تفجير الكارلتون يفتتح مسار حلب بعد حمص ولا صواريخ أميركية للجربا الرئاسة اللبنانية: حركة بلا بركة والشغور قد يطول
كتب المحرر السياسي
المعادلات الكثيرة الحاكمة للتوازنات الجديدة في العالم والمنطقة والتي سيكون كلّ تغيير بحجم الرئاسة اللبنانية أو الاستقرار الإقليمي تحت مظلتها، تبدو قائمة على ثابتة واحدة هي الخروج التدريجي من المواجهات الساخنة بأقلّ الأضرار، وترسيم حدود أرصدة موائد التفاوض، على قاعدة تفادي كلّ مخاطر المواجهات الشاملة، تبدو أيضاً كمعادلة رياضية معقدة بعدة متغيّرات وثابتة واحدة، فيصير الزمن اللازم لنهاية المسارات مقبولاً مهما طال الانتظار، فهو ليس عاملاً ضاغطاً لسرعة الإنجاز تحت ضغط الحاجة أو القلق، وليس بين العوامل التي يمكن أن تشكل عاملاً حاسماً في رسم النتائج، ويصير المنطق الحاكم دعوا الأمور تبرد تدريجاً والمعادلات تقول كلمتها تحت سقف الخطر من دون تخطيه، ولا مشكلة أن ننتظر سنة أو أكثر حتى تختمر النتائج فكلّ شيء يستطيع الانتظار.
المعادلة الأولى كيف لا يتغيّر الوضعان السوري والأوكراني نحو الانهيار الدراماتيكي الذي يضع الروس والأميركيين وجهاً لوجه؟
الجواب بترك العوامل المحلية تتفاعل تحت سقف خطين أحمرين، لا دخول للقوات الروسية إلى كييف، ولا صواريخ أميركية مضادة للطائرات لمسلحي المعارضة السورية، أو أي سلاح نوعي يخلّ بالتوازنات ويتيح للقاعدة تسلّم جزء من هذا السلاح.
المعادلة الثانية كيف يتمّ ترصيد الحاصل النهائي للمواجهات في سورية وأوكرانيا إذا تطوّرت أوكرانيا نحو الحرب الأهلية، واتجهت سورية نحو نجاح الجيش السوري باستكمال السيطرة على جغرافيا المحافظات السورية، سواء على طريقة حرب القلمون أو على طريقة تسوية حمص؟
الجواب بفتح قناة تفاوض أميركي ـ سوري غير مباشر، يتولاه موفد أممي بديل للأخضر الإبراهيمي الذي بات أمر استبداله محسوماً، وموسكو تتولى المساهمة في تسهيل المهمة، وهي لذلك تقترح أن يقوم بها من له نسبة ثقة لا بأس بها لدى القيادة السورية، وزير الخارجية الاسباني الأسبق ميغيل أنخيل موراتينوس، من دون إشهار الرفض لمفوض شؤون الأمن والخارجية الأسبق للاتحاد الأوروبي خافيير سولانا، الذي طرحته واشنطن وترشحه موسكو كمبعوث خاص للأزمة الأوكرانية يتولى المراقبة والمتابعة وتشجيع الحوار وصولاً إلى حلّ ترى موسكو أن لا بديل عنه، وهو الاستفتاء على دستور جديد ينتجه حوار يطاول شكل الدولة، وربما يعقبه اعتماد الفيديرالية لأوكرانيا، بمعزل عن إجراء الانتخابات الرئاسية التي تصرّ عليها المعارضة التي صارت حكومة، ولا تمانع موسكو أن تشهد سورية بمعزل أيضاً عن موقف الغرب وواشنطن على رأسه من الانتخابات الرئاسية السورية، استفتاء مماثلاً على دستور جديد ينتجه حوار جدي وهادف تعقبه انتخابات برلمانية، وهذه الخطة المتفق على خطوطها العريضة بين موسكو وواشنطن قد تحتاج عاماً إضافياً لاكتمال معالمها، لكن التزاماتها يجب أن تتجسّد بصورة حاسمة على رغم ضغوط الحلفاء، فيرفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نداءات التدخل العسكري في أوكرانيا، ويرفض الرئيس الأميركي باراك أوباما نداءات السعودية أو توسّلات الائتلاف المعارض أثناء زيارة وفده برئاسة رئيسه أحمد الجربا إلى واشنطن، بتسليم مسلحيه سلاحاً نوعياً وخصوصاً المضاد منه للطائرات.
