الأسد: العلاقة بين دمشق وطهران قامت على احترام إرادة الشعوب في رسم مستقبلها
أعرب الرئيس السوري، بشار الأسد، عن سعيه لتطوير التعاون مع إيران «لخلق شبكة أكبر من العلاقات» لمواكبة الدول المتوائمة مع نهج البلدين.
وذكرت الرئاسة السورية في بيان أن الأسد استقبل أمس، في دمشق رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الايراني، حشمت الله فلاحت بيشه، والوفد المرافق، مشيرة إلى أن المحادثات تناولت «بحث العلاقات الاستراتيجية التي تجمع بين سورية وإيران، والتي بدأت منذ عقود».
وأوضحت الرئاسة السورية أن اللقاء أكد عزم الجانبين مواصلة تطوير العلاقات الثنائية «بما يحقق مصالح الشعبين في مختلف المجالات وخاصة السياسية والاقتصادية».
وأشار الجانبان، حسب البيان، «إلى ضرورة اعتماد هذه العلاقة كأساس لخلق شبكة أكبر من العلاقات خاصة مع الدول التي تتفق مع سورية وإيران في نهجهما هذا».
وأكد الأسد أن «العلاقة بين دمشق وطهران قامت منذ انطلاقتها على المبادئ والأخلاق واحترام إرادة الشعوب في تقرير مصيرها ورسم مستقبلها بعيداً عن أي تدخلات خارجية، وأن هذا النهج ساهم في تثبيت استقلالية البلدين».
بدوره، اعتبر فلاحت بيشه أن «الإرث الثقافي العريق الذي يمتلكه الشعبان السوري والإيراني شكل أرضية ثابتة وراسخة في مواجهة الدول التي تقف اليوم على أرض مهتزة، لأنها انتهجت سياسة غير أخلاقية ومنافية للقانون الدولي».
وتعتبر إيران إلى جانب روسيا أكبر داعم للدولة السورية في صد العدوان الإرهابي الكوني الذي تمرّ به البلاد منذ العام 2011 ومحاربة التنظيمات المعترفة إرهابية على المستوى الدولي.
وكان رئيس لجنة الأمن الوطني والسياسية الخارجية في البرلمان الإيراني، حشمت الله فلاحت بيشه، قد توجّه إلى سورية، الأحد، لبحث تعزيز العلاقات الثنائية بعد هزيمة تنظيم «داعش» الإرهابي المحظور في روسيا.
وفي السياق، أكد المستشار الأعلى للقائد العام للقوات المسلحة في إيران، اللواء حسن فيروز آبادي، أن وجود مستشاري بلاده في سورية باقٍ طالما خطر الإرهاب ماثل، والحكومة السورية تطلب المساعدة.
وقال آبادي، في حوار مع وكالة «إرنا» الإيرانية الرسمية، أمس، «إن سورية ولمجابهة المجاميع الإرهابية طلبت من طهران إرسال مستشاريها العسكريين إلى البلد»، مشدداً على بقائهم هناك «طالما الحكومة السورية تطلب ذلك».
وشدّد على أن إيران تواصل دعمها لسورية «ما دام الإرهاب التفكيري مستمر بنشاطاته في هذا البلد».
وتنفي الحكومة الإيرانية مع ذلك بإصرار وجود قوات مسلحة لها على الأراضي السورية، قائلة إن مسؤوليها الناشطين في هذا البلد العربي مجرد مستشارين.
إلا أن الولايات المتحدة والعدو الصهيوني اتهمتا مراراً إيران باستغلال الوضع في سورية للتموضع العسكري في هذا البلد واستخدامه كموطأ قدم لشن هجمات ضد الاحتلال الصهيوني في فلسطين المحتلة.
إلى ذلك، شدّد وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، على التزام بلاده التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة السورية.
وقال لودريان «أعتقد أنني شرحت شروط السلام في سورية التي تفرض إجراء عملية انتخابية شفافة، إذا كان الرئيس بشار الأسد مرشحاً فسيكون مرشحاً».
وأضاف أن «الشعب السوري هو مَن يقرّر مستقبله، لكنه لا يستطيع تحقيق ذلك إلا في إطار عملية سلام مصادق عليها من قبل الجميع، وعملية انتخابية تقوم على إصلاح الدستور الحالي»، بحسب تعبيره.
وزير الخارجية الفرنسي رأى أن على جميع السوريين أن يكونوا قادرين على التصويت، مشدداً «هذا يجب أن يشمل النازحين واللاجئين أيضاً».
على الصعيد الميداني، ومع توافد تعزيزات كبيرة أرسلها الجيش السوري إلى جبهات ريف حماة الشمالي، ألمح مصدر عسكري رفيع المستوى لوكالة «سبوتنيك» أن المعركة باتت قريبة.
