السعودية تترسمل للمفاوضات مع إيران بورقة انسحاب جعجع إبراهيم مقابل المصري: مفاوضان حصريان… وتوقيف قاتل شطح
كتب المحرر السياسي:
تدير واشنطن عبر باريس أحياناً ومباشرة أحياناً مفاوضات متعددة الأطراف للوصول إلى صيغة معدّلة لمشروع القرار الخاص بفلسطين، الهادف بصيغته الأصلية إلى تحديد مهلة سنتين لانسحاب قوات الاحتلال من الأراضي المحتلة عام 1967 وإقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة عليها عاصمتها القدس الشرقية.
التعديلات الأميركية كما أفادت مصادر فلسطينية على صلة بالمفاوضات تدور على عدة نقاط في المشروع، فتستهدف استبدال مهلة سنتين لانسحاب قوات الاحتلال، بجعلها إلى نهاية المفاوضات والتوصل إلى حلّ للقضايا الخلافية بين الطرفين الفلسطيني و«الإسرائيلي»، والهادفة إلى إقامة دولة فلسطينية من دون عبارة كاملة السيادة وممكن إضافة قابلة للحياة بحسب الصيغة الفرنسية، وتجاهل عاصمة الدولة في القدس الشرقية وتحويل الانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967 إضافة القرارات 242 و338 كمرجعية للقرار الجديد ومن دون ذكر القرار 194 الخاص بضمان حق العودة للاجئين، الذي يرد في مقدمة المشروع الأصلي، ووفقاً للصيغة الفرنسية إضافة توضيح للقرارين أنهما ينصان على الانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967، وإضافة عبارة والتوصل إلى حلّ عادل لقضية اللاجئين وفقاً للقانون والقرارات الدولية وخصوصاً القرار 194.
المصادر قالت لـ»البناء» إنّ واشنطن أبلغت السلطة الفلسطينية أنّ قراراً معدّلاً هو الطريق الوحيد لتفادي الفيتو.
لم تحسم المصادر ما إذا كان الجانب المفاوض فلسطينياً سيلجأ بعد فشل المفاوضات في الحفاظ على روح المشروع الأصلي مع تعديلات طفيفة، إلى طرح مشروعه كما جاء في البداية على التصويت، ولو تيقّن من لجوء واشنطن إلى الفيتو، أم سيرتضي الدخول في التعديلات التي تنسف القرار تحت شعار تفادي الفيتو، ولو أنّ الأرجحية تبدو للسير بالتعديلات ومحاولة رفع سقفها، بعدما قدم المفاوض الفلسطيني مشروع تعديلات تحاول ملاقاة الطلبات الأميركية.
في الملف الرئاسي اللبناني يبدو أنّ التحضيرات الجارية لإطلاق حوار للحوار بين تيار المستقبل وحزب الله، بهدف إعداد منصات التفاوض، يكتمل بما جرى في زيارة قائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع إلى الرياض، حيث تفيد المعلومات أنّ السعوديين الذين منحوا زيارة جعجع طابعاً إعلامياً وبروتوكولياً مبالغاً به، أرادوا الحصول منه على وضع ترشيحه في تصرف الملك عبد الله بن عبد العزيز، تمهيداً لمفاوضات مرتقبة بين السعودية وإيران حول ملفات المنطقة ومنها الرئاسة اللبنانية.
وفي سياق تهيئة المنصات التفاوضية، يبدو أنّ خلية الأزمة حسمت حصرية التفاوض باللواء عباس إبراهيم المدير العام للأمن العام، وفقاً للتفويض الأصلي لمجلس الوزراء، بينما بدا أنّ المفاوض الوحيد في المقابل بعد انسحاب «هيئة العلماء» صار الشيخ وسام المصري.
المصري وأبو عباس
فيما باشر الشيخ وسام المصري وساطته في قضية العسكريين المحتجزين لدى تنظم «داعش» و«جبهة النصرة» قبل الإعلان عن تكليفه رسمياً من جانب الحكومة بهذه المهمة، تلقت «كتائب عبدالله عزام» ضربة موجعة من الجيش بتوقيفه أحد أبرز قيادييها من آل أبو عباس وهو متورط بسلسلة جرائم إرهابية منها اغتيال الوزير محمد شطح.