المعادلة الثالثة أنّ التفاهم الإيراني ـ السعودي يشكل شبكة الأمان اللازمة لصيانة استقرار المنطقة، وهو تفاهم يتوقف على العقلنة السعودية التي بات ملحاً أن تنتقل من حالة الإنكار الناتجة من عدم تقبّل حجمها الجديد المترافق مع دور محوري لإيران في المنطقة، والتفاهمات الغربية مع طهران، والتي تقوم على التسليم بهذا الدور والتسليم معه باليأس من تغيير المعادلة السورية من جهة، واليأس من إضعاف القوة الإقليمية الضاربة التي بات يمثلها حزب الله بعد حربيه مع إسرائيل والقاعدة من جهة أخرى، والدخول في السياسة من الجانب السعودي بطيء، فقد استدعى الانتقال من حالة الإنكار إلى الواقعية تغييرات هيكلية في بنية الحكم استغرقت ستة شهور، وبدأت مؤشرات هذا الانتقال تتبلور في المشهد السوري بالسعي إلى حجز مقعد للجبهة الإسلامية التي تولت تنفيذ الاتفاق المبرم حول حمص، ومتمّماته في ريف حلب بفتح طريق المساعدات إلى نبّل والزهراء، وفي ريف إدلب بالإفراج عن مخطوفي ريف اللاذقية، وبالمقابل السير بفكفكة الجغرافيا العسكرية المأزومة للمعارضة التي يشكل المال السعودي عصبها والفكر الوهابي مرجعها، ولم يغيّر في هذا التفجير الذي استهدف فندق الكارلتون في حلب بقدر ما أعطى مؤشراً على بدء المواجهة الحاسمة التي ستقرّر مصير حلب، والتي يبدو أنها ستشكل تكراراً للنموذج الذي افتتحته حمص في ضوء اقتراب الجيش السوري من إنهاء خطة فصل الريف عن المدينة، بصورة تفتح الآفاق لتسارع تكون معه الانتخابات الرئاسية قابلة للإنجاز في حلب، تحت راية وقف نار وانسحابات شبيهة بالتي تعيشها حمص منذ أمس.
المعادلة الرابعة هي الإقرار بأنّ الاستعصاء الذي يحيط بالتفاوض الإسرائيلي ـ الفلسطيني غير قابل للحلّ، وأنّ ربط النزاع وتبريد الجانب الأمني والسعي إلى رسم سقف عنوانه منع الحروب الكبرى، يشكلان هدفاً مقبولاً في ظلّ الوضع الراهن.
المعادلة الخامسة تصير لبنانية، وهي محكومة بثنائية قاسية، طرفها الأول التعقيد الذي يفرضه الجمع بين ضفتين، ضفة السعي إلى الرئيس الوازن مسيحياً والرئيس التوافقي، في ظلّ توزّع القادة المسيحيين على ضفتي الصراع الداخلي والإقليمي، تفرض ربط السير بأيّ من أسماء الأربعة الأساسيين، وفي مقدمهم العماد ميشال عون وبعده الرئيس السابق أمين الجميّل بحسم التوافقات الإقليمية والدولية، وبلوغها نهاياتها، وهذا قد يستدعي الانتظار كما قال ديبلوماسي أوروبي لضيفه اللبناني حتى صيف العام المقبل 2015، وضفة القلق الأمني على لبنان ومحوره خطر تسرّب القاعدة من سورية في ضوء الحرب الدائرة، وهو قلق يتراجع مع ابتعاد المعارك عن الحدود اللبنانية، والإنجازات التي رافقت المعارك التي خاضها الجيش السوري ومقاتلو حزب الله في القلمون، بصورة بات التقدير الغربي القائم على أنّ لبنان يتحمّل الانتظار يضعه في مرتبة متأخرة من التسويات، التي كانت ستتبدّى بالضغط على الواقع السياسي اللبناني لتمرير رئيس توافقي من غير الأسماء القيادية مسيحياً، بصورة جعلت الديبلوماسي الأوروبي نفسه يقول، إنّ حزب الله ذهب بقوة إلى حرب القلمون لاعتبارات أمنية وسياسية، ولكن ربما لرفع حظوظ حليفه العماد ميشال عون رئاسياً، بإزالة أسباب الضغط الأمني عن الرئاسة، وما يفرضه من فرص رئاسية ليس العماد عون بينها.
في ظلّ هذه المعادلات تصير الحركة السياسية والإعلامية النشطة غير مؤهلة لإحداث الاختراق المنشود، وهي حركة كان محورها لقاءات سعودية ـ عونية جمعت السفير علي عواض العسيري بالوزير جبران باسيل، ولقاءات كان نجمها الرئيس أمين الجميّل شملت الوزيرين سليمان فرنجية ووليد جنبلاط، وتوّجها البطريرك بشارة الراعي بزيارة وداعية للرئيس ميشال سليمان قبل نهاية ولايته في قصر بعبدا.
