الشهادات خطاب سياسي بلا أدلة
محمد حمية
بعد الشهادات التي أدلى بها النائب مروان حمادة ومستشار الرئيس سعد الحريري النائب السابق غطاس خوري والنائبان غازي يوسف وباسم السبع، امتطى الرئيس فؤاد السنيورة يوم أمس وقبله، منبر المحكمة الدولية في لاهاي وأدلى بشهادته في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
لا يختلف إثنان على أن هذه الشهادة تحولت إلى خطاب سياسي استعرض المراحل السياسية منذ بدأ الحريري العمل السياسي العلني في لبنان. كما تحولت شهادة السنيورة إلى منبرٍ للنيل من النظام في سورية وشخصيات لبنانية، حتى أنه أهان الحريري نفسه!
وصف السنيورة علاقة الرئيس الحريري بالنظام السوري بأنها كانت متوترة أحياناً ومتحسنة أحياناً أخرى. وهنا يطرح السؤال التالي: هل يمكن أن يكون شتاء وصيف على سطح واحد؟
واذا صح ما قاله السنيورة، فذلك يعني أن الحريري كان صديقاً للنظام عندما كان يؤمن مصالحه السياسية والاقتصادية وكان خصماً أحياناً عندما يعترض هذه المصالح!
تحدث السنيورة عن «تدخل السوريين لإلغاء ترشيح النائب غازي يوسف في عام 2000، واستبداله بالنائب السابق ناصر قنديل الذي كان يمثل مصالحهم».
ولكن ألم يكن الحريري جزءاً أساسياً من هذه المصالح التي يتحدث عنها السنيورة؟ وإذا كان النظام السوري هو من يفرض الوزراء في الحكومات والنواب على لوائح الحريري الانتخابية، فكيف استطاع الحريري ترؤس حكومتين على مدى عشر سنوات؟
هذه الشهادات تضع مرة جديدة حوار حزب الله المستقبل أمام امتحان صعب، فهل ستنعكس هذه الشهادات سلباً على هذا الحوار خصوصاً أن المحكمة تشتبه بكوادر رئيسية في حزب الله؟
ومعلوم أنه منذ تشكيل المحكمة بقرار من مجلس الأمن الدولي الرقم 1757 في الخامس من أيار عام 2007، وهي تستعمل كسلاح دولي للضغط السياسي على سورية وحزب الله. فمحاضر الاتهامات والقرارات الظنية كانت تصدر في الصحف الغربية المعروفة بقربها من «إسرائيل». فمن إتهام النظام السوري والضباط اللبنانيين الأربعة ثم تغيير وجهة الإتهام لتطاول إيران وحزب الله!
فمجلة «دير شبيغل» الالمانية نشرت في 23 أيار 2009 معلومات عن «أن قوات خاصة تابعة لحزب الله خططت ونفذت الهجوم» الذي أودى بحياة الحريري ورفاقه. وسربت أسماء أربعة متهمين قالت إنهم خططوا ونفذوا عملية الاغتيال.
حزب الله المعني الرئيسي بالمحكمة قرر منذ تشكيلها تجاهلها وعدم الاعتراف بها ولا بعملها ولا بنتائجها وعبر أكثر من مرة على لسان مسؤوليه بأن هذه المحكمة هدفها إحداث فتنة مذهبية عبر اتهام حزب الله بالاغتيال، فهل من تجاهل هذه المحكمة طوال ثماني سنوات سيكترث لشهادة من لا يحق له الشهادة! إذ ما بني على باطل فهو باطل.
فها هو الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل يستمر في عين التينة على رغم كل الضجيج الاعلامي والصخب السياسي.
بعد أن أدلى «الشاهدون» بدلوهم في المحكمة وأفرغوا كل ما في جعبهم من مطالعات سياسية وبعد أن تجاهلها حزب الله، ماذا بقي من المحكمة؟ هل ستبقى استنزافاً لمشاعر اللبنانيين وتنفق من جيوبهم نصف تكاليفها؟