صفقة القرن: تجديد الوهم
العلامة الشيخ عفيف النابلسي
منذ مدريد وأوسلو لم يُوضع تصوّر أميركي لما يُعرف بـ «عملية السلام» ونجح، ولن يُوضع تصوّر في المستقبل ويمكن له أن ينجح، لأنّ قضية فلسطين قضية حقّ، وما لم يعد الحق إلى أصحابه فإنّ كلّ ما يُطرح في إطار تسوية الصراع محكوم بالفشل. وعليه فإنّ صفقة القرن هي كمثيلاتها من المبادرات والمشاريع ستلقى حتفها على نحو أكيد. ما يمكن أن نتنبّأ به هو اتساع مساحة الرفض في العالم العربي لا انكماشها كما يصوّر بعض الإعلام الكاذب، وعند الفلسطنيين يصعب العثور على جهة لها حضور سياسي ومكانة شعبية يمكن أن تقبل بهذه الصفقة المشينة.
ليس صحيحاً أنّ الأقوياء يفعلون ما يشاؤون والضعفاء لا يفعلون شيئاً. الشعب الفلسطيني رغم كلّ أوضاعه المأساوية لن يتنازل عن أرضه وحقه ببضعة مليارات من الدولارات، والشعوب العربية والإسلامية لا تنفذ رغبة أميركا و»إسرائيل» ولو كانت تعيش ضنك الحكومات العميلة.
وإذا كانت الإدارة الأميركية والسلطات في بعض الدول العربية صريحة تماماً في ما يتعلق بهذه الصفقة، فإنّ الشعوب في المقابل هي صريحة بمواجهتها لهذه المشاريع.
وكما لا يمكن تحويل المعادن إلى ذهب كذلك لا يمكن تحويل صفقة القرن إلى تسوية عادلة وإلى حق كامل للشعب الفلسطيني.
لم تعد الطريق طويلة رغم قساوة المشهد العربي والتردّي العام الذي تعيشه الأمة والحروب التي تستنفذ إمكاناتها وقدراتها. هم يتقدّمون إلى وهمهم، ونحن نتقدّم إلى حقيقتنا. هم يواصلون الفجور، ونحن نواصل المقاومة.
هم يعملون على طمس فلسطين، ونحن نعمل على جعلها شعلة الأرض. هم يرغمون الحكومات على بيع فلسطين، ونحن نبيع الله دماءنا لتبقى فلسطين لأهلها عاصمة الحق والإيمان، عاصمة الأوفياء والشرفاء، عاصمة المقاومين الذين سيلتقون من طهران وصنعاء وبغداد ودمشق وبغداد وبيروت ليرفعوا راية النصر الأكبر!