أما على صعيد الاستحقاق الرئاسي فقد شهدت الساعات الماضية حركة مارونية ناشطة لاستدراك الشغور الرئاسي شبه المؤكد الذي لا يفصلنا عنه سوى أسبوعين، وعلى رغم اللقاءات والتحركات التي سجلت، أكان في بكركي أو بنشعي أو بكفيا. فإنّ الأسباب التي حالت دون انتخاب الرئيس تبقى على حالها، وفي مقدّمها تمسّك سمير جعجع بترشحه واستفراده في هذا الترشح عن فريق 14 آذار، على رغم كلامه الشكلي بعد لقاء البطريرك الراعي أمس عن استعداده لسحب الترشح لقاء مرشح آخر من 14 آذار.
مراجع سياسية: إعلان جعجع لذرّ الرماد
وقد علّقت مراجع سياسية على هذا الكلام بالقول إنّ هذا الإعلان من جعجع هو بمثابة ذرّ الرماد في العيون، لأنّ مناخات وأجواء الترشح لا تزال كما هي، ولأنه يدرك سلفاً عجز المرشحين الآخرين في هذا الفريق عن المبادرة لأسباب عدة لعلها القرار الضمني المتخذ بالتنسيق مع تيار المستقبل وهو إبقاء جعجع مرشحاً من أجل تحقيق الهدف الأساسي أي إعاقة عملية التوافق، وتقول المراجع: إنّ ما أعلنه رئيس «القوات» يهدف أيضاً إلى محاولة إحراج العماد ميشال عون واستفزازه وجرّه إلى المواجهة الثنائية، الأمر الذي لم يقدم عليه «الجنرال» منذ البداية وليس في وارد أن يخطو خطوة واحدة في هذا الاتجاه. ومن هنا تضيف المراجع أنّ الحالة المحيطة بالاستحقاق الرئاسي لم تتبدل، وأنّ ما جرى أمس هو حركة بلا بركة.
لذلك بقي السؤال الأساسي المطروح هو: هل هناك إمكان لانتخاب الرئيس قبل 25 أيار، والجواب المرجّح بل وشبه المؤكد أنه إذا ما استمرت الأمور على حالها فإنه من المستحيل تحقيق هذا الهدف.
وفي هذا المجال قال الرئيس بري أمام زواره أمس إنّ السؤال الذي يجب أن يطرح، لماذا لم يتمّ انتخاب رئيس جديد حتى الآن؟ وأكد في مجال آخر أنّ المجلس النيابي له صلاحيات التشريع المنفصلة عن موضوع انتخاب رئيس الجمهورية، موضحاً أنه سيدعو بالتوازي إلى جلسات تشريعية وجلسات انتخاب رئيس للجمهورية إذا تعذّر انتخاب الرئيس قبل 25 أيار.
في السياق الرئاسي أيضاً قالت مصادر كتائبية إنّ الجميّل لن يفصح عن أيّ شيء يتعلق بنتيجة اتصالاته قبل انتهاء جولته على القيادات الرسمية والسياسية. لكنها رأت أنّ كلام جعجع أمس عن استعداد للانسحاب فيه بعض الإيجابية، وإن رُبط هذا الانسحاب باتفاق قوى 14 آذار على مرشح آخر، وأوضحت أنّ الجميّل قال لجعجع أثناء زيارته له قبل يومين: «إذا أكملت أنت والعماد عون بهذه الطريقة فإلى أين ستصلون وتوصلون البلد»؟
اتصالات مارونية حول الاستحقاق الرئاسي
وأجريت اتصالات أمس متابعة لملف الانتخابات الرئاسية، خصوصاً في الساحة المارونية، فزار البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان لهذه الغاية، واستقبل رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية في دارته في بنشعي رئيس حزب الكتائب أمين الجميّل، وأعرب فرنجية بعد اللقاء أنه سيكون دائماً مع عون وهو الذي يقرّر مسار المعركة الرئاسية، مشدّداً على ضرورة انتخاب رئيس قبل 25 أيار.
أما الجميّل فقال: «إنّ انتخاب رئيس قادر على مواجهة الاستحقاقات لا يتمّ إلا بالتفاهم، ورأى أنّ عدم إنجاز الاستحقاق وانتخاب رئيس قبل 25 أيار خطير لأنّ المستقبل مجهول».
من جهته، زار جعجع البطريرك الراعي في بكركي، وأعلن في مناورة جديدة استعداده لسحب ترشيحه إذا تمّ التوافق على اسم آخر من 14 آذار.
ومساء أمس زار النائب وليد جنبلاط الرئيس الجميّل في بكفيا وبُحث في الاستحقاق الرئاسي، وقال جنبلاط في حديث أمس: إنّ نصاب الثلثين أساسي في استحقاق الرئاسة ولا يمكن الركون إلى النصف زائداً واحداً.
كذلك كانت لافتة أمس زيارة السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري إلى وزير الخارجية جبران باسيل قبل زيارته العماد عون.
اليوم الأول للإضراب العام
وعلى صعيد القضايا الحياتية دخل البلد اعتباراً من يوم أمس مدار الإضراب العام، حيث نفذ القطاع التربوي الرسمي والإدارات العامة إضراباً شاملاً أمس، تلبية لدعوة هيئة التنسيق النقابية في إطار الإضراب الذي سيستمرّ حتى يوم الأربعاء المقبل، موعد انعقاد الجلسة النيابية العامة لبحث سلسلة الرتب والرواتب.
مصادر هيئة التنسيق: سائرون نحو تصعيد أكبر
وفيما عمدت اللجنة النيابية في تقرير إلى تشحيل أكثر من ثلث حقوق المعلمين والموظفين والعسكريين بحجة عدم وجود تغطية لتكاليف السلسلة، يبدو واضحاً أنّ اللجنة تجاوزت كثيراً من الأبواب التي يمكن أن يتمّ من خلالها استكمال عملية تمويلها، وتقول مصادر في هيئة التنسيق إنّ اللجنة النيابية لم تكتف بتخفيض الضرائب التي اقترحتها اللجان المشتركة على أرباح الشركات المالية والعقارية والمصارف وعلى المخالفات البحرية، بل لجأت إلى عدم الاقتراب من الإجراءات كلها التي يمكن أن تجبي مئات ملايين الدولارات سواء من خلال فرض ضرائب على أرباح شركة «سوليدير»، أو وقف الهدر في مرفأ ومطار بيروت والمعابر البرية، أو في وضع ضرائب على أرباح آلاف المؤسسات التي تتهرّب من دفع الضرائب أو أنها معفية منها.
وأكدت المصادر أنّ التحرك التصعيدي سيأخذ أشكالاً وخطوات تصعيدية أوسع من الإضراب المعلن عنه لمدة أسبوع، في حال عدم تجاوب مجلس النواب مع مطالب الهيئة بإقرار السلسلة وفق ما كان اتُّفق عليه بينها وحكومة الرئيس نجيب ميقاتي. وقالت إنّ إقرار الجلسة التشريعية لتقرير اللجنة النيابية سيؤدي حكماً إلى الإضراب العام المفتوح واستمرار الاعتصامات والتظاهرات على أوسع مدى ممكن، إضافة إلى اتخاذ قرار واضح بمقاطعة الامتحانات الرسمية. وأضافت إنّ الهيئة لا تقبل بأي شكل من الأشكال بما جاء في تقرير اللجنة النيابية باعتباره سرقة موصوفة لحقوق اللبنانيين وما يشكله من إذعان لأصحاب الشركات الاحتكارية وأصحاب الريوع المالية والعقارية والمصرفية.
بري ينتقد تقرير اللجنة النيابية
وفيما أودعت هيئة التنسيق الأمانة العامة لمجلس النواب نسخة عن مطالبها وملاحظاتها على المشاريع المعدة حول السلسلة كلها، ذكرت أوساط عين التينة أنّ الرئيس بري درس المشاريع الثلاثة التي تتعلق بالسلسلة وهي مشاريع الحكومة السابقة واللجان النيابية وتقرير اللجنة النيابية الأخير. وقد انتقد بري بعض جوانب مشروع اللجنة لأنّ فيه ظلماً للناس. ومن ذلك اقتراحها رفع الضريبة على القيمة المضافة الـT.V.A إلى 11 في المئة على كلّ المواد والسلع.
وطالبت الهيئة في بيانها أمس الرئيس بري بإعادة النظر في تقرير اللجنة النيابية الذي يضرب حقوق المعلمين والموظفين، مؤكدة أنّ هذه السنة لن تكون هناك امتحانات رسمية في حال عدم الالتزام بالاتفاق الموقّع مع الحكومة السابقة، أو إذا اعتُمد تمرير المشروع المسخ، داعية للمشاركة في يوم غضب سلمي الأربعاء المقبل.
إضرابات في الإعلام والكهرباء
بالتوازي مع إضراب هيئة التنسيق أعلن المتعاقدون مع وزارة الإعلام عن إضراب شامل حتى إقرار تثبيتهم. وأعلنت لجنة المتابعة عن خطوة إلى الإضراب حتى الثلاثاء المقبل، معربة عن استغرابها عدم إدراج قضيتهما على جدول أعمال اللجان المشتركة الثلاثاء. كما أعلن المياومون في مؤسسة كهرباء لبنان عن الإضراب المفتوح حتى قبض رواتبهم.