مختصر مفيد الحرب النفسية لا تنفع مع إيران
– يحاول الأميركيون هذه المرة الذهاب إلى التصعيد برفع مستوى التهديد لإيران والتعبير عن جديتهم بالحشود العسكرية ووضع خيار التصادم العسكري على الطاولة، بعدما بلغت حزمة العقوبات المالية الأخيرة بإلغاء الاستثناءات على ثمانية مستوردين للنفط الإيراني يؤمنون تصدير إيران للكمية الأكبر من نفطها، أقصى ما يمكن من الضغط المالي في ظل تعثر أوروبي عن وضع آلية واضحة وفعالة للمتاجرة مع إيران .
– يأمل الأميركيون من ضغوط الحشود منح حلفائهم المعنويات اللازمة لتصليب مواقفهم من إيران ومنع المتردّدين من الموقف المحايد الداعي لحلول وسطية تشكل الدعوة للعودة للتفاهم النووي ركيزتها، ومن بعدها البحث بإمكانيات تفاوض جديدة لتصير الدعوة للتفاوض المفتوح على الملف النووي وسواه. وبالمقابل جعل إيران وحلفاءها تحت ضغط الخوف من اندلاع حرب ومن خسارة تأييد الغالبية الدولية التي تؤيد الاتفاق النووي والتي يراهن الأميركيون على نقلها لتأييد التفاوض المفتوح، أملاً بقبول إيراني ولو بتفاوض غير معلن لكن تفاوض يطال الملف النووي وسواه من موقع تعتقد واشنطن أنه يمنحها الفرصة لفرض الكثير من شروطها والخروج بمعنويات المنتصر في هذه الحرب .
– الذي لا يفهمه الأميركيون هو أن مثل هذه الحشود سبق ورآها العالم حول كوريا الشمالية وحول سورية، لكنها لم تنتج قراراً أميركياً بالحرب، ولم يكن الحال هناك قائماً على قاعدة تفاهم جرى إقراره في مجلس الأمن الدولي وانقلبت عليه واشنطن، ولا كان الحال قائماً على معادلة يعيش سوق النفط العالمي على إيقاع تطوراتها لحظة بلحظة كحال أمن الخليج، ولذلك فما لا ينتبه له الأميركيون انهم يمنحون إيران الفرصة لجعل التصعيد مدخلاً لسياق أرادوه منذ البداية، وهو إشعال القلق على مستقبل السوق النفطية عبر مواكبة الحشود الأميركية بأعمال مباشرة وغير مباشرة تأخذ التصعيد نحو الحرب، لكنها تضع الأميركي أمام إظهار عدم قدرته على الحرب، تماماً كما ظهر مع عمليات استهداف المنشآت النفطية الحيوية للسعودية والإمارات .
– سيكتشف الأميركيون أنهم لا يقدرون على مجاراة إيران في الحرب النفسية إذا كان مضمونها اللعب على حافة الهاوية، وسيصل العالم إلى نقطة على الأميركي أن يختار فيها بين البحث عن حلول لا تحقق له أهدافه وتنطلق من الإقرار بالحقوق الإيرانية أو الذهاب فعلياً إلى الحرب، ومن يدرك معنى الذهاب إلى الحرب وكلفة هذا الذهاب يدرك أن الحرب النفسية التي تذهب إليها واشنطن محكومة بالفشل .
ناصر قنديل