باسيل في الاجتماع الوزاري العربي: عودة سورية إلى الجامعة تمثّل الردّ الأول على العدوان التركي
شدّد وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل على ضرورة عودة سورية إلى الجامعة العربية، متسائلاً «ألم يحن الوقت بعد لعودة سورية الى حضن الجامعة العربية، ووقف حمّام الدم والإرهاب، وموج النزوح واللجوء؟». واعتبر «أن عودة سورية تمثل الرد الأول من الجامعة بوجه العدوان التركي على الأراضِي السورية، وكي لا يضيع شمال سورية كما ضاع الجولان السوري».
وأكد باسيل في الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب في القاهرة أول من أمس، أننا «لا نجتمع اليوم ضد تركيا، نجتمع اليوم من أجل سورية، في غياب سورية، نجتمع من أجلها ونجمع من أجلها، ولكن نغيّبها فقط من أجل أن تكون غائبة».
وسأل «ألم يحن الوقت بعد لعودة سورية الى حضن الجامعة العربية؟ ألم يحن الوقت بعد لوقف حمام الدم والإرهاب، وموج النزوح واللجوء؟ ألم يحن الوقت لعودة الإبن المبعَد والمصالحة العربية – العربية؟ أم علينا انتظار الأضواء الخضراء من كل حدب وصوب؟ إلا الضوء العربي الذي عليه اليوم أن يضيء مشعشعاً كأول رد من الجامعة بوجه العدوان التركي على أراضي سورية العربية، كي لا يضيع شمال سورية كما ضاع الجولان السوري، وكي لا تتقاسمنا القوى، وتستفرد بنا الواحدة بعد الأخرى، حتى كأننا ما فهمنا بعد كيف أصابتنا كلنا، الدولة تلو الأخرى، بدءاً بلبنان وانتهاء بسورية».
أضاف «شُرّد الشعب السوري، وهُجّر من منازله وتناثر في العالم كله لاجئاً ونازحاً يبحث عن الأمن والأمان، وتدخلت دول العالم كله في هذا الصراع، ودفعت دولاً عربية كلبنان والأردن والعراق أثماناً باهظة اقتصادية واجتماعية وأمنية، في ظل تورط عربي وتدخل أوروبي وتواطؤ أصحاب المصالح والأطماع، وغض نظر البعض وانسحاب البعض الآخر تاركاً الشعب السوري لمصيره، يواجه آلة القتل والنار، فيُقتل الأبرياء باسم المناطق الآمنة، ويُحجز النازحون باسم العودة الطوعية، وتدمّر المدن باسم الحل السياسي الذي يريده البعض أن يسبق الأمان والعودة وإعادة الإعمار».
وأردف باسيل «اليوم قد يرى البعض أن مصلحة لبنان هي في تأييد العملية العسكرية التركية، حيث إنها تسعى إلى تأمين منطقة آمنة يعود اليها اللاجئون السوريون الذين هربوا، مما سوف يمهّد بالمقابل لعودة النازحين السوريين في لبنان إلى المناطق الآمنة التي تخضع للحكومة السورية، وقد يعتبر البعض الآخر أن مصلحة لبنان من جرّاء العملية هو منع قيام الكيان الكردي الذي يهدد وحدة أراضي أربع دول هي إيران وتركيا وسورية والعراق، والذي إن قام، فسيؤسس لقيام كيانات طائفية أخرى في المنطقة لن يسلم منها لبنان ما يؤدي إلى تقسيمه، لكن موقف لبنان مبدئي سيادي ووطني عروبي، حيث لا يمكن الاعتداء على أرض عربية سورية أصيلة من دون وقفة منّا. أما مصلحة لبنان الأكيدة فهي في إجماع عربي مبدئي يحمي كل دولة عربية، كبيرة كسورية أو صغيرة كلبنان، من أي اعتداء على أرضها أو شعبها أو كرامتها. وحده الحق ومبدأ العدالة والقانون الدولي هو الذي يعطي الحماية المستدامة».
وطالب «بتأييد الدعوة التي أطلقتها من على هذا المنبر بالذات منذ أكثر من سنة لعودة سورية إلى مقعدها الفارغ منذ ثماني سنوات». وقال «نحن مطالبون اليوم بأكثر من إدانات كلامية ومواقف إعلامية، نحن مدعوون الآن لأخذ موقف عربي وبالإجماع لعقد قمة طارئة للجامعة وبكامل أعضائها، تكرس المصالحة وتضع خطط المواجهة لما يخطط لنا، وكل ما هو أقل من ذلك لن يأخذه أحد جدياً ولن يعيره التركي اهتماماً ولن يردع غير العربي عن المسّ بنا».
وتابع «فلا يجوز أن نقبل بعد اليوم أي اعتداء إسرائيلي أو تركي أو من أية جهة أتى على دولة عربية أو على شعب عربي، ولا يجوز أن نبقى مللاً وطوائف متناحرة، خائفين من بعضنا بعضاً ومتوجسين من الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان».
وسأل «ما الذي يمنعنا اليوم من فتح قنوات الحوار مع بعضنا ومع محيطنا بحثاً عن سلام داخلي، أو فتح جبهات القتال بحثاً عن سلام خارجي؟ فالجغرافيا أقوى ديكتاتور لا يمكن تغيير ما تفرضه علينا، أما التاريخ فهو أفضل معلم يمكن الاستفادة منه أو التغاضي عن دروسه، ولكن لا يمكن أن نضع رأسنا في الرمل ولا نرى في الجغرافيا ولا نقرأ في التاريخ. فالحوار الصريح هو الخيار الصحيح، دون أن يظن أحد أن في التحاور ضعفاً وهزيمة، ودون أن يظن أحد أن محادثاته السرية سوف تعطيه القوة والنصر، أو تقيه شر أعداء المنطقة الحقيقيين، ودون أن يظنّ أحد أن بإمكانه منفرداً الوصول الى شاطئ الأمان. فإما أن نعمل معاً وننتج منطقة استقرار وطمأنينة وازدهار فنصل معاً، وإلا لن يصل أحد، وسوف يتم الاستفراد بنا واحداً بعد الآخر وسينتج عن ذلك خراب عظيم، أعظم مما هو حاصل اليوم».
ولفت الى «ان مزيجاً خاصاً من المبدئية والواقعية هو الحل الأمثل لأزماتنا».
وختم باسيل «لنترك الماضي السيئ وخلافاته وراءنا وننظر إلى يومنا هذا حيث نحن مدعوون للعمل معاً، فنضم أصواتنا إلى جانب سورية، ونتخذ الإجراءات الرادعة بحق مَن ينتهك حرمة أوطاننا».
وأثنت شخصيات وقوى سياسية على كلمة باسيل، فأشاد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، في بيان، بـ»الموقف الشجاع» لباسيل حول عودة سورية إلى مقعدها في الجامعة، مؤكداً أنه حان الوقت لعودتها مكرّمة مشكورة، لأنها صمدت بقيادتها وجيشها وشعبها، أمام أخطر مؤامرة لتدمير سورية المقاومة، تمهيداً لتمكين «إسرائيل» من المنطقة.
أضاف قاسم «كما حان الوقت لوقف حمام الدم والإرهاب وموج النزوح، بسبب سياسات أميركا وحلفائها وعدوانهم على سورية»، وتوجّه إلى باسيل قائلاً «إن كلمتكم يا معالي الوزير جبران، جاءت في وقتها، علها توقظ المخدّرين بوعود السلطة والحماية الكاذبة، وليعلم حكّام العرب، أن تحاورهم وتعاونهم ومعالجة قضاياهم معاً، هو ربح لهم جميعاً، وكف لأيدي المحتلين والمعتدين والإرهابيين، الذين تديرهم أميركا وإسرائيل».
ورحّب رئيس «الحركة الشعبية اللبنانية» النائب مصطفى حسين بموقف باسيل في جامعة الدول العربية لجهة المطالبة بإعادة عضوية سورية، معتبراً «أن هذا الموقف يشكل الاتجاه الصائب والحكيم»، متمنياً أن يشكل هذا الموقف منطلقاً للأداء اللبناني تجاه سورية، بما يصب في إطار عودة التنسيق والعلاقات الطبيعية والطيبة بين لبنان وسورية لما فيه مصلحة اقتصادية وسياسية للبنانيين والسوريين.
وحيّا الوزير السابق وئام وهّاب موقف باسيل «وكل المواقف العربية الداعية لعودة الجامعة إلى سورية مع عدم احترامنا لموقف الدويلة القطرية العظمى».