من «محمد البوعزيزي» إلى «جورج زريق» المشهد واحد

يكتبها الياس عشي

عندما يبدأ الحديث عن الربيع العربي الذي اجتاح تونس قبل عشر سنوات، يحضر أمامك اسم الشاب «محمد البوعزيزي» الذي أحرق نفسه احتجاجاً على قانون جائر يقضي بمصادرة عربة الخضار التي كانت المصدر الوحيد لتأمين لقمة العيش له ولعائلته.

احترق «البو عزيزي»، وتعمّدت تونس بلهيب جسده المخضب برائحة الزيتون، وفرّ رئيسها زين العابدين بن علي، وبدأت تونس تستيقظ من سباتها على إيقاعات جديدة.

اليوم شهيد آخر يضيء سماء لبنان، اسمه «جورج زريق».

اختار المكان والزمان الملائمين كي يتحوّل إلى فاصلة تقف كالسيف بين قطيع أدمن على الانحناء وتقبيل الأيادي والاستعطاء، ورجال يقولون: لا ويموتون وهاماتهم تباهي النسور.

إنّ كلّ حديث عن الفساد والفاسدين لا معنى له، منذ اليوم، إلا إذا مرّ عبر جسد «جورج» الملتهب الذي كتب به السطر الأول في القضاء على الفساد!

مات جورج وترك لنا رسالة في غاية البلاغة والوضوح:

إذا كانت المدارس سجوناً تعلّم الحرية كما يُقال، فلماذا صارت اليوم شركات مغفلة، وأسهماً، وجمعيات دينية معفاة من الضرائب؟

أخيراً

أيها السادة لقد قتلتم جورج مرتين:

المرة الأولى يوم شعر بأنّ كبرياءه أغنى من جسده، فتخلص من جسده، واحتفظ بكبريائه.

والمرة الثانية يوم راحت التبرّعات لعائلته المنكوبة تأخذ شكل الصدقة بأسلوب إعلامي لا يحترم مشاعر أحد.

أيها الطغاة

إقرأوا من جديد قصتي «يوحنا المجنون» و «خليل الكافر» لجبران خليل جبران، لتفهموا لماذا أحرق جسده الشهيد «جورج زريق».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى