زيارة الأسد معلولا… الأثر والدلالات
نور الدين الجمال
الزيارة التي قام بها الرئيس بشار الأسد لمناسبة عيد الفصح إلى بلدة معلولا المحررة، علامة فارقة بدلالاتها، خاصة أنها حصلت في ظل التقدم الكبير الذي أحرزه الجيش العربي السوري في مطاردة الجماعات التكفيرية على أرض القلمون وريف دمشق، وفي ظل الانتصارات التي تحققها الدولة الوطنية السورية في أكثر من موقع ومكان. لكن لمعلولا برمزيتها الدينية مكانةً خاصة وبارزة في المشهد السوري وتعبِّر عن مضمون المشروع الحضاري الذي يمثّله الرئيس الأسد في مجابهة الحلف المعادي الذي يعمل على تدمير جميع الصروح الحضارية ويرتكب المجازر في سورية ضد مكوّنات الشعب السوري.
من المعلوم أن قضية وجود المسيحيين في الشرق والموقف منها كانت منذ غزو العراق إحدى قضايا الافتراق والصراع بين سورية بقيادة الرئيس الأسد والحلف الاستعماري وجميع الحكومات التابعة له في المنطقة والتي انخرطت في العدوان على سورية.
ترمز زيارة الرئيس الأسد إلى معلولا إلى التحول في ميزان القوى، بقدر ما تجسّد في توقيتها تعبيراً عن الالتزام العميق لدى الرئيس السوري والدولة الوطنية السورية بحماية المسيحية المشرقية والدفاع عنها، وتأكيد شراكتها الحية في الدفاع عن سورية، انطلاقاً من انتمائها الأصيل الذي أكده المواطنون السوريون والمرجعيات الدينية السورية المتعددة، وإلى هذا المعنى الوطني والثقافي والروحي، كرّست زيارة الرئيس الأسد إلى معلولا مرحلة جديدة في مسيرة تحرير البلاد من العصابات التكفيرية التي دمَّرت تمثال السيدة العذراء ودنّست الكنائس وهشمتها، بينما ظهر الرئيس الأسد في باحاتها وداخل قاعاتها متحدثاً عن إعادة البناء، ململماً الأيقونات التي دنستها العصابات الإرهابية التكفيرية.
هذا المشهد ترك حالة من الذهول والهذيان في صفوف الواجهات العميلة التي اخترعت روايات وفبركات أشرطة عبر الفضائيات إياها، نافية حصول الزيارة أساساً، فازدادت فضائحها فضيحة جديدة ومدوية!
تزامن حدث زيارة الرئيس الأسد إلى معلولا مع الإعلان عن بدء التحضير للانتخابات الرئاسية، وهذا ما واجهته دول المغرب وأطراف العدوان بالكلام عن تهديد الانتخابات للحل السياسي الذي عطّله هؤلاء ووقفوا في وجهه طوال السنوات الثلاث الماضية، فيما لم توفّر الدولة الوطنية السورية جهداً وبرهنت في مفاوضات جنيف عن جديتها، في حين برهن أعداؤها بقيادة الولايات المتحدة الأميركية عن تصميمهم على إدامة الإرهاب والعنف والاستمرار في دعم الجماعات المسلحة تسليحاً وتمويلاً وقطع الطريق على أي بحث جدي في الحل السياسي، غير أن الدولة الوطنية السورية التي حقّقت نجاحاً كبيراً في المصالحات التي أتاحت إخراج ألوف السوريين من أسر الجماعات المسلحة وإعادة الأمان إلى أكثر من منطقة في سورية، قررت السير في خط الحسم الوطني الميداني والدستوري.
الانتخابات الرئاسية في موعدها، مثلما جرت الانتخابات التشريعية في موعدها سابقاً، وفي ظروف أصعب وأشد وطأة من الوضع الراهن أمنياً، ومثلما تمّ الاستفتاء على الدستور الجديد لفتح أبواب الحل السياسي أمام جميع القوى الوطنية السورية المهيأة للشراكة في مكافحة الإرهاب والدفاع عن الوطن وإعادة بنائه.
يعلم المعتدون والمتآمرون على سورية أن أي انتخابات في سورية لاختيار رئيس للجمهورية ستنتهي بانتخاب الرئيس بشار الأسد وسعوا إلى تعطيل ذلك ورفضوا اتخاذ أي تدابير تقع ضمن أولوية مكافحة الإرهاب لإبقاء سورية تحت ضغط الاستنزاف المستمر ولتأخير ساعة انتصار الدولة السروية التي اجتازت نصف الطريق وأكثر بفضل التحولات الكبرى الجارية على الأرض، مع تصاعد التأييد الشعبي الكبير لزعامة الرئيس الأسد والالتفاف حول الدولة والجيش.
ستكون الرئاسة السورية للرئيس الأسد في حاصل انتخابات تعددية وعلى أساس الدستور الجديد، وستكون أول الطريق المؤدي إلى إنجاز الحسم الميداني والسياسي في الأشهر المتبقية من السنة، ورجّح الرئيس الأسد أن يشهد آخر العام الجاري بسط سيطرة الدولة على جميع المدن الكبرى واستمرارها في مطاردة فلول الإرهاب ودك أوكاره في العديد من المناطق والبؤر الحدودية والنائية، وهي معركة سوف تتواصل حتى زمن غير قصير بالتوازي مع ورشة البناء والنهوض.