احتجاجاً على استشراء الفساد وتردّي الأوضاع المعيشية
شهدت العاصمة بيروت وبعض المناطق اللبنانية أمس اعتصامات وتظاهرات احتجاجاً على استشراء الفساد وتردّي الأوضاع المعيشية والإقتصادية.
بيروت
ففي وسط بيروت، نُظّمت تظاهرة ضدّ الفساد، شارك فيها نحو ألفي شخص احتجاجاً على الواقع السياسي والأوضاع المعيشيّة.
وانطلق المتظاهرون بعد تجمّعهم في ساحة الشهداء نحو ساحة رياض الصلح، رافعين الأعلام اللبنانية وأطلقوا شعارات «لا للطائفية كلنا بدنا بطاقة صحية»، «الشعب يريد إسقاط النظام».
وأعلن المنظمون أنهم لا يقلّدون التظاهرات التي تحصل في فرنسا، بل إنهم يطالبون الدولة اللبنانية بأن تحذو حذو الدولة الفرنسية في رفع أجور العمال والموظفين وخفض الضرائب وغيرها من الأمور التي تحفظ للمواطن كرامته في وطنه.
وحصل صدام بين القوى الأمنية والمتظاهرين أمام السراي الحكومية، بعد محاولة منهم لإزالة العوائق الحديدية، كما رشقوا عبوات المياه على القوى الأمنية.
وأُصيب المحامي عبّاس سرور من الحراك المدني بجروح طفيفة في رأسه جراء رمي عبوات المياه نحو القوى الأمنية، وأفيد عن مشاركة ملثمين في التظاهرة في ساحة رياض الصلح طالبوا بـ»العفو العام».
كما قطع المتظاهرون الطريق البحرية عند جادة شفيق الوزان لبعض الوقت وأعادوا فتحها.
وظهراً، بدأ المتظاهرون يغادرون ساحة رياض الصلح تدريجاً، وبعدها، قطع المتظاهرون الطريق على تقاطع برج الغزال، ما أدّى الى زحمة سير كثيفة في المحلة، وتركوا ساحة رياض الصلح وانضمّوا الى آخرين على جسر الرينغ حيث ينتشر الجيش اللبناني، وهم يدعون إلى قطع الطريق وشلّ حركة البلد، وتوجه قسم منهم إلى شارع بشارة الخوري، وتخلّلت التظاهرة أعمال شغب أسفرت عن تكسير مستوعبات النفايات وأحواض الزراعة، كما حضرت مجموعة من الجيش اللبناني إلى ساحة بشارة الخوري وقطعت الطريق المتجه من بشارة الخوري إلى ساحة الشهداء، وحصل تدافع بين الجيش والمتظاهرين الذين أضرموا النيران في مستوعبات النفايات. إلاً أنّ الجيش أعاد فتح الطريق في الاتجاهين عند تقاطع بشارة الخوري وعاد المتظاهرون إلى ساحة رياض الصلح أمام السراي الحكومية. وصدر عن قيادة الجيش مديرية التوجيه بيان جاء فيه «مع تأكيد قيادة الجيش احترام حق التظاهر السلمي وحرية التعبير عن الرأي وأحقّية المطالب المعيشية التي يطالب بها المتظاهرون، تدعو هذه القيادة إلى التظاهر السلمي وعدم التعدّي على الأملاك العامة والخاصة، وتؤكّد أنّ الإعتداء عليها يخرج عن هذا الإطار وأنّها لن تسمح بالتعرّض لهذه الأملاك، كما تدعو المتظاهرين إلى عدم الخروج عن السياق المطلبي المحدّد للتظاهرة».
وعند الرابعة من بعد الظهر، توجّه المتظاهرون إلى وزارة الداخلية في منطقة الصنائع. واستقدم الجيش والقوى الأمنية تعزيزات. ووضع المتظاهرون مستوعبات النفايات في وسط الطريق المؤدي إلى شارع الحمراء، وأشعلوا النيران بداخلها، مردّدين الشعارات الداعية إلى تأمين البطاقة الصحية، إضافةً إلى مطالب معيشية أخرى، ومنها تأمين العمل والحدّ من العمالة الأجنبية.