عملية توقيف أبو عباس، تمت بحسب مصادر عسكرية قبل أسبوع في مجدل عنجر على أيدي مخابرات الجيش ونقلته فوراً إلى مبنى وزارة الدفاع للتحقيق معه. وذكرت المعلومات أن الموقوف على علاقة مباشرة بمسؤول كتائب «عبدالله عزام» سراج الدين زريقات والتقاه في جرود عرسال.
كما أفادت أن أبو عباس نقل أكثر من سيارة مفخخة في جرود عرسال وواحدة منها هي التي فجرت في ضهر البيدر في حزيران الماضي. كما أنه ضالع في جريمة اغتيال شطح وأن السيارة التي استهدفته في 27 كانون الأول عام 2013 قرب مجمع الستاركو في بيروت، خرجت من مخيم عين الحلوة.
وذكرت المعلومات أنه بعد 4 أيام من عملية الاغتيال 1-1-2014 ألقي القبض على أمير «كتائب عبد الله عزام» السعودي الجنسية ماجد الماجد بعد خروجه من مستشفى «المقاصد» في بيروت، حيث كان يقوم بعملية غسل للكلى.
وأشارت مصادر مطلعة لـ«البناء» إلى «أن الذي تسرب من التحقيق يعيد إلى الأذهان البيان الذي صدر فور اغتيال الوزير شطح، ووصفه بأنه مرتد وتم قتله تنفيذاً لحكم الشرع، وهذا يعني أن جماعات أصولية متشددة هي التي قامت بالاغتيال».
وبالتوازي مع كشف هذه المعلومات، التقى الشيخ المصري في جرود عرسال قياديي تنظيم «داعش» وعاد من هناك برسالة من التنظيم. وتوجه فور وصوله إلى بيروت إلى ساحة رياض الصلح حيث يعتصم أهالي العسكريين المخطوفين. وأعلن في مؤتمر صحافي أنه توجه إلى عرسال بمبادرة شخصية منه، مؤكداً أنه لم يكلف لغاية الآن من قبل الدولة اللبنانية. وكشف أنه شاهد 9 عسكريين من المخطوفين واطمأن عليهم، مؤكداً أنهم في صحة جيدة ومعنوياتهم مرتفعة، لكنه أشار إلى أن العسكري سيف ذبيان مصاب بالتهاب في أذنه والعسكري توفيق وهبي يعاني من التهابات شديدة في رجله. وأكد أن الخاطفين «رفضوا منحي تعهداً بوقف القتل وأخبروني أنهم مستفزون جداً».
ونقل موقع الملحق الإلكتروني عن المصري قوله إنه «تلقى اتصالاً مباشراً من قيادة «جبهة النصرة» أبلغته فيه عن نفاد صبرها وذلك لعدم حصولها على جواب من الحكومة اللبنانية مع العلم أن الجبهة تتواصل مع الحكومة منذ أسبوع بحسب زعمها». وأكد أن الجبهة أبلغته أنها ستلغي تفويضها له للقيام بالوساطة في ملف العسكريين المخطوفين تدريجياً وذلك نتيجة لعدم رد الدولة اللبنانية على هذا الأمر».
ومساء وجه تنظيم «داعش» عبر شريط «فيديو» لمقاتليه المتواجدين في جرود عرسال رسالة، لكل من رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع.
وقال أحد المقاتلين باللغة الفرنسية إن رسالته إلى حلفاء فرنسا في لبنان هي أن «الدولة الإسلامية» في حرب ضد حزب الله، ووصف الثلاثة بأنهم «مجرمون أضافوا جرائم جديدة إلى جرائمهم من خلال تعاونهم مع حزب الله».
وختم بالقول: «أنتم فقط المسؤولون عن مصير أسراكم فمستقبلهم، حياتهم أو موتهم يتوقف على قراركم».
سلام: جاهزون للمقايضة
من جهة أخرى، كرر رئيس الحكومة تمام سلام خلال جلسة مجلس الوزراء في السراي الكبير أمس، أن قضية العسكريين معقدة وصعبة، مؤكداً جاهزية مجلس الوزراء للسير بالمقايضة، لكنه أشار بحسب ما أبلغت مصادر وزارية «البناء»، إلى «أن الخاطفين يمارسون لعبة الابتزاز، ولم يقدموا أي شيء ملموس». ولفتت المصادر إلى «أننا نتعاطى في ملف العسكريين بين دولة وعصابة». ورأت «أن كل الاحتمالات مفتوحة، بغض النظر عن أنه ليس لدينا أي شيء أهم من عودة العسكريين سالمين إلى عائلاتهم».
أما على صعيد تحرك الأهالي باتجاه القيادات السياسية، فقد التقى وفد منهم أمس الأمين العام لتيار «المستقبل» أحمد الحريري الذي أبلغ الوفد أن هم التيار تحرير العسكريين المخطوفين بالمقايضة أو بغيرها». وأبلغ الحريري الأهالي «أن إصرار الجهات الخاطفة على إطلاق سراح إرهابيين كبار كنعيم عباس عقبة أساسية في ملف التفاوض».
وفيما سيتابع الأهالي جولتهم على المسؤولين، ذكرت معلومات أن وفداً من الأهالي يزمع السفر إلى السعودية لمقابلة الرئيس سعد الحريري هناك.
الجيش يصد محاولة تسلل إلى عرسال
وبالتزامن، انتكس الوضع الأمني مجدداً في عرسال، ودارت اشتباكات عنيفة في منطقة وادي عطا بين الجيش اللبناني والمسلحين حيث استهدف الجيش تحركاتهم بمدافع الهاون.
وأكدت مصادر أمنية لـ«البناء» أنه «نتيجة الاشتباكات التي تحصل في القلمون بين مثلث «جبهة النصرة»- «داعش»- «الجيش الحر»، تحاول مجموعات إرهابية التسلل إلى الداخل اللبناني، وخرق الطوق الذي ركزه الجيش منذ شهرين في جنوب شرقي عرسال، ما حمل الجيش على التدخل لمنع دخول هذه الجماعات عملاً بالخطة التي بدأها منذ تركيزه الطوق».
ولفتت المصادر إلى «أن المجموعات المسلحة كانت تحاول استهداف مراكز الجيش بالنيران لتفتح طريقاً باتجاه عرسال من دون أن تقترب من المراكز التي جنبها الإسناد المدفعي الذي لجأ إليه الجيش، أي محاولات استهداف من قبل المسلحين».
لا نفط ولا نفايات في مجلس الوزراء
من جهة أخرى، أكدت مصادر وزارية لـ»البناء» «أن جلسة مجلس الوزراء كانت أقل من عادية، لم تبحث في أي مسألة سياسية، باستثناء أن رئيس الحكومة تحدث عن زيارته إلى فرنسا والاتحاد الأوروبي».
وفيما لم يتطرق مجلس الوزراء إلى ملف النفط، أرجأ ملف النفايات إلى جلسة الثلاثاء المقبل بعدما وزع وزير البيئة محمد المشنوق على الوزراء الخطة المتكاملة في شأنها والتي تتضمن تقسيم المناطق، ودفتر الشروط تمهيداً لمناقصة عالمية. كما تم تأجيل البحث في ملف الجامعات بعد اعتراض وزير الدفاع سمير مقبل عليه.
وفي موضوع الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل، أكد وزير المال علي حسن خليل أن الجلسة الأولى ستعقد في فترة الأعياد وهي ستكون في عين التينة، والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين خليل سيكون مندوب حزب الله في الحوار، بالمقابل سيكون مستشار رئيس تيار المستقبل نادر الحريري مندوب التيار»، ولفت إلى أننا «لا نتوقع إنجازات سريعة وجذرية في الحوار».
وأوضح خليل أن «هناك اختلافات كبيرة في وجهات النظر حول شكل قانون الانتخاب»، ولفت إلى أنه بغياب رئيس الجمهورية «صار كل وزير معتبر حالو أكبر من أمير وأكبر من ملك». وأوضح أن «سبب دعمنا للعماد ميشال عون هو قوة تمثيله الشعبي».
وأعلن عن «تشكيلات ستصدر الاثنين المقبل تشمل معظم الموظفين على كل المستويات بالدوائر العقارية لنحرر المواطنين من نير الفساد والفاسدين وننصح بعدم المراجعة في أي موظف»، موضحاً أن «التشكيلات لا تعني أن الفساد سمة جميع الموظفين». وأضاف: «استدعينا 60 موظفاً إلى وزارة المالية اعترف 45 منهم على الأقل بأنهم كانوا يتقاضون رشاوى وتعهدوا بالكف عن هذه المخالفة القانونية».