بو صعب: الخطأ المميت حصل عندما تدخّلت السياسة في شؤونها
نظّمت الجامعة اللبنانية أمس، احتفالاً مركزياً في «يوم الجامعة اللبنانية»، وذلك بمناسبة العيد الثالث والستين لتأسيسها، في قاعة المؤتمرات في مجمّع الحدث، بحضور وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب ممثلاً الرؤساء الثلاثة، عبد الإله ميقاتي ممثلاً الرئيس نجيب ميقاتي، مديرة الوكالة الوطنية للاعلام لور سليمان صعب ممثلةً وزير الاعلام رمزي جريج، جيسكار خوري ممثلاً وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، وممثلين عن وزراء ونواب حاليين وسابقين، سفراء: إيران، روسيا، الصين، فرنسا، إسبانيا والمغرب، وحشد من الشخصيات الفكرية والأكاديمية وعمداء مختلف كلّيات الجامعة اللبنانية ومدراء الفروع والأساتذة.
وألقى عريف الاحتفال الدكتور جورج طراد كلمة تحدّث فيها عن أهمية الجامعة اللبنانية وإنجازاتها التي لا تتوقف.
السيد حسين
وبعد عرض وثائقي عن الجامعة منذ نشأتها والتطورات والإنجازات التي شهدتها، ألقى رئيس الجامعة عدنان السيد حسين كلمة قال فيها: «هويتها وطنية، إنها جامعة كل لبنان، وهي ليست مجموع كانتونات فئوية، بل مجموع الطلبة اللبنانيين في مؤسسة عامة تدير أهم مرفق في الدولة هو مرفق التعليم العالي بلا تمييز أو محاباة. ولإبعاد الفئوية التي وسمت فروع الجامعة في مرحلة الحرب الأهلية وما نتج منها، سعينا مع العمداء والمديرين المخلصين إلى تبادل الأساتذة بين هذه الفروع. وما زلنا بحاجة إلى جهد مضاعف لإنجاز عملية أكاديمية ووطنية في إطار أكبر مؤسسة عامة وطنية خرجت في ستة عقود أكثر من مئتي ألف طالب وطالبة يحملون أرفع الشهادات وينتشرون في وطنهم وأطراف المعمورة».
وأضاف: «إن الذين يطالبون بجامعات مستقلة في المناطق ضالون ومضللون حتى ولو تستّروا بالإنماء المتوازن، فالإنماء لا يكون بالعصبيات والتأسيس لحروب أهلية وأحقاد دفينة، بل بترقية الإنسان في وطن اسمه لبنان».
ولفت إلى أن محاولة إفشال مشروع التفرّغ المطروح منذ سنتين، وربطه بتكوين مجلس الجامعة دلالة على اللامبالاة باستقلالية الجامعة ومصيرها. وقال: «الجامعة أنجزت ملف العمداء منذ سنتين، ورفعته إلى السلطة الحكومية التي لم تقره. والجامعة اليوم مستعدة لرفع هذا الملف مجدداً على قاعدة تطبيق القانون 66، لا قانون المحسوبيات والوصايات على عميد من هنا وكلية من هناك».
وأكد أن البحث العلمي هو روح الجامعة النابضة بالتقدم، ولم يعد مجرد مبادرات فردية بقدر ما صار خطة قائمة على الفرق والجماعات المنتظمة في إطار أهداف الجامعة وسياساتها. لافتاً إلى أنّ للجامعة الوطنية دورين: أكاديمي معرفي، ووطني اجتماعي.
وقال: «في اليوم الأول لتسلّمي رئاسة الجامعة قلت للأساتذة: نحن بحاجة إلى ترسيخ القيم والتقاليد الجامعية. في الخير العام، والنبل، والعطاء العلمي بسخاء، والإقلاع عن أسلوب التشهير، وتغليب الصالح العام على المنفعة الخاصة، وتأصيل البحث والإبداع. واليوم، أتمسك بما قلت، وأدعو إلى الالتزام به. أدعو أساتذة الملاك والتفرّغ لأن يثبتوا نبلهم، ويتضامنوا مع زملائهم المرشحين للتفرغ في نضال تصاعديّ دفاعاً عن الجامعة أولاً. وأدعوهم إلى الدفاع عن استقلالية الجامعة، التي انتهكت مراراً وتكراراً منذ سنوات طويلة، هذا حق لهم وواجب عليهم. دافعوا عن حقكم الطبيعي في تكوين مجلس الجامعة، وبناء المجمعات الجامعية. وتضامنوا مع موظفي الجامعة والعاملين والمدربين لإحقاق الحق في الاستقرار الوظيفي والاجتماعي. ترفعوا عن الصغائر، وتذكروا أن الكبار منكم هم الذين صنعوا مجد الجامعة اللبنانية. إن الأخلاق الجامعية تفترض ترفع العلماء عن آفات المجتمع، بل تفرض عليهم إصلاح المجتمع، والدفاع عن الوطن والدولة».
بو صعب
ثم كانت كلمة بو صعب استهلها بنصّ مرسل على هاتفه الخلوي من أحد الاساتذة المتعاقدين مع الجامعة يتحدث فيها عن تنظيم اعتصام بالمناسبة وخلال الاحتفال للمطالبة بحقوق الاساتذة، خصوصاً ملف التفرّغ.
وقال بو صعب في كلمة مرتجلة: «إن الخطأ الكبير والمميت حصل عندما تدخلت السياسة في شؤون الجامعة اللبنانية، وفي القرار 42/1997 الذي كانت الجامعة بحاجة إليه. وبحسب خبرتي المتواضعة في التعليم العالي، أشير إلى أنه لا يوجد في العالم جامعة يعيّن مجلس الوزراء لها أساتذتها أو إدارييها أو مجلس العمد».
وأضاف: «منذ اليوم الاول للحكومة طلبت ثلاثة لقاءات: الاول مع رئيس الجمهورية والثاني مع رئيس مجلس النواب والثالث مع رئيس مجلس الوزراء، والموضوع كان الجامعة اللبنانية، لأنني مدرك أن الجامعة بما تمثل من مكانة ومستقبل للبنان تعيش اليوم وضعاً غير سليم ولكنها استطاعت على رغم كل التدخل السياسي المخزي أن تستمر بفضلكم أنتم أيها الاساتذة والاداريين، فقد استطعتم المحافظة عليها».
وتابع: «أما في ما يتعلق بموضوع التخرج فقد اخترت ان أشمل موضوعي مجلس الجامعة والتفرغ ليمرّا معاً في جلسة مجلس الوزراء نفسها.
لقد أفسدت السياسة بمعناها السيء كل مفاصل البلاد، لكنني اعتزم تحييد القطاع التربوي عن هذه الآفات المميتة، كما أعتزم أن أعمل بكل طاقاتي لتحييد الجامعة عن المناخات التي أسهمت في السابق بتأخير تفريغ أساتذتها وتعيين مجلسها وإعادة الصلاحيات إليها، لكي تعود كما يريدها طلابها وأساتذتها ورئيسها، مؤسسة وطنية مستقلة تتولى تطوير نفسها وتطوير المجتمع والإسهام في التقدم الوطني العام».
وقال: «الجامعة اللبنانية تفيض بالأدمغة ويروي فيضها كل المؤسسات الأخرى، فهي منبع الموارد البشرية الشابة ومركز الثقل الأكاديمي. وعليه، لا يجوز أن تبقى من دون قانون خاص بها يخرج من أيدي أساتذتها ليرسم إطار تطويرها المستمر».
وفي الختام، قدّمت الأوركسترا الفيلهارمونية اللبنانية بقيادة الدكتور وليد مسلّم عزفاً موسيقياً لمجموعة وتريات شرقية.