معرض بعنوان «منحوتات من وحي تدمر» للعازفة والتشكيلية رانيا معصراني في دار الأسد… تجسيدٌ ما بين الموسيقى والنحت
رشا محفوض
اليد التي عزفت أجمل الألحان العالمية هي ذاتها من نحتت روائع الآثار السورية وبعد أن عرفت رانيا معصراني كعازفة كمان في أهم الفرق الموسيقيّة احتضنتها دار الأسد للثقافة والفنون التي لطالما عزفت على مسارحها لتعرض أعمالها التشكيلية في مجال النحت.
اختارت معصراني عنوان معرضها «منحوتات من وحي تدمر» وهي التي أوجعها كما كل السوريين نهب الإرهابيين للآثار وتدمير المعابد فانطلقت فكرة المعرض من زيارتها لعروس الصحراء عام 2016 خلال فعالية بوابة الشمس الثقافية التي أقيمت على مسرح تدمر الأثريّ، وانصرفت منذ ذلك الوقت إلى صياغة منحوتات تستلهم الأوابد التدمرية كمن يستعيد ما دمّر فاستسلمت لسحر النحت التدمري واستلهمت من أيام الحرب الطويلة تفاصيل وثقتها بكاميرتها.
استخدمت معصراني في منحوتاتها الطين كونها مادة الحضارات القديمة حيث تضمن المعرض نقوشاً من قصر الحير الشرقي ومعبد بل الأثري وتفاصيل من الحياة التدمرية والشخوص والوجوه بحالات نفسيّة مختلفة وتأمّلات إنسانية وكان للتراث الصوفي حيّز من المنحوتات من خلال حركات رقصة المولوية.
كما ضمّ المعرض لوحات جدارية بتقنية الرسم العجمي، حيث نقلت معصراني المتلقي من أعمال صغيرة الحجم إلى ما يشبه الجداريات محاكية فيها الحضارة التدمرية بتفاصيلها الطبيعية ونخيلها الباسق.
وفي تصريح صحافي لها أكدت معصراني أن اختيارها لصالة المعارض في دار الأسد لعرض نتاجها الفني جاء لأنها مكان عزيز عليها ومرتبط بذاكرتها منذ أن كانت طالبة في المعهد العربي للموسيقى وشهدت مع زملائها ومؤسس المعهد الموسيقار الراحل صلحي الوادي مراحل بنائه فهو مكان له وقع خاص في روحها.
ولفتت إلى أن تدمر حضارة عظيمة مقترنة بذاكرتها منذ أن كانت طفلة ولا سيما زياراتها المستمرة لها مع عائلتها، مشيرة إلى أنه عند زيارتها لها عام 2016 تأثرت لما عاشته هذه المدينة من إرهاب، فعملت على رصد الحياة التدمرية بتفاصيلها لتجسّدها في منحوتاتها، مبينة أنها عملت على إضافة لمستها الخاصة وتحديداً في منحوتات الوجوه لكون الوجوه التدمرية توصف بالقاسية.
وأكدت معصراني أن سورية بلد الحضارات وعلينا تقدير ما نمتلكه من إرث ونحميه، موضحة أنه في الحروب يتوجّه الأعداء لتدمير الحضارة لجعل الشعوب بلا هوية وتاريخ والحرب على سورية تصبّ في هذا الجانب، حيث تعمد أعداؤنا أسلوباً ممنهجاً لتدمير حضارتنا وهويتنا، لافتة إلى أن أكثر ما تأثرت به هو تدمير معبد بل فهو بنظرها كارثة بحق الإنسانية جمعاء.
وأشارت مديرة التخت الشرقي النسائي عازفة القانون ديمة موازيني إلى أن رانيا فنانة تشكيلية لها بصمتها في الوسط الفني وعادت اليوم من خلال لمسة فنية جديدة وجميلة معتبرة أن دمج الموسيقى مع الفنّ التشكيلي له تأثير مهم على المتذوقين.
عازفة الكمان الأول في الفرقة السيمفونية الوطنية الــسورية رزان قصار قالت إن هذه الحالة التي تقدّمها رانيا ليست بجديدة علينا ونحن متابعون لها منذ عام 2003 ومعرضها اليوم حالة انسانية خاصة وهي مكانة تدمر في وجداننا.
يذكر أن رانيا معصراني متخرجة المعهد العالي للموسيقى وعضو مؤسس في السيمفوني السوري عام 1993 وعازفة كمان في العديد من الفرق الموسيقية السورية. حازت عام 2011 الميدالية الفضيّة من الجمعية الأكاديمية الفرنسية للفنون والعلوم والآداب ولها العديد من المعارض التشكيلية في مجال الرسم والنحت داخل سورية وخارجها.