لا حقَّ للعملاء
عبير حمدان
مرت ذكرى التحرير بالتفاتة رسمية أقلّ ما يمكن وصفها أنها دون مستوى الإنجاز الذي تخطى سنّ الرشد حتى إنّ مذكرة التعطيل التي تمّ إصدارها بالمناسبة شكلية ذلك لأنّ يوم السبت هو يوم عطلة وبالتالي لم يتمّ منح يوم بديل عنه كما تجري العادة في مناسبات أخرى.
أضف إلى ذلك أنّ معظم وسائل الإعلام لم تغيّر جدولة برامجها كي لا تخرج من دائرة السباق الموسمي الدرامي ولو كرمى ليوم غيّر وجه التاريخ بقوّة المقاومة ولا شيء سوى المقاومة، مع الإشارة إلى أنّ الجدولة نفسها تغيّرت لسبب لن نخوض في تفاصيله كي لا نتعرّض للمساءلة الافتراضية والقانونية.
وكانت الذكرى عابرة ضمن تقارير إخبارية كنوع من الواجب الذي يفرضه الواجب المهني علماً أنها يجب أن تكون محطة للتأكيد على التمسك بثقافة المقاومة في المجالات كافة، والإعلام عنصر أساسي لترسيخ هذه الثقافة ضمن الإطار الاجتماعي والسياسي والدرامي والتربوي.
في كلّ الأحوال تبقى هذه الذكرى مرتبطة بالأرض وأهلها الذين يدركون قيمة العيد وهم الذين لم يبخلوا يوماً بالصمود ذوْداً عنها، هم الذين حطموا القيود وقارعوا المحتلّ لسنوات وشيّعوا الشهداء وانتظروا لقاء أسراهم. هؤلاء الأسرى الذين كان سجانهم في معتقل الخيام عميلاً للمحتلّ، ومن اختار خيانة وطنه وأهله طوعاً لا يمكن أن تُغفر له «عمالته» تحت أيّ مسمّى أو تبرير…
في العام 2000 حرّرت المقاومة القرى الجنوبية ودخل معها الناس إلى المواقع التي كان العدو يقصف منها المدنيين لسنوات، في هذه المواقع ترك العدو عتاده وقذائفه الغير منفجرة، واندحر مهزوماً يرافقه عملاؤه ومن بقيَ منهم لم تقتصّ منه المقاومة، فأتت محاكمة هؤلاء شكلية ليندمجوا من جديد في مجتمع أساؤوا إليه. اليوم وبعد 19 عاماً من عمر التحرير خاضت فيه المقاومة الكثير من الحروب النفسية والإعلامية وتعرّضت لعملية تشويه ممنهجة ومقصودة، إلى جانب العدوان العسكري الذي شنّه كيان العدو عليها في تموز 2006 بتواطؤ ومباركة أنظمة «الاعتدال»، تمكّنت من الانتصار وفي كلّ الميادين، ليأتي دُعاة «السيادة» ببدعة جديدة يسمّونها حملة «حقهم يرجعوا» يطالبون فيها بعودة العملاء من فلسطين المحتلة، هؤلاء العملاء الذين يقرّون بـ «شرعية إسرائيل» ويخدمون في جيشها ويطوّرون أسلـــحته دون أيّ شــعور منهم بالخجل، هؤلاء الذين يضعون «العلم الإسرائيلي» في بيوتهم ويحملون الجنسية «الإسرائيلية» يأتي من يطالب بعودتهم وعلى هامش عيد التحرير بوقاحة فاجرة!!
لا يمكن للخيانة أن تصبح وجهة نظر، وإلى كلّ من يدّعي «السيادة» نقول هذا وطن الأحرار والطلقة الأولى للبطل خالد علوان وشعلة حساب حبيب الشرتوني لرمز العملاء، هذا وطن سناء ووجدي ونورما ومالك وابتسام… والحاج رضوان عماد الانتصارين، ومصطفى بدر الدين وبلال فحص وأحمد قصير، هذا وطن حمزة الحاج حسن ورفيقيه، وسهى بشارة وأنور ياسين وهادي وجهاد وعميد الأسرى سمير.. وكلّ حرّ سار على درب الخلود ليصون الحق ويحصد العزّ.
لمن يدّعي «السيادة» نقول… دعوتكم ساقطة، وحملتكم خاسرة، وعلى هذه الأرض المقدسة من يملك الحق هم الأحرار ومنهم من أسرج الخيل نحو السماء ومنهم من يتمسك بالسلاح حتى يعيد تشكيل الجغرافيا كما يجب أن تكون… ولا حقَّ للعملاء.