وتواصل قوافل التعزيزات العسكرية للجيش السوري وصولها إلى الخطوط المتاخمة لمنطقة منزوعة السلاح في ريف حماة الشمالي، وتحديداً قطاع محردة/ الزلاقيات الذي يعد أحد أهم المحاور في تلك الجبهة تبعاً لتقارب خطوط التماس الضيقة، حيث لا تبعد وحدات المقدّمة للجيش السوري سوى كيلومترات قليلة عن المعسكر الرئيسي لمسلحي تنظيم جيش العزة في بلدة اللطامنة، ولطالما حاولت الميليشات المسلحة تنفيذ هجمات باتجاه مواقع الجيش عبر هذه المحور.
مصدر عسكري رفيع المستوى أكد لـ «سبوتنيك» أنه تمّ رفع الجاهزية للقوات المتمركزة على جبهتي ريف حماة وإدلب خلال الأيام القليلة الماضية، مضيفاً «نحن مستمرّون بإرسال التعزيزات العسكرية إلى هذه الجبهات تحسباً لأي طارئ قد تشهده هذه الجبهات وخاصة بعدما سيطر تنظيم «جبهة النصرة» الإرهابي على كامل مناطق إدلب وريف حماة، وما رافق ذلك من تصعيد من قبل مسلحي التنظيم وتزايد وتيرة هجماتهم ضد مواقع الجيش السوري المرابطة على هذه الجبهات.
وعن موعد بدء العمل العسكري على جبهتي ريف حماة وإدلب، أكد المصدر: «نحن اليوم أقرب من أي وقت مضى إلى عمل عسكري حاسم بالاشتراك مع حلفائنا الروس، وخاصة بعدما فشل الطرف التركي بتنفيذ التزاماته وفق بنود اتفاق سوتشي ، بما في ذلك إحجامه عن الضغط على التنظيمات الإرهابية لإنشاء المنطقة منزوعة السلاح وإخلائها من الإرهابيين والأسلحة الثقيلة، وفتح الطريقين الحيويين حماة/ حلب اللاذقية/ حلب أمام حركة الترانزيت والنقل.
وعن المحاور التي يتوقع أن تشهد انطلاقة العمل العسكري على جبهات إدلب وريف حماة، فضل المصدر التريث في الحديث عن محاور الاشتباك والتقدّم، قبل أن يستدرك: لكن، ما نستطيع قوله، أنه من أولويات العمل العسكري للجيش السوري في ريفي حماة وإدلب هو حماية المناطق السكنية القريبة من الجبهات وإبعاد المسلحين عنها وخاصة أن مدينة محردة وقرى سهل الغاب تعرّضت مراراً للعديد من المجازر التي ارتكبتها التنظيمات انطلاقاً من مناطق سيطرتها في منزوعة السلاح ، وذلك عبر الهجمات المتكررة بالقذائف الصاروخية التي شنتها على تلك القرى والبلدات.
ولخص المصدر مجمل الموقف بالقول: الأولوية الآن هي لحماية هذه التجمّعات السكنية من الهجمات.
وعن الحالة المعنوية والعسكرية العامة لقوات الجيش السوري التي ترابط على الجبهات المرشحة للهجوم، بين المصدر أن عناصر الجيش السوري اليوم في أفضل حالاتهم من الناحية المعنوية والعسكرية، التجهيزات العسكرية على أتم جاهزية ونحن مستعدّون للتعامل مع أي ظروف قد تفرضها المعركة في المستقبل.
وختم المصدر في حديثه بالقول: «الجميع يعلم أن معركة إدلب هي معركة مصيرية ولعلها الأهم في المشهد الميداني السوري».
وفي السياق الميداني، أكد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أن تهديد الرئيس دونالد ترامب بـ»تدمير تركيا اقتصادياً» إذا هاجمت المقاتلين الأكراد في سورية لن يؤثر على خطة واشنطن سحب قواتها من هذه البلاد.
ورداً على سؤال بشأن ما يقصده ترامب بعبارة «التهديد اقتصادياً» نصح بومبيو الصحافيين، أثناء مؤتمر صحافي عقده في الرياض أمس، بالتوجّه إلى رئيس البلاد نفسه بهذا السؤال، مرجحاً أن الحديث يدور عن العقوبات الاقتصادية.
وقال: «استخدمنا العقوبات الاقتصادية في كثير من الأماكن، وأرجح أنه يتحدّث عن هذا النوع من الأمور».
وفي معرض تعليقه على خطة إقامة منطقة آمنة عند الحدود التركية السورية، أشار بومبيو إلى أن واشنطن تسعى لضمان أمن من حارب تنظيم «داعش» إلى جانبها ومنع أي هجوم على تركيا من سورية.
وكان الرئيس الأميركي هدّد بتدمير اقتصاد تركيا إن هي هاجمت الأكراد في سورية بعد انسحاب القوات الأميركية منها. وأضاف في تغريدة أنه سيقيم منطقة آمنة بعرض 20 ميلاً لهذا الغرض. في الوقت ذاته ذكر ترامب أنه لا يريد أن يقوم الأكراد باستفزاز تركيا.