الأسد و«حماس»: القطيعة
عامر نعيم الياس
أغلق الرئيس السوري بشار الأسد الأبواب في وجه حركة الإخوان المسلمين الفلسطينية «حماس» بعدما كشف المستور عن نشاطات الميليشيا العسكرية للحركة في مخيّم اليرموك، والتي تسمّى «أكناف بيت المقدس» وتحالفها مع «جبهة النصرة». وقال الأسد خلال مقابلة مع صحيفة «إكسبرسن» السويدية: «علاقة سورية مع حماس ماتت على المستويين الشعبي والرسمي… أعتقد أنّ الأحداث الأخيرة في مخيم اليرموك أثبتت أنّ جزءاً من حماس التي بدورها هي جزء من الإخوان المسلمين، تدعم جبهة النصرة داخل المخيّم».
أجاب الرئيس السوري عن تساؤلات السوريين بالدرجة الأولى، ولبّى أحد أهمّ أمنياتهم بفكّ الارتباط نهائياً مع الحركة الفلسطينية الإسلامية التي غدرت بسورية، بعدما حاول السنة الماضية ـ وفي تصريحات له ـ إبقاء شعرة معاوية مع «حماس» بإشارته إلى إمكانية التصالح معها إذا عادت إلى طريق المقاومة وتوقفت عن مساعدة أعداء سورية، وذلك في توقيت اتّسمَ حينذاك بتسريبات إعلامية عن إمكانية عقد لقاء بين رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خالد مشعل، والمسؤولين الإيرانيين، تبعها تصريحات من قائد الجناح العسكري للحركة والتي تسمّى كتائب «عزّ الدين القسّام»، وبعض مسؤولي المكتب السياسي وعلى رأسهم محمود الزهار، تركز على العلاقة المميزة التي تربط الحركة بإيران، ذلك كان تحديداً في صيف عام 2014، لكن من الواضح أن الفترة الماضية انتهت بعد انطلاق عملية «عاصفة الحزم» التي أعادت «حماس» إلى المحور السعودي بشكل لا لبس فيه، وفي ظل صمت جناح الحركة العسكري. فهل قرار القطيعة الذي أعلنه الرئيس الأسد ينسحب على محور المقاومة من إيران مروراً بحزب الله؟
العامل الداخلي في إعلان الرئيس الأسد له جانب لا يمكن إغفاله في تحديد شكل العلاقة بين حركة حماس والدولة السورية، فكما أسلفنا في بداية المقال، فإن مطلب الشارع السوري الملحّ ومنذ أكثر من سنتين، كان ضرورة ردّ غدر «حماس» عليها، وبالتالي فإن القرار السوري هو حصيلة تقاطع المطالب الداخلية مع تغيّر المعطيات الإقليمية على خلفية العدوان السعودي ـ الخليجي على اليمن، وتداعياته على المشهد السوري والتي شملت في أحد جوانبها التصعيد على الأرض في محيط العاصمة دمشق، ومنها مخيّم اليرموك للاجئين الفلسطينيين.
أما بالنسبة إلى محور المقاومة، فمن الواضح أن الغمز من قناة «حماس»، والذي تردّد أكثر من مرة في خطابات الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، عكس امتعاضاً من أداء الحركة وخياراتها على المستويين السياسي والعسكري، من دون أن يعني ذلك قطع خط الرجعة مع الحركة التي لا تزال توصم بأنها حركة مقاومة. لكن على رغم ذلك، وإن لم تكن القطيعة في علاقة دمشق بـ«حماس» ملزمة أو متبنّاة من جانب محور المقاومة، إلا أن العلاقة التي تربط إيران وحزب الله بالحركة الإخوانية خرجت من إطار التحالف إلى إطار المجاملات السياسية والدبلوماسية، مع الحفاظ على الحد الأدنى من التعاون العسكري الاستشاري، فالبدائل في الحركات المقاومة داخل فلسطين وخارجها قائمة، وغالبية الحركات الفلسطينية المقاومة ترتبط بعلاقة تحالف مع محور المقاومة وعلى رأسها حركة «الجهاد الإسلامي»، باستثناء «حماس» التي تموضعت بشكل نهائي خلف الموقف السعودي ـ التركي، خصوصاً بعد وفاة الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز ومجيء أخيه سلمان الذي اختار التقارب الاستراتيجي مع تركيا، ولو على حساب تجميد العداء السعودي لتنظيم الإخوان المسلمين.
«حماس» أنهت علاقتها مع سورية الدولة، وقطعت عرى التحالف مع محور المقاومة بتكريسها التحالف مع محور أنقرة ـ الرياض ـ الدوحة، بانتظار ارتهانها أكثر فأكثر وإعلان عدائها النهائي لمحور المقاومة.
كاتب ومترجم سوري