المواجهة المفتوحة مع مملكة آل سعود
العلامة الشيخ عفيف النابلسي
دخل سماحة السيد حسن نصر الله على خط المواجهة المفتوحة مع مملكة آل سعود . الرجل الذي لم يخف يوماً من اجتماع العالم ضدّه وضدّ المقاومة لن يخاف من مملكة من صفيح وأمراء مثل الدمى. أطلق الموقف الحق لله، لا للتاريخ ولا للجغرافيا، وكان واضحاً كالشمس في رابعة النهار كما لم يكن من قبل، ما يعني أنْ لا مهادنة بعد اليوم مع نظام العدوان والفتن، وحلّت ساعة الحقيقة ولو كانت تحمل الكثير من التبعات والتحديات الجديدة. الخائفون على مصالحهم من سياسيين وأحزاب وإعلاميين ووسائل إعلام بدت وجوههم أكثر جهامة مع المستوى العالي في خطاب الأمين العام. معظهم يريد الاحتفاظ إما بانحيازه التام لمملكة المال والنفط أو بحياده البائس الأصفر. لكن السيد ليس موظفاً في دكان ولا تاجراً وراء البحار، بل قائد لا يعرف السكوت أمام جائر يسفك دماء الأطفال، وظالم ثقيل غليظ طائش يمارس هواية العدوان كما يمارس هواية صيد الغزلان! السيد يحاجج بالمنطق والقول السديد ويؤكد أنّ من أشعل عود الكبريت هي السعودية. يدّق جرس الإنذار ويحذر الأمراء الأغرار من أنّ النار ستتمدد لكن في الجانب الآخر من يعتقد أنّ في المناكب العريضة لمشايخ السوء، والحركات البهلوانية الخرقاء للإعلام السعودي يمكن لجيش هزيل أو تحالف مرتعش أن يقضي على شموخ اليمنيين وإبائهم وحضارتهم العميقة. مع السيد دخلنا كعرب هذه المرة مرحلة كسر الصمت والتحرر من نظام بليد يجيد الانتقام ولكنه لا ينتمي إلى الأصالة العربية.
تحاول السعودية أنّ تحشد العالم لدعم حملتها على شعب اليمن الفقير. ذهبت إلى الأمم المتحدة كي تعطي العدوان جرعةً إضافية مدفوعة بالكراهية، بعدما جمعت حولها سابقاً عدداً من الدول العربية والإسلامية المعنية دائماً بشؤون الفتن. عجيب أمر «آل سعود»! لم يمنحهم الثراء الفاحش إلا مزيداً من الفراغ والعبث والاشتغال بالصيد والأكل وتنمية روح الاستبداد والتوحش والتغلّب.
لم نشعر يوماً أنّ السعودية اضطرمت مشاعرها جرّاء المجازر التي ارُتكبت بحق الفلسطينيين واللبنانيين والعراقيين.
كانت دوماً أمام الأحداث المهولة والمظالم التي تقع على المسلمين والعرب تدعو إلى الحكمة والعقلانية والتهدئة والتساكن، ومناشدة المجتمع الدولي الذي يتدخل لإماتة الحق وإطالة عمر الباطل. ما يتعلق بالعدوان الأميركي «الإسرائيلي» يُقابل من قبل آل سعود بالهدوء والوداعة، أما حين يكون الأمر خلافاً بين إخوة في العروبة والإسلام، فتُستنفر العصبيات الجاهلية، وتشتعل الغرائز، ويُحمل السلاح ويُسفك الدم الحرام ويهتك العِرض الحرام بلا شعورٍ بالذنب والخطيئة. معادلة آل سعود الرحمة مع الأعداء والشدة مع الإخوة ما يعني نقيض ما أراده الله سبحانه وتعالى من ضرورة مواجهة العدو والانفتاح على الأخ ومعالجة أي خلاف معه بالحوار والقول الحسن.
فعلى ماذا أيها الأمراء الأبطال تحالفٌ عربي وإسلامي؟ وعلى ماذا قرار من مجلس الأمن؟
أعلى شعبٍ مستضعف فقير أراد بناء نفسه بعيداً عن التبعية لـ آل سعود !
أعَلى شعبٍ مسكين نكتشف يوماً بعد يوم كيف استغله السعوديون لإبقائه جائعاً ممزقاً ضعيفاً تغشاه الفتن والحروب صبحاً ومساءً لئلا يتقدم فيصبح منافساً لهم على مكانتهم في الجزيرة العربية!
الغريب أنّ بعض المترفين في بلدنا وبعض الأحزاب يدعمون آل سعود على عدوانهم. يصفقون ويهللون لـ عاصفة الحزم . يعتبرها البعض فتحاً عربياً جديداً! أفي الفتنة والتخريب والتمزيق فتح! فماذا نقول: والغم والحزن يسود قلوبنا جميعاً حين نرى المجازر بحق أطفال اليمن الشبيهة تماماً بمجازر «إسرائيل» بحق أطفال فلسطين؟
عندما تدخلوا في سورية وأحالوها خراباً ودماراً أرادوا أن نصفق لتدخلهم، ونقف مع فتنتهم، وكنا نقول إنّ ذلك سيسبّب كارثة كبرى. وفي اليمن يريدوننا أن نبارك همجيتهم وقتلهم الأطفال، وكنا نقول لهم إنّ هذه الحملة ستسبب كارثة كبرى أيضاً. وكنا ندعو للحوار والحل السلمي في سورية كما دعونا للحوار والحل السلمي في اليمن، ولكن في آذانهم وقراً، إذ لا يريدون إلا الطغيان ولا يأبهون لصوت العقل والحكمة والمصلحة العربية والإسلامية.
وها هم تحت وطأة اليأس يندفعون إلى العنف الشديد على الطريقة الإسرائيلية نفسها. فمن لم يتمثل التجربة اللبنانية والفلسطينية نذّكره بها، فقد كان الصهاينة يبررون لأنفسهم ولضمائرهم أي خطوة إجرامية يريدون أن يخطوها، ولكن الصراع دائماً يمضي إلى غاياته المرسومة، أي أنّ الحق سينتصر على الباطل مهما طال عمر الطغيان. فهل يمكن أن يتخلى هؤلاء عن غرورهم وعنادهم قبل أن تهتز الأرض!
وللسعودية نوجه الكلام ذاته.
ونقول ما قاله الله عز وجل: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأخْسَرِينَ أَعْمَالا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًاً .