الخاسر الأكبر في سياسة خفض أسعار النفط؟
مرفان شيخموس
هل خفض أسعار النفط خلال هذه الفترة مرتبط حقاً بكمية العرض والطلب؟
وهل خفض الأسعار يعتبر مؤامرة كبرى كما يراها العديد من الخبراء الاقتصاديين؟
أم انّ الاتفاق السعودي الأميركي، والذي لم يعد خافياً على أحد، هو السبب الأهمّ؟
أسئلة كثيرة تبقى برسم الإيضاح والتوضيح في الملف النفطي العالمي…
غنيّ عن القول وعن التعريف أنّ النفط لعب الدور الأكبر والحاسم في السياسة الدولية خلال العقود الماضية، وبشكل خاص في الصراع الدائر بين الولايات المتحدة وروسيا، وفي ذات السياق دور حلفاء البلدين.
مؤخراً كان النفط أهمّ بنود حزم العقوبات الاقتصادية المفروضة من الولايات المتحدة وحلفائها على دول مثل إيران بسبب برنامجها النووي، ومؤخراً روسيا على خلفية الأزمة الأوكرانية.
ولكن تبقى الاحتياجات الاقتصادية السبب الأول وراء التغيّر الأكبر للمواقف السياسية!
مصادر من شركة «غازبروم» ذكرت في وقت سابق أن إمدادات الغاز الروسي الحالية لشهر شباط المدفوع ثمنها سابقاً ستنتهي في عطلة نهاية الأسبوع الحالية، ما يهدّد بقطع إمدادات الغاز إلى أوكرانيا وبالتالي تهديد ترانزيت الغاز إلى أوروبا.
جرى التوصل في ما بعد إلى اتفاق ما يعرف بـ«الحزمة الشتوية» لإمدادات الغاز الروسي إلى أوكرانيا وضمان ترانزيت الغاز عبر أراضيها إلى دول الاتحاد الأوروبي، حتى نهاية آذار الجاري.
وفي السياق ذاته اقتراب وجهات النظر وبشكل كبير في الملف النووي الإيراني مع مجموعة 5+1.
إنّ ما يجري الآن من انخفاض لأسعار النفط يطرح تساؤلاً عن الأسباب؟ وعمّن المستفيد والخاسر من هكذا انخفاض؟
فعندما تقدِم دولة مثل المملكة العربية السعودية وبتحالف واضح مع الولايات المتحدة الأميركية على »مغامرة» أو بالمعنى الأدقّ والأوضح على «مقامرة» تتسم بالكثير من الخطورة في إصرارها على عدم خفض الإنتاج النفطي لامتصاص الفائض في الأسواق الذي يقدّر رسمياً بحوالى مليون برميل، فإنّ تكاليف هذا القرار السياسي قد تكون باهظة في المدى المنظور.
فبالعودة إلى نظرية من الخاسر ومن المستفيد من حرب النفط…
تدشن أكبر محطة عائمة لتصدير النفط FSU في العالم في مياه الخليج الفارسي بقدرة استيعابية تصل إلی 2.2 مليون برميل من النفط.
والمحطة التي يبلغ طولها 337 متراً وعرضها 60 متراً وارتفاعها 33 متراً ووزنها أكثر من 51 ألف و400 طن سوف تقوم بتصدير حمولات ميداني «سروش» و«نوروز» النفطيين حيث تمّ تصدير أول حمولة نفطية منها إلی اليابان.
حميد رضا عراقي مساعد وزير النفط الإيراني للشؤون الغازية أعلن أنّ إيران حالياً هي أكبر دولة من حيث الاحتياطات الغازية وسيصل إنتاجها الغازي طيلة السنوات الـ3 المقبلة إلى مليار متر مكعب .
ألكسندر نوفاك وزير الطاقة الروسي أعلن أنّ استراتيجية روسيا في مجال الطاقة لا تتضمّن تقليص حجم إنتاج النفط حتى عام 2035، بل تتضمّن تغيّر هيكل الإنتاج بحسب التقسيم الجغرافي في روسيا.
كما أشار وزير الطاقة الروسي إلى استراتيجية إنتاج الغاز في روسيا، حيث أشار إلى أنّ الاهتمام سيكون لتعزيز إنتاج الغاز الطبيعي المسال في روسيا.
أما على النقيض من ذلك!
الولايات المتحدة واقتصادها الذي سيدخل في أزمة جديدة ودول مجلس التعاون التي لن تتأثر بانخفاض الأسعار على المدى القصير والتأثير السلبي في اقتصادياتها.
تواصل انخفاض أسعار النفط إلى أقلّ من النصف منذ الصيف الماضي مؤدّياً إلى قلب العلاقة بين الأسواق الإقليمية رأساً على عقب.
ووضع ذلك نهاية فعلية لتحقيق أرباح من تصدير المكثفات المعالجة في وقت بدأت فيه الجهات التنظيمية المعنية بالصادرات في إعطاء بعض الشركات الضوء الأخضر للمضيّ قدماً في التصدير.
وقال جون اورس المستشار لدى ترنر ماسون آند كو في دالاس «لقد تأجل ازدهار صادرات النفط الأميركي».
أظهرت البيانات الشهرية لـ«مؤسسة النقد العربي» في آخر تحديث لها خلال كانون الثاني 2015 انخفاض الاحتياطي العام للسعودية، حيث بلغ نحو 830 مليار ريال خلال كانون الثاني الماضي، بمبلغ قدره 75 مليار ريال مقارنة مع كانون الأول 2014.
بيانات رسمية أظهرت، أنّ صادرات السعودية من النفط الخام انخفضت في كانون الأول بواقع 362 ألف برميل يومياً لتصل لنحو 6.934 مليون برميل يومياً، مقابل 7.296 مليون برميل يومياً في الشهر الذي سبقه.
وأظهرت البيانات، أنّ السعودية أبقت إنتاجها من النفط الخام في كانون الأول دون تغيّر يذكر، إذ بلغ 9.630 مليون برميل يومياً مقابل 9.610 مليون برميل يومياً في تشرين الثاني.
ولكن يبقى السؤال الأهمّ: من هو الخاسر الأكبر والمتضرّر الأكثر في هذه الحرب؟ أميركا أم المملكة السعودية؟
ذكرت الشركة «الكويتية الصينية الاستثمارية» أنّ الأوضاع المالية لدول مجلس التعاون الخليجي تتأثر بشكل كبير من الانخفاض في أسعار النفط بسبب اعتمادها الشديد على عائدات تصدير النفط.
وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي الى أن الخسائر في عائدات تصدير النفط هذا العام لدول مجلس التعاون الخليجي قد تصل حتى 300 مليار دولار من انخفاض أسعار النفط، وأشارت الشركة في تقريرها الدوري الى أنّ هذه الخسائر في الإيرادات تبلغ 19 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون الخليجي.
مؤسسة «ستاندرد أند بورز» العالمية للتصنيف الائتماني أعلنت عن خفض تصنيفاتها وتوقعاتها لبضعة بلدان منتجة للنفط في الشرق الأوسط منها السعودية والبحرين.
وأشارت الى أنها خفضت تقديرها لآفاق الاقتصاد السعودي من «مستقرّ» إلى «سلبي» وذلك بسبب الهبوط الحادّ لأسعار النفط.
وأضافت في بيان صدر عنها أنّ وضع المالية للسعودية الغنية بالنفط قد يضعف من جراء اعتمادها على النفط. وقالت: «نحن نرى اقتصاد السعودية غير متنوّع وعرضة للتأثر بهبوط حادّ ومتواصل لأسعار النفط».
وقال البنك الدولي: «نتوقع أن يصل عجز الناتج المحلي الإجمالي في السعودية إلى نحو 6.9 في المئة»، وأضاف: «إنّ استمرار تراجع أسعار النفط دون المستوى، سيدفع الكثير من الشركات الخليجية إلى إغلاق حقولها النفطية أو تقليص استثماراتها.
ولكن يبقى التصريح الأكبر والمثير للجدل رسالة الأمير وليد بن طلال وهو أحد أهمّ أمراء الأسرة الحاكمة السعودية الى وزير النفط السعودي السيد علي النعيمي ووزراء آخرين يعترض فيها ويستنكر تصريحات هدفت الى «التهوين من الآثار السلبية الكبيرة التي ستلحق بميزانية المملكة واقتصادها جراء التراجع الكبير في أسعار النفط، وذلك على حسابه الشخصي على «التويتر»، فإنّ هذا الاستنكار يستحق التوقف عنده، لأنه يمثل شريحة مهمة في البلاد داخل السلطة وخارجها.
ولكن يبقى لسان المواطن العربي الشريف يسأل: أليس جديراً بالسعودية أن تستخدم سلاح النفط الاستراتيجي ضدّ أميركا وحليفها كيان العدو الصهيوني؟