ويلكم يا عرب
أياد موصللي
كنتم خير أمة أخرجت للناس، وكنتم السادة ولكم القيادة والسيادة، وكان العدل أساس الملك عندكم كالعبادة.
كنتم الأعزة فأصبحتم الأذلة، وأصبحتم آخر أمة بين الناس… ملكتم السلطة والمال وفقدتم الكرامة. كنتم الأعلون فأصبحتم رمز الذلة والمهانة. كبيركم أمير وحاكمكم برتبة مخبر أجير.
كنتم تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر فأصبح لكباركم المال معبودهم الأكبر.
أعطاكم الرب الخيرات وأفضل الرسالات والدعوات فلحقتم الشيطان وأخفيتم الفسق تحت العباءات.
صرتم قادة بلا قيادة والخيانة رفيقكم تحت الوسادة ولا زلتم بنظر قادة العالم رعاع رعاة أغنام.
ملكتم السلطان ولكن الذلّ والعبودية كانت لكم عنواناً، ضاعت العزة والكرامة وحلّ محلها الذلّ والهوان.
كان اليهودي عنوان الذلة والمسكنة فجعلتموه سيد المكان. هدم أسلافكم الأصنام والأوثان ونسيتم الله وروح الأديان.
عرفكم الله حق المعرفة ووصفكم بما أنتم يا عربان والأعراب أشدّ كفراً ونفاقاً . شعوبكم تئن من الفقر والجوع وفقدان الرعاية والحنان…
الأجنبي يقودكم ويراكم كما يرى العبد والحيوان. إلامَ الذلّ يبقى في نفوسكم بدل الكرامة والعنفوان.
لقد اتقنتم فنّ السمسرة والعمالة وبيع الوجدان…
صدق فيكم جبران خليل جبران حينما وصفكم فقال: «ويل لأمة تنصرف عن الدين الى المذهب»… أما هكذا انتم اليوم؟
ويل لأمة تكره الضيم في منامها وتخنع إليه في يقظتها… أما هكذا أنتم اليوم…؟
ويل لأمة لا ترفع صوتها إلا إذا سارت وراء النعش ولا تفاخر إلا إذا وقفت في المقبرة، ولا تتمرّد إلا وعنقها بين السيف والنطع… أما هكذا أنتم اليوم…!
ويل لأمة سياستها ثعلبة وفلسفتها شعوذة… أما هكذا أنتم اليوم؟
ويل لأمة تقابل كلّ فاتح بالتطبيل والتزمير ثم تشيعه بالفحيح والصفير لتقابل فاتحاً آخر بالتزمير والتطبيل… أما هكذا أنتم اليوم…؟
واقول لكم: ويل لأمة حاكمها كذاب وأميرها نصاب وقادتها حُجّاب وشعوبها تحت أقدامهم كالتراب وفي سمائهم كالذباب…
ويل لأمة ينطبق عليها القول: وضربت عليهم الذلة والمسكنة ولعنوا بما فعلوا ولن تغنى عنهم أموالهم… هؤلاء الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها… وها هم اليوم… أفسدوا حياتنا!
يا عرب يا نيام استفيقوا واخرجوا من أحلام الخيام. عدوكم أماط اللثام ويحاول اجتثاثكم من الأرحام. أنتم في فرقة وخصام وهو في وحدة والتحام. «إسرائيل» مع أوروبا باتفاق ووئام ودولتها الكبرى تدغدغ الأحلام. أيذلكم يا أهل الرسالات أولاد اللئام ويصبحون نسوراً وأنتم كالحمام. كنتم السادة والقادة والحكام وهم عبيد أقزام كالأنعام.
في حطين جعلنا جموعهم حطاماً وكسرنا سيوفهم ورفعنا الأعلام. لماذا تركتم لهم صدر المقام؟ وكبيركم ذليل أمامهم. مهد المسيح برجسهم دنّسوه، والمسجد الأقصى عليكم حرّموه. لماذا لا تعودوا إلى وحدة ما بعدها خصام ويسكن الحب أجسادكم حتى العظام. لماذا… لماذا…؟