غصن: متمسّكون برسالتنا السامية والنضالية كإطار يعبّر عن وحدة العمال وكفاحهم

أكد الأمين العام للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب غسان غصن «تمسُّك الاتحاد برسالته السامية والنضالية كإطار يعبّر عن وحدة الطبقة العاملة العربية وكفاحها من أجل إقامة المجتمع العربي الديمقراطي وتحقيق العدالة الاجتماعية».

وأشار غصن في كلمة خلال مؤتمر الاتحاد المهني العربي للعاملين في التعليم والإعلام والبحث العلمي المنعقد في القاهرة

إلى أنّ الإعلام «يلعب دوراً مؤثراً وفعالاً في حياة المجتمعات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، وقد تخطى فكرة نقل الأخبار والأحداث ونشر المواقف والمعلومات، ولا يخفى على أحد دوره التعبوي والمتطور في تعزيز الوعي الجماهيري والمحرك لاتجاهات الناس نحو مختلف القضايا، خاصة ذات البعد التغييري والنضالي المطلبي المرتبط بشرائح وفئات المجتمع بتنوعهم».

وقال: «عند الحديث عن واقع العمال بما يمثلون من شريحة كبيرة في المجتمع وما تربطهم من مصالح وقضايا وهموم مشتركة لا بد من وجود إعلام قوي ومؤثر يستطيع التعبير عن مواقفهم وتوجهاتهم وإرسال رسائل قوية ومؤثرة ضمن الرؤية والخطاب النقابي الإعلامي، لإبراز دور الحركة العمالية النقابية في رسم السياسات الوطنية، وكشريك في العملية التنموية الاقتصادية والاجتماعية، وهنا تأتي أهمية الإعلام النقابي الذي يعد أحد أشكال الإعلام المتخصص في الجانب النقابي العمالي، حيث يجمع بين الاختصاص في عرض القضايا العمالية والنقابية ومشكلاتها، ومواقفها الوطنية والتزاماتها ومساهماتها الاجتماعية الاقتصادية والسياسية والثقافية، كجزء أصيل من المجتمع باعتبارها تمثل السواد الأعظم والأكثر تأثيراً في واقع مجتمعها».

ولفت إلى أنّ مفهوم الإعلام النقابي «ارتبط بنشأة التنظيم النقابي حيث اهتمت التنظيمات العمالية منذ نشأتها بالإعلام كأحد وسائلها النضالية لإيصال رسالتها، ولإعلام القواعد العمالية عن الأنشطة والبرامج التي تقوم بها والقضايا التي تتبناها، والمطالب التي تناضل لتحقيقها بما ينسجم ويستجيب لتطلعات وطموحات وآمال العمال، في مقابل إعلام مضاد وموجه للرأي العام لإثارة مواضيع وقضايا يريد إيصالها بغض النظر عن مدى مصداقيتها وحقيقتها».