كما ناشدوا الناس النزول من منازلهم ومشاركتهم في الحراك، مشيرين إلى أنهم قد ينصبون خيماً في رياض الصلح حتى تحقيق المطالب، وأكدوا أنّ التحرك مستمرّ ووجهوا الدعوة إلى إعادة التحرك ظهر يوم الأحد المقبل.
وقد حصل تصادم بين القوى الأمنية والمتظاهرين وتمّ تسجيل بعض الإصابات.
وتجمّع عدد من المتظاهرين أمام مبنى وزارة السياحة، وعمد عدد آخر منهم إلى تكسير واجهات بعض المحال التجارية في شارع الحمراء الرئيسية، مردّدين هتافات «ثورة»، وسط انتشار أمني بداية من أمام مصرف لبنان.
وتمكنت القوى الأمنية من جيش وقوى أمن داخلي، من تفريق المتظاهرين الذين غادروا منطقة الحمراء. وعاد الهدوء إلى الشارع المذكور وأُعيد فتح المتاجر التي كان أصحابها قد أقفلوها خلال عمليات الشغب التي قام بها عدد من المتظاهرين.
وعند الخامسة والنصف من بعد الظهر، انتقل المتظاهرون إلى طريق المطار. وعند السادسة والنصف مساءً، عاود عدد من الذين شاركوا في التظاهرة، التجمّع أمام السراي الحكومية في ساحة رياض الصلح، وسط تدابير أمنية مشدّدة من مكافحة الشغب وجيش وقوى أمن وفوج الإطفاء، وأكد المتظاهرون أنهم سيعاودون التظاهر يوم الأربعاء المقبل.
صور والنبطية
ونفّذ العشرات من أهالي قرى وبلدات قضاءي صور والزهراني وقفة إحتجاجية، عند طريق عام صيدا صور محلة القاسمية، احتجاجاً على الوضع القائم وتردّي الأوضاع الإقتصادية وتفشي البطالة واستشراء الفساد.
ورفع المشاركون لافتات أكدت «مواصلة التحرك حتى إزالة الإذلال عن المواطن، ولرفع الصوت من أجل حياة كريمة وإحقاق القانون والمؤسسات».
وتخلل الوقفة مهرجان خطابي ألقى في بدايته، كلمة «جمعية دعاء» لمعالجة مرضى السرطان الدكتور فارس بدران، أكد فيها البقاء في خدمة الجميع، مشيراً إلى أنّ «وقفة اليوم ما هي إلاّ لرفع الصوت بوجه الفساد والظلم».
والقى الدكتور غسان فضل الله كلمة شكر فيها القوى الأمنية كافة، لافتاً إلى أنّ «أيّ تحرك سيكون عنوانه رفض الفساد والظلم والمطالبة بوقف الهدر».
بدوره، دعا المهندس سمير الحسيني إلى «المنافسة في خدمة المواطن وليس التزاحم على حصص وزارية».
وأكد الناشط السياسي والإجتماعي عصام فاخوري، أنّ «الذي نقوم به ما هو إلاّ لرفع الصوت عالياً بوجه الظلم والفساد الحاصل في وطن يغرق في الديون ويأكله الفساد المستشري في قطاعاته كافة». وقال «وقفتنا اليوم لأننا نعاني الألم والمستقبل القاتم في وطننا منذ سنوات طويلة، سنوات من الحرمان والقهر وظلم المواطن الذي وصل فيها الى مرحلة لم تعد تطاق. وقفنا لنطالب جماعة السلطة بالعدل والعمل على رفع الحيف عن كاهل الشعب»، مؤكداً «عدم الوقوف مكتوفي الأيدي امام اللصوص والفاسدين، وانّ حراكنا ليس موجهاً ضدّ شخص إنما ضدّ نهج السلطة وفسادها».
وقال «نحن قدّمنا الشهداء والتضحيات في سبيل وطننا لننعم بالأمن والأمان على الصعد كافة وليس ليموت أولادنا على أبواب المستشفيات ودون مدارس وجامعات. ناضلنا لنعيش بكرامة وسيادة».
وفي الختام، تحدّث الأمين العام لـ»التيّار الأسعدي» المحامي معن الأسعد فوجه «التحية لأهل الجنوب الأحرار على المشاركة في هذه الوقفة المطلبية، وقفة سلمية لا تخريب ولا شغب فيها». وقال «سنبقى ثائرين على السلطة وفسادها وتوجهنا ليس ضدّ أيّ شخص إنما ضدّ الفساد المستشري في معظم مؤسسات الدولة وضدّ الفاسدين فيها، سنبقى نرفع الصوت بوجه الظلم والإستبداد».
وختم الأسعد موجهاً التحية للقوى الأمنية كافةً «التي عملت على أمن وأمان المشاركين».
كما نظّم «تحرك شباب الجنوب»، اعتصاماً على مثلث النبطية كفررمان – حبوش ضدّ الفساد والأوضاع الاقتصادية، رفع خلاله المعتصمون لافتات تطالب بمحاسبة الفاسدين وبتوفير الماء والكهرباء وضمان الشيخوخة والطبابة للمواطنين.
وتحدث حسين نور الدين باسم «تحرك شباب الجنوب» فدعا المسؤولين إلى «الإعلان عن ثرواتهم هم وكلّ أفراد أسرهم»، كما طالب بإجراء محاكمات علنية للفاسدين، وتشريع وإقرار قوانين تسمح للقضاء بالتحرك ضدّ أيّ فاسد مهما كان موقعه من دون العودة لأية مرجعية. كما دعا إلى إقرار قانون لاستعادة الأموال المنهوبة، وإلغاء الطائفية السياسية التي يتسلح بها أركان السلطة، وإلغاء الحصانة.
من جهته، اتهم رئيس «حراك المعلمين المتعاقدين الثانويين» حمزة منصور «السلطة بالفساد، هذه السلطة التي تتلذذ بتعيين وزير هنا وتسمية وزير هناك من دون أن يرف لها جفن حرية وأخلاق».
وتحدثت شقيقة الطفلة آية الطيراني التي ذكّرت بأن شقيقتها «توفيت بالسرطان من دون علاج في أحد المستشفيات»، ودعت إلى «إقامة مستشفى لمرضى السرطان في لبنان». كما تحدث عدد من الشباب فندّدوا بالوضع الاقتصادي والمعيشي، مطالبين بإيجاد الحل «قبل وقوع الكارثة».
وقد واكبت الاعتصام والتحرك، دوريتان للجيش وقوى الأمن الداخلي بعدما تسبّب بزحمة سير على المثلث، حيث قامت عناصر قوى الأمن الداخلي بتنظيم السير.
الشمال
كذلك، تجمّع العشرات في ساحة التل في طرابلس بدعوة من ناشطين اجتماعيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ورفعوا لافتات كتب عليها «ثورة المحرومين» و«الطبابة المجانية من حقنا وأطفالنا يموتون على أبواب المستشفيات»، «لا للحرمان لا للظلم نريد عدالة اجتماعية»، في ظلّ انتشار لعناصر من قوى الأمن والجيش اللبناني.
وأُلقيت كلمات شدّدت على الاستمرار بالتظاهرات السلمية لإنصاف أهل طرابلس والفقراء والمحتاجين.
وتوجّه عدد من المتظاهرين في مسيرة من ساحة التل إلى ساحة عبد الحميد كرامي في طرابلس وهم يردّدون هتافات يتّهمون فيها المسؤولين بالفساد، ويطالبون برفع الظلم عن المدينة وتأمين فرص العمل للشباب.
وردّد المتظاهرون في الساحة «ثورة ثورة»، فيما عملت القوى الأمنية على تحويل السير من ساحة عبد الحميد كرامي إلى مسالك أخرى.
ومساءً، جاب عدد من الشبان المتظاهرين على دراجات نارية شوارع مدينة الميناء وهتفوا «ثورة» و«لا للظلم لا للفساد نريد عملاً للشباب»، وسط انتشار لعناصر الجيش على طول أوتوستراد الميناء.