عصفور.. لاجئ !!
استيقظَتْ صباحاً في يوم مشمس تتحسّس بسمعها صوتَ عصفورٍ يرسلُ زقزقاتهِ بشكلٍ غريب وكأنّه يطلب النّجدة!!
تعوَّدتْ أن تنام وتستفيق على أصواتٍ صارخةٍ بين أزيز رصاص هنا، وانفجار هاون هنالك،
وصواريخ شؤم تنهال بطيش في كلّ مكان..
انتهت من تحضير قهوتها وشاءت أن تشارك هذا العصفور وحدته على شرفة منزلها الكائن في حيّ عكرمة – النزهة في حمص..
جلسَتْ على كرسيٍّ جانبيّ في زاوية شرفة البيت تتمتّع برؤية العصفور اللاجئ الذي احتمى يركن إلى الزاوية الأخرى من شرفةِ البيت !!
تناولَتْ فنجان قهوتها التي اعتادت احتساءه مع كل صباح..
ومع أوّل رشفةٍ راحت تستذكر ماضياً جميلاً كان يجمعها وعائلتها التي غابت بين قتلٍ وذبحٍ وتعذيبٍ وتهجيرٍ..
وضعت الفنجان على بلاطة سور الشرفة – وفي أوّل تنهيدة متثاقلة يملؤها الهمّ والغمّ، نظرت بعينيها الدامعتين إلى البعيد البعيد، آهٍ لكأنّها سمعت بأذنيها المرهفتين من بعيد بعيد صيحات مشبوهة !!
صارت عادةً، لم تكترث !!
وقد غلب الشوقُ عمْق ذكرياتها المأسوف عليها، تناولت فنجان قهوتها وهي ترتشف منه ما بقيَ منه ومن شريط ذكرياتها !!
لاحت لعينيها، تتنقَّلُ بنظراتهما ما بين الشمس المشرقة من بين ظلال الغيم وبين العصفور الجميل يغرّد لأمان المكان الذي اكتشفه مسروراً به..
تمعَّنَتْ النّظر، ارتعشت يداها، فقد لاحت لعينيها أشباحٌ ما يُشْبه قنّاصات !!
هرولَتْ حذراً تندَلِفُ إلى داخل البيت.. ولكنْ هيهات هيهات..
لم تسعفها سرعتها !!
تناثر بعضها أشلاء.. سال الدم مع قهوتها، غرق العصفور اللاجئ، وانتهى كلّ شيء في المكان، ولكن ؟
لم يهزم الزمان.. لن يهزم الزمان !!
د.سحر أحمد علي الحاره