بين موسكو وجنيف… لا يصلح العطار ما أفسده دهر السياسة
سعد الله الخليل
بعد طول مشاورات ومحادثات، وفي ظلّ تطورات محلية وإقليمية ودولية تنعقد الجولة الثانية من لقاء موسكو التشاوري بعد أن حضر من حضر ورفض من رفض وتحفظ من تحفظ…
تداركت موسكو في الجولة الثانية ما اعتبره المقاطعون للجولة الأولى هفوات لا تغتفر في آلية الدعوة، ورغم ذلك واصل جزء من المقاطعين مقاطعتهم متذرّعين بأسباب جديدة تدخل في خانة الجدل للجدل من مبدأ «عنزة ولو طارت»، فأحد المقاطعين يبرّر مقاطعته بطرح سؤال «من هو المستفيد من لقاءات موسكو، النظام أم الروس؟ ويطالب الأطراف السياسية بنضج المواقف قبل طرحها في التفاوض مع الطرف الروسي والسوري كبروفة تفاوض قبل جنيف 3، وبذلك يُصَوَّر اللقاء كتدريب استعدادي ودّي، يسبق المباراة النهائية لبطولة مهمّة، ولم يخبر الرأي العام من هو الطاقم التحكيمي في تلك المواجهة المصيرية في ظلّ تشكيكه بنزاهة الطرف الروسي كوسيط محايد…!
ربما يكون سيد البيت الأبيض ومن لفّ لفه أكثر نزاهة من الروسي وعلى اعتبار أنّ التنسيق الأميركي السعودي في ضرب اليمن على أعلى المستويات ربما يسعف خادم الحرمين الشريفين «الداعية» باراك حسين أوباما بما يروي إسلامه من ماء زمزم المقدّس، والتي اشتاق إليها السوريون بعد سنوات الحرمان السعودي لهم من زيارة الأماكن المقدّسة وأداء فريضة الحجّ لأسبابٍ محض «نزيهة»، مياه زمزم يبدو أنها أكثر استساغة لدى المعارضة السورية من الفودكا الروسية.
يبرّر بعض الرافضين والمقاطعين للقاء موسكو بغياب جدول واضح للأعمال والأهداف، وبأنّ نتائج اللقاء الأول غير مشجّعة على حضور النسخة الثانية، وفي الوقت الذي يهللون لعقد الجولة الثالثة من مؤتمر جنيف دون أي شروط مسبقة ولا حتى دون أدنى مبررات لآلية سوقهم إلى «جنيف 2»، وها هو جدول الأعمال الذي قدّمه لهم روبرت فورد وهو يوجههم عبر هاتفه الخلوي ربما تدفعهم نتائجه المذهلة إلى قبول المشاركة دون أيّ شروط أو تحفظات.
يتجاهل الرافضون والمقاطعون النقاط الرئيسية التي يطرحها لقاء موسكو من تقويم الوضع في سورية، وإمكانيات ومهام القوى الوطنية في البلاد للمشاركة في مواجهة التحديات، بما في ذلك مكافحة الإرهاب، وتدابير بناء الثقة، التي يمكن اعتمادها من قبل الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني، وأسس العملية السياسية، بما في ذلك بيان جنيف، وخطوات الاقتراب من المصالحة الوطنية وتسوية الأزمة…
هذه المبادئ وغيرها لا تستحق المشاركة في لقاء يحاول التخفيف من معاناة السوريين ويمدّ يد المصالحة والحوار بين أبناء الوطن السوري.
يوماً بعد يوم تصرّ هذه الأطراف على كشف عمالتها وارتباطاتها بالمشاريع الغربية، وتصرّ على رسم صورة التابع والموظف الصغير في المشروع الكبير مضيّعة فرص إثبات الوطنية، الواحدة تلو الأخرى ولسان الواقع يقول لا يصلح عطار جنيف ما أفسده دهر السياسة.
«توب نيوز»