أبو العلاء المعريّ ورحلته الخياليّة في كتاب «البعث» الشهريّ
يقدم الدكتور محمد رضوان الداية للكتيب الذي أصدرته صحيفة «البعث» تحت عنوان «أبو العلاء المعري» بقوله إن المعري كان في عصره علامة بارزة في الأدب واللغة شعراً ونثراً وتأليفاً، وكان شخصية مركزية في مدينته معرة النعمان وفي عصره في القرنين الرابع والخامس الهجري. ويضيف أن المعري كان مشيحاً عن الدنيا وما فيها، حتى لقب نفسه رهين المحبسين، وكان مشعاً إشعاعاً علمياً وفكرياً وأدبياً يرغب أهل زمانه في لقائه والأخذ عنه والإفادة من علمه وقراءة شعره ورواية مؤلفاته. كما أنصفته العصور المتوالية فبقي شعره ونثره محط عناية أهل العلم، حتى أن العصر الحديث شهد عناية جديدة بأبي العلاء المعري وإنتاجه الأدبي واللغوي .
يرى الدكتور الداية أن الكثير من النصوص الشعرية للمعري لا تزال حية في دروس المدارس ومحاضرات الجامعات وفي ذاكرة الكبار والصغار، أما نصوصه النثرية فلا تزال المطابع تتحرك لإعادة عرضها على القراء محاطة بعناية العلماء والباحثين والمحققين. كما اهتم المستشرقون بفيلسوف المعرة وآثاره فقدموا دراسات تعكس وجهات نظرهم، وتطرق بعضهم الى تأثيره في بعض الأعمال الأدبية الغربية، خاصة كتابه المعروف بـ«رسالة الغفران» والذي استوحى منه دانتي الكوميديا الإلهية.
يتضمن الكتيب الذي يقع في 150 صفحة من القطع الصغير إشارات ووقفات عند أشهر المهتمين بالمعري وتراثه وإنتاجه من القدماء والمعاصرين، كما يضم قطعا من الشعر الذي قيل فيه وفي تخليد ذكراه يوم احتفلت سورية بذكراه الألفية عام 1944، مع شرح لنصوصه المختارة والفقرات التي استشهد الدكتور الداية بها لكون المعري يعتمد عادة على الألفاظ الغريبة وشديدة الغرابة أحياناً.
يخلص الداية استاذ الأدب والنقد الأدبي في جامعة دمشق إلى القول إن المعري هو علامة من علامات الفكر والثقافة والفن، وإنه كان ولا يزال قيمة أدبية وفنية وصورة حية لعصره الزاخر الذي عاش فيه، ونموذجاً التف حوله كثير من الشعراء والأدباء واللغويين.
تسعى الهيئة السورية للكتاب ودار «البعث» من خلال سلسلة الكتاب الشهري الى تقديم باقة من الكتب التي تتناول التراث العربي والتراث العالمي والواقع العربي الراهن، وتضم السلسلة كتباً حديثة التأليف تنشر للمرة الأولى لكتاب سوريين وعرب، بالإضافة إلى كتب مترجمة للمرة الأولى، أو كتب ترجمت قبل عقود وأصبحت من النوادر، كما تضم كتباً من التراث القديم الحي المتصل بالهوية العربية وكتباً نشرت في القرنين الماضيين وغدت بعيدة عن متناول القارئ العربي على أهميتها وصلتها الوثيقة بحياتنا المعاصرة.