ودعا إلى «المزيد من العمل من أجل التدريب والتثقيف والتعليم الجيد في مختلف المراحل، وهي مهمة تقع على عاتق قيادات العمال خصوصاً نقابات الإعلام والتعليم، من خلال نشر الوعي بمخاطر ما يقوم به الإعلام المنحاز لأصحاب الأعمال الجشعين والرسماليين النيوليبرالية، الذي يصور ما يقدموه وما يقوموا به من مواقف وأعمال وأنشطة تمثل العدالة في توزيع الثروة، وأنهم مناصرين وداعمين للحقوق العمالية من وجهة نظرهم، وما هي إلا محاولات لذر الرماد في العيون بهدف أن تظلّ الحركة العمالية أسيرة مستكينة لسلطة رأس المال يتحكّم بها فارضاً شروطه ومصالحه في سوق العمل، طالما قانون العرض والطلب هو سيد السوق وحملات التضليل والتخويف تحاصر مطالبهم وحقوقهم الاجتماعية، وهنا تكمن الحاجة والضرورة لأهمية وجود الإعلام النقابي المواجه، ليتبنى قضايا الحركة النقابية والعمالية ومصالحها والدفاع عنها وتشكيل رأي عام لدعم مواقفها من خلال العلاقة المباشرة والوثيقة معها، والتفاعل وتسليط الضوء على القضايا والحقوق العمالية، لما تتعرض له من هجوم مستمر ودائم عبر الوسائل الإعلامية المنحازة والمأجورة والتي تروج لمصالح وتوجهات مالكيها من رؤوس الأموال، فالمعركة مع رأس المال وما يمثله من مصالح ومنافع وتعظيم للأرباح على حساب حقوق العمال، مستمرة في ظلّ غياب القوانين والتشريعات التي تحمي الحقوق الاجتماعية للعمال، وضعف المتابعة والتنفيذ والرقابة على سوق العمل، وغياب الوعي تجاه مشاكل العمال وحقوقهم، في ظل الظروف والمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي أضعفت دور العمل النقابي ومؤسساته وقدرته على مواجهة التحديات الإعلامية وجشع وتغول رأس المال، ما يستوجب تعزيز دورها الإعلامي لنشر رسالتها وتشكيل رأي عام وتحشيد مواقف وتحالفات مساندة لنضالاتها، وتقديمها بصورة مبسطة وشاملة للجمهور، وتزويدهم بالمعلومات والأخبار والاحداث والمواضيع المتعلقة بالعمل النقابي، ووضعهم في كل جديد على الصعيد المحلي والدولي، ومتابعة كل الإجراءات والقرارات التي من شأنها المس بالحركة العمالية والنقابية، والضغط والتأثير من أجل وقف هذه المظاهر أو الحد منها، والمساهمة في تطوير وحماية العمال النقابي، ويمكن تحقيق ذلك من خلال خطوات عملية لتطوير الإعلام النقابي ودوره منها:

خطوات عملية لتطوير الإعلام النقابي

– إعطاء أهمية للجانب الإعلامي النقابي وتوفير الإمكانيات واعداد الكوادر النقابية المتخصصة والقادرة على تحقيق الهدف الإعلامي ورسالة التنظيم النقابي العمالي.

– تنظيم الدورات والندوات التي تهتم بتطوير الإعلام النقابي، لتعزيز مهارات وقدرات الكادر الإعلامي النقابي ليكون قادراً على النهوض بالجانب الاعلامي وتبني قضايا ومشاكل العمل وهموم والعمال بجانب القضايا المجتمعية العامة.

– ضرورة تطوير برامج وأدوات ووسائل الاعلام النقابي ومواكبة التحديث والتطور التكنولوجي السريع في خطواته، وبناء مواقع إلكترونية على الشبكة العنكبوتية، وإنشاء المجلات والصحف الإلكترونية، وصفحات التواصل الاجتماعي بهدف نشر نشاطاتها وتطلعاتها.

– العمل على تطوير الأساليب والأدوات والطرق لنشر الخطاب والرسالة الإعلامية النقابية والتي أصبحت تعتمد أكثر على الصورة والاختصار والرموز.

– ضرورة تنسيق العمل بين كافة المستويات والنقابية والإدارية وتسهيل قنوات الاتصال والتواصل بهدف الوقوف على الخبر والحدث عبر التقارير والاتصال الناجح بين كافة المستويات ومأسسة العمل بما يساهم في نقل التجربة ونشر الأخبار حول الأنشطة والبرامج النقابية.

– إنشاء مراكز متخصصة لرصد الانتهاكات والتعديات في ميادين العمل والعمال على جميع الأصعدة واعتمادها كمصدر للمعلومات الموثوقة ومرجعية إعلامية يركن اليها الباحثين والمهتمين بقضايا العمل والعمال.

– وضع خطة استراتيجية للإعلام النقابي مساندة لاستراتيجية العمل النقابي، بهدف تطوير العمل وايصال الرسالة الإعلامية والتشبيك مع المؤسسات الإعلامية لتوسيع نطاق الانتشار للأخبار النقابية والعمالية وتشكيل قوة تأثير في الرأي العام حول قضايا العمال.

– إنشاء مختبر صحافي متطور يشرف على تدريب وإعداد كوادر متخصصة ويصدر عنه كل ما هو إعلامي نقابي بشكل علمي ومنهجي منظم وهادف».

إيصال صوت الحركة العمالية ضرورة

وأكد غصن «أنّ الإعلام النقابي وإيصال صوت الحركة العمالية ضرورة وتحدي يجب أن يكون بمستوى وحجم تضحيات العمال ودورهم الاجتماعي، للمساندة في المعركة التي يخوضونها في مواجهة الاستغلال والتعسف والدفاع عن القضايا العمالية والحقوق الاجتماعية والحماية من المخاطر، من جهة، ودورهم الوطني في مقاومة الاحتلال والتطرف والإرهاب، بحيث يصبح هذا الإعلام النقابي المنبر الحقيقي للعمال ونقاباتهم لطرح قضاياهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والديمقراطية والحقوقية، وهذا سيساهم بشكل أساسي في تعزيز الحركة النقابية العمالية ودورها في المشاركة بصياغة السياسات الوطنية والاجتماعية، بما ينسجم مع توجهات العمال وتطلعاتهم وآمالهم، مما يدعم ويقوي موقف القيادات النقابية في إدارة المعارك المطلبية لصالح القواعد العمالية القطاعية وتحقيق المكاسب المرجو وتوفير الحماية الاجتماعية للعمال».

التأثير على الأمم

وقال: «في زماننا هذا يلعب الإعلام دورا كبيرا في التأثير على الأمم، حيث توصف وسائل الإعلام دائما بأنها السلطة الرابعة، كما يعتبر الإعلام أحد أهم وأبرز وسائل العولمة للسيطرة على الشعوب والأمم. فالإعلام لا يعدّ يكتفي ببث الأخبار وتتبع الأحداث بل بات الآن يصنع الحدث مما ينبغي أن نسلط الضوء على الإعلام الفاسد والموجه من قبل الأعداء لتضليل الناس وتزييف الحقائق والسيطرة على عقولهم بما يخدم أهداف أعداء الداخل والخارج. وكذلك دفع مجتمعنا إلى الانحراف وأخرجه عن قيمه ومبادئه وأخلاقياته وسوقه إلى التقليد الأعمى وجعله يشغف بما ترى عينه ويصدق كل ما يسمع رهينة الاستهلاك ما يجعل عقولنا تستهلك أكثر مما تنتج، والعقل الذي لا ينتج يصدأ يصاب بالركود والجمود».

خريطة طريق لمواجهة الهجرة والبطالة

وتابع: «إزاء هذه التحديات التي يلعب فيه الإعلام دوراً بارزاً، في ظل تحديات أخرى يعاني منها وطننا العربي من بطالة وهجرة ونزوح وإرهاب واحتلال، وهو ما يتطلب من الاتحاد العربي للتعليم والإعلام وضع خارطة طريق انطلاقاً من وثوابت الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب خلال الفترة القادمة والتحرك على أساسها وتضمينها في كل الأنشطة والتأكيد عليها في الخطاب الإعلامي والتعليمي وفي كافة مواقع العمل والإنتاج في قطاعات تلك النقابة العامة هذه الثوابت والمبادي التي يجب أن نركز عليها نلخصها فيما يلي:

1ـ التأكيد على أنّ التحديات التي تواجه العالم اليوم من إرهاب واحتلال وهجرة وبطالة ونزوح تتطلب منا المزيد من التعاون والتحالف من أجل مواجهة تلك السياسات الرأسمالية المتوحشة التي تقود الكرة الأرضية إلى الدمار والضياع وخصوصاً الطبقة العاملة.

2ـ وضع الخطط اللازمة لمواجهة التحديات من أجل تحقيق العمل اللائق وتأمين الحماية الاجتماعية والصحة والسلامة المهنية وحماية حقوق العمال المهاجرين، والحدّ من تهميش المرأة والشباب، والحفاظ على البيئة.

3ـ التأكيد على أنّ دور الاتحادات والنقابات العمالية في هذه المرحلة الخطيرة على العمل المشترك الجامع والموحّد الذي تقوم به تنظيماتنا النقابية الرافضة للاستغلال والتوحش الاقتصادي والعسكري والاجتماعي.

4ـ العمل من أجل ضمان كرامة العامل وحقه بالعمل اللائق وحقّ التنظيم النقابي والتفاوض الجماعي ومواجهة التحديات المختلفة التي تواجه الحركة النقابية العمالية العالمية على مختلف المستويات، لا سيما البطالة والهجرة والنزوح.

5ـ الوقوف ضدّ محاولات تفتيت النقابات والسعي إلى خلق الانشقاق بين المراكز النقابية العربية والأفريقية والعالمية ومحاولات إضعاف الحركة العمالية وتشتيتها لمصلحة القوى الرأسمالية والأنظمة النيوليبرالية.

6ـ مطالبة الحكومات بزيادة بالإنفاق على الحماية الاجتماعية وتوسيع نطاقها والقضاء على الفقر والحدّ من عدم المساواة وفي تعزيز النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية فضلاً عن تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مع التأكيد على ضرورة توسيع نطاق الحماية الاجتماعية لتشمل العمال في الاقتصاد غير المنظم وتحسين ظروف عملهم.

7ـ العمل على تبني برنامج مركز بالتدريب والتعليم لتعزيز الوحدة والعمل المشترك مع كافة الشركاء لتحقيق الأهداف المشتركة ووضع الرؤية وإعداد البرامج وتحديد الأهداف وإيجاد فرص العمل اللائق وتفكيك الاشتباك بين التطور الاقتصادي والتطوير الاجتماعي والحدّ من أسوأ أشكال عمل الأطفال والنساء ورفع مستويات الأجور ومواجهة استخدام اليد العاملة الرخيصة في القطاع غير المنظم والتي تعمل من دون أي حماية اجتماعية.

8ـ السعي مع الشركاء الاجتماعيين نحو وجود تشريعات تحقق التوزان بين أطراف الإنتاج الثلاثة من حكومات وأصحاب عمل وعمال، والتنسيق من أجل محاربة كلّ أشكال الاستغلال والحدّ من تحويل العامل إلى مجرد سلعة ومواجهة العولمة الجائرة والليبرالية المتوحشة وأدواتها الرأسمالية كصندوق النقد والبنك الدولي.

9ـ التأكيد على أنّ الإرهاب لا يتمثل فقط بسفك دماء الأبرياء بل يتمثل أيضاً بالحصار الاقتصادي والمالي والعقاب الجماعي وهو أسوأ أشكال الإرهاب الذي تمارسه الدول الاستعمارية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وأتباعها من الدول الغربية على الدول المستقلة الحرة التي تأبى الانصياع لإملاءاتها والخضوع لهيمنتها وإذلال شعبها.

10ـ الاستمرار في دعم القضية الفلسطينية ورفض التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي والمطالبة بجلاءه عن الأراضي العربية المحتلة، ومواصلة فضح السياسة العدوانية التوسُّعية لدولة إسرائيل التي تُشَكِّل حلقة من حلقات المشروع الأميركي الإمبريالي الذي يهدف إلى الهيمنة على المنطقة والتي تؤدي وظيفتها على صعيد الشرق الأوسط كوكيل عن السياسة النيوليبرالية لحساب أسواق المال والشركات المتعدّدة الجنسيات وصناعات الأسلحة وتشجيع الحروب ودعم التطرف والاحتلال وإحكام السيطرة على منابع النفط والطاقة التي تُشَكِّل هدفاً مركزياً في ما يعرفه الشرق الأوسط من صراعات وحروب كما أنها تُشكِّل بمعنى أعمّ دافعاً للمشروع الأمريكي للهيمنة على المنطقة العربية وزعزعة الاستقرار فيه من خلال الفوضى الخلاقة لقيام الشرق الأوسط الجديد.

11ـ مساندة المقاومة والجيوش العربية الوطنية في معاركها ضد الإرهاب والتطرف.

وأكد غصن تمسك الاتحاد «برسالته السامية والنضالية كإطار يعبّر عن وحدة الطبقة العاملة العربية وكفاحها من أجل إقامة المجتمع العربي الديمقراطي وتحقيق العدالة الاجتماعية»، معتبراً «أنّ هذا مرهون بتحرير الأرض العربية من قوى الاستعمار والهيمنة والاستغلال بكافة مظاهرها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعسكرية، وتحرير فلسطين والأراضي العربية المحتلة من الاحتلال الإسرائيلي، وترسيخ التضامن العمالي العالمي والدفاع عن حقوق العمال انطلاقاً من إعلان فيلادلفيا لعام 1944 والتزاماً بالمبادئ الأساسية التي كرستها المواثيق الدولية ومعايير العمل العربية والدولية».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى