الأحلام تتحوّل إلى سراب
كتبت صحيفة «روسيسكايا غازيتا» الروسية: السياسيون والبرلمانيون الفرنسيون يناقشون مسألة المواجهة بين الغرب وروسيا بشأن الأزمة الأوكرانية. طبعاً الاختلافات في وجهات النظر كبيرة وواضحة. الموقف الفرنسي الرسمي مؤيد لواشنطن، ولكن هناك عدداً من السياسيين والدبلوماسيين الذين لديهم مواقف ووجهات نظر مختلفة. من بين هؤلاء عضو حزب «الاتحاد من أجل الحركة الشعبية»، عضو البرلمان الفرنسي تيري مارياني.
يقول مارياني بشأن الأزمة الأوكرانية: «الحقيقة شيء ثابت ولا تقبل النقاش، ففي عام 2010 انتخب فيكتور يانوكوفيتش رئيساً للبلاد بصورة شرعية وديمقراطية، والانتخابات التالية يجب أن تجري في السنة المقبلة. أي كان من المفروض انتظار موعدها كما يجري في البلدان الديمقراطية، وكان الناخبون سيقرّرون من سيحل محله في هذا المنصب. الشيء المثير هنا هو موقف الاتحاد الأوروبي المساند للمعارضة. كما ساهمت الولايات المتحدة في زعزعة الاستقرار هناك، إذ يتذكر الجميع تصريحات فيكتوريا نولاند ومضمون اتصالها الهاتفي بشأن السياسي المعارض الذي تراهن عليه واشنطن. لقد أطيح بحكومة شرعية بانقلاب، وبدلاً من توحيد الأمة، اتخذت الحكومة اجراءات لتوسيع الخلافات وإلغاء اللغة الروسية كلغة رسمية ثانية في أوكرانيا، ما أثار غضب الناطقين بها».
ويضيف مارياني: «أعتقد ان أوروبا سارت بصورة عمياء خلف دول «جديدة» في الاتحاد الأوروبي كبولندا وجمهوريات البلطيق. لأن هذه الدول هي التي دفعت بروكسل لاتخاذ موقف مشدّد من موسكو. أما الولايات المتحدة، فقد استخدمت الأزمة الأوكرانية لصرف الأنظار عن فضيحة التنصت التي كشفها سنودن».
أما بخصوص العقوبات التي فرضها الغرب ضدّ روسيا، فيقول مارياني: «إن الأميركيين خبراء في مسألة فرض العقوبات، ومع ذلك لا أتذكر أن أحداً وضع قائمة لمعاقبة المسؤولين في الولايات المتحدة، عندما غزت العراق من دون تفويض من هيئة الأمم المتحدة. أعتقد أن واشنطن ترغب برؤية أوروبا منقسمة إلى قسمين. وكما جاء في كتاب «رقعة الشطرنج الكبرى» لبزيغينسكي، أنه ليس من مصلحة الولايات المتحدة وجود تكامل اقتصادي بين شرق وغرب أوروبا، وبالتالي تكون قوة سياسية كبيرة. أي أنّ واشنطن لا تريد من ينافسها في مجال التكنولوجيا وفي الثروات الطبيعية. أوروبا حالياً ليست موحدة أكثر من أمس. وعندما تطلب واشنطن من أوروبا الاستغناء عن الغاز والنفط الروسيين، وتبديلهما بالغاز والنفط الصخريين من الولايات المتحدة، فهي تعبر عن مصالحها بصورة واضحة».
وبشأن قرار الناتو بتوسيع التعاون العسكري مع كييف، يقول البرلماني الفرنسي: «إنه قرار خاطئ، لأن أوكرانيا تعتمد على المساعدات المالية التي وعد بها صندوق النقد الدولي والغرب، تحت شروط اقسى بكثير من التي فرضت على اليونان».
ويشير مارياني إلى أن أوكرانيا ليست مثل كرواتيا أو سلوفينيا، فمساحتها تعادل مساحة فرنسا، واقتصادها لا يتناسب مع المعايير الأوروبية، لذلك فإن قبولها في الاتحاد الأوروبي سيكون كارثة، للاتحاد ولأوكرانيا نفسها.
وبحسب رأي مارياني سوف تسوء الأوضاع الاقتصادية الاجتماعية في أوكرانيا، ما سيؤدّي إلى انتفاضة شعبية للتخلص من الأعباء الملقاة على كاهله، وسيدرك الناس أن الاحلام ضمن الاتحاد الأوروبي هي سراب، وعليهم دفع ثمنها باهظاً.