياناً لدي رغبة للصراخ في وجه طغيان العتم والانكسارات وهذه المتغيرات الطارئة، أي جنون يسحبنا من ذاتنا لنصبح.. «غرينا».. غرباء حتى عن أنفسنا؟! متعبة المسارات التي وجدتني فيها.. متعب هذا الحنين الساكنني.. متعب زمن الانتظارات.. أنا، متعب بالحب والضوء والحياة…لا أدري يا جلنار.. كم يلزمنا من الألم والفقد لنعيد ترتيب الأشياء الحميمات…. تعال نبحث عن مكان نلجأ إليه من جنون العاصفة.. بللك المطر ورحت ترتعش… أمسكت بيدها وهمست في أذنها: أنا أرتعش من الحب… وليس من البرد… أنت دفئي؟!
حسن إبراهيم الناصر