طلّاب لبنان… علماء الغد

لمى نوّام

بين ضجيج المفردات العلميّة، وتوتّر الطلّاب بانتظار إعلان النتائج، اختُتمت في قصر الأونيسكو مباراة العلوم 2015 التي امتدّت لثلاثة أيّام، وشارك فيها 550 طالباً و230 أستاذاً مشرفاً من 140 مدرسة من مختلف المناطق اللبنانية، تنافسوا على 200 مشروع علمي.

المباراة التي تقام سنوياً منذ عام 2004، خصّصت لها «الهيئة الوطنية للعلوم والبحوث» 33 جائزة تتضمّن مِنحاً جامعية وجوائز نقدية وميداليّات.

نسخة هذه السنة من المباراة، كانت تحت شعار «اصنع التغيير»، ورعى افتتاحها وزير الصناعة الدكتور حسين الحاج حسن، فيما رعى حفل الختام وزير الثقافة ريمون عريجي.

توزّعت المشاريع على فئات: التشغيليّ والروبوتيك، تكنولوجيا المعلومات، البيئة والموارد الطبيعية، الصحة وعلوم الحياة، علوم الفيزياء والكيمياء، إضافة إلى علم الفلك.

انطلقت المباراة يوم الخميس الماضي بحضور أمين عام المجلس الوطني للبحوث العلمية معين حمزة ممثّلاً وزير الثقافة ريمون عريجي، ورئيس الهيئة الوطنية للعلوم والبحوث أحمد شعلان، وحشد تربوي وعلