«ڤوكس»: 6 حلول قد يتخذها الرئيس الأميركي المقبل لإصلاح «كارثة» ترامب
استهلّّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب الشهر الحالي بفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 10 على بضائع مستوردة من الصين بقيمة 300 مليار دولار، بدءاً من أول سبتمبر أيلول . وكان الردّ الصيني بخفض قيمة اليوان أمام الدولار إلى 7.1137 في التعاملات الخارجية، و7.0424 داخل البلاد.
وبينما قال بنك الصين الشعبي: إنّ اليوان تراجع مدفوعاً بـ«تدابير حمائية تجارية أحادية الجانب، وفرض زيادات في التعريفات الجمركية على الصين»، انزعج ترامب من خفض قيمة اليوان مقابل الدولار إلى أدنى مستوياته خلال عقدٍ تقريباً، وأمر وزارة الخزانة الأميركية بتصنيف الصين «دولة متلاعبة بالعملة».
هذه السياسة التجارية الصِدامية الذي ينتهجها ترامب كانت محلّ استهجان الكاتب جاريد بيرنشتاين، وهو زميل أقدم في مركز الميزانية والأولويات السياسية، وكان كبير المستشارين الاقتصاديين لنائب الرئيس جو بايدن من 2009 إلى 2011، في مقال نشره موقع «فوكس».
ووصف بيرنشتاين السياسة التجارية التي ينتهجها الرئيس الأميركي بأنها «كارثية»، وأضاف: «كنت أتمنّى أن أذكر بعض الجوانب الإيجابية لهذه الحرب التي اختارها ترامب، لكن لا يوجد ما هو إيجابي».
لكن إذا كانت سياسة ترامب التجارية كارثية، مع إمكانية إلحاق ضرر دائم بسلاسل التوريد والتدفقات التجارية والاستقرار العالمي، فإنّ ذلك يثير تساؤلاً مهماً: كيف تبدو السياسة التجارية الجيدة؟
يقترح الكاتب ست أفكار أساسية لإصلاح السياسة التجارية الأميركية:
1. لا مزيد من التعريفات الجمركية الشاملة
قد تكون التعريفات الجمركية الشاملة مفيدة أحياناً، لكن مشكلة ترامب أنها شاملة أكثر من اللازم. ستكون أكثر جدوى إن كانت دقيقة، وموجهة نحو بضائع معيّنة تغرق البلاد بأسعار أقلّ كثيراً من قيمتها السوقية كي تستحوذ على السوق.
لكي تكون هذه الخطوة فعّالة يجب أن تكون الإدارات مستعدة للتحرك بسرعة لملاحقة مثل هذه الممارسات، وهذا ما فعله الرؤساء على كلا الجانبين في الواقع.
على سبيل المثال، قبل حوالي عقد من الزمان، فرضت إدارة أوباما تعريفة على درجة معينة من صادرات الإطارات الصينية، التي اعتقدت وزارة التجارة الأميركية أنها تباع بنسبة تقل 200 عن قيمتها السوقية العادية.
ولطالما شجب مستوردو الدواجن الأميركية الإغراق المزعوم الذي يمارسه المصدّرون الأميركيون، وقائمة التحقيقات الأميركية الحالية لمكافحة الإغراق تشمل الصلب من الهند، والطماطم من المكسيك، وشيء يسمّى كروم السترونتيوم لا تسألني عما يعنيه ذلك! من فرنسا.
يعترف الكاتب بأنّ هذا المقترح ربما لا يكون على ذات القدر من الجاذبية التي تبدو عليها التعريفات التي يفرضها ترامب على كلّ شيء قادم من الصين، لكنها طريق أكثر شرعية لتجارة تتمتع بقدر أكبر من العدالة.
2. العجز التجاري ليس جيداً دائماً
المشكلة الأخرى في نهج ترامب الحالي هو أنه يستهدف تحقيق تجارة متوازنة، وعلى الجانب الآخر يرى مناصرو العولمة أنّ العجز التجاري أيّ تجاوز واردات الدولة لصادراتها غير مؤذ دائماً الأمر الذي يمثل مشكلة أيضاً.
بالتأكيد هناك أوقات قد يكون العجز التجاري المتزايد مطلوباً فيها، ويحدث ذلك عندما يُمَكّن المستهلكين والمستثمرين الأميركيين من الإنفاق والاستثمار أكثر مما ننتج، لكن العجز التجاري يُعَقِّد المشكلة عندما يكون الطلب على السلع ضعيفاً، كما أنه يشكل عائقاً آخر أمام النمو، ولا يمكن تعويضه بالمزيد من النشاط القادم من القطاعات غير القابلة للتداول.
ويقترح المقال ثلاث خطوات: أولاً، يجب أن نعترف بالمشكلة: العجز التجاري ليس حميداً دائماً. ثانياً، يجب أن نحدّد الفترات التي يضرّ فيها العجز التجاري أسواقنا، وتقليص الطلب الذي لا تعوّضه مكوّنات نمو أخرى. ثالثاً، في مثل هذه الأوقات، يجب علينا تقليل الاختلالات التجارية من خلال الاستثمار في مُصَدِّرينا، وكبح جماح اختلال العملة.
3. سياسات صناعية موجهة نحو التصدير
تشكيل العولمة يعني البحث في الأرجاء للعثور على فرص جديدة ومثمرة للمصدّرين الأميركيين من أجل تلبية المطالب العالمية، وتمكين المنتجين الأميركيين من تلبية تلك المطالب. وتعتبر التكنولوجيا الخضراء، بما في ذلك الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وتخزين الطاقة، أهدافاً واضحة، مثل الروبوتات والذكاء الاصطناعي والجينوميات والنقل والزراعة المستدامة.
هناك طريقتان للمضيّ قدماً في تلك العملية، بحسب بيرنشتاين: أ. مساعدة صغار المنتجين على الارتباط بسلاسل التوريد العالمية، ب. تقوية الروابط بين البحث والتطوير وتوسيع الإنتاج والتصدير إلى مناطق جديدة.
وفي حين تمتلك الولايات المتحدة بالفعل وظائف حكومية تؤدي كلا الدورين، ينصح المقال بتوسيع نطاقهما وتعزيزهما.
4. صياغة الصفقات التجارية بمشاركة مجموعة أكبر من أصحاب المصلحة
من اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية إلى إتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي، لم تكن الصفقات الأميركية التجارية تتعلق بتخفيض الرسوم الجمركية وتحرير التجارة، بل كانت بمثابة قواعد فنية حول كيفية إدارة التجارة بين البلدان ذات النظم والمعايير القانونية والمالية والعمالية والبيئية المختلفة.
حتى الآن من يكتب تلك الصفقات هم المستثمرون، وليس العمال أو المستهلكون لذلك ينصح بيرنشتاين بكتابة القواعد الجديدة بأيدي المدافعين عن العمال والبيئة والمستهلكين.
5. التلاعب بالعملة والتصدي لها
تفتقد السياسة التجارية الأميركية منذ فترة طويلة آليات الضغط لكبح التلاعب بالعملة، وفي أعقاب الصراع الأميركي – الصيني الأخير، طفت على السطح مشكلة البلدان التي تسعى باستمرار لخفض قيمة عملتها مقابل للدولار لجعل وارداتها أرخص.
يشير الكاتب إلى أنّ أكثر الطرق فاعلية للتصدّي لمشكلة التلاعب بالعملة هو تعويضها إما عن طريق فرض الضرائب عليها، أو جعلها أكثر تكلفة، أو انتهاك سياسة التعامل بالمثل: إذا اشتروا الدولار من أسواق الصرف الدولية لرفع سعر صرف الدولار نشتري ذات المبلغ من عملتهم لتعويض الاختلال.
6. تقديم مساعدة حقيقية للمتضرّرين
ويضيف بيرنشتاين أنّ ترامب قضى على الفكرة الخاطئة القائلة بأنّ الجميع يربح من التجارة الموسعة، رغم أنه لم يكن ينوي أبداً مساعدة المتضررين منها. على العكس من ذلك، تعيد خطته الضريبية توزيع الدخل أكثر في الطبقات الأعلى مما يؤدّي إلى تفاقم عدم المساواة. وينبغي أن تصحّح السياسة الخارجية البديلة بتصحيح هذا الوضع.
وطرح الكاتب فكرتين لسياستين واعدتين هما: اعتمادات ضريبية قابلة للاسترداد لأولئك الذين لا تكفي أرباحهم لتغطية نفقاتهم في المقام الأول، وتوفير فرص عمل مدعومة في الأماكن التي تأثرت بالاختلالات التجارية ما تسبّب في تقليص الطلب على العمالة لفترة طويلة.
بالطبع هناك الكثير من التفاصيل التي ينبغي طرحها: كيف نتعرّف على العملات المُختَلَّة؟ وما هو برنامج الوظائف الأكثر فاعلية للعمال الذين شرّدتهم التجارة؟ وما هي أفضل القطاعات للحصول على حصة سوقية عالمية جديدة؟
يعترف بيرنشتاين بأنّ هذه أسئلة صعبة، لكنها الأسئلة التي ينصح بطرحها «إذا كان هدفنا في النهاية هو بناء هيكل سياسة لا تتجاهل ولا تزيد من حدة التحديات التي تفرضها التجارة الدولي».
ساسة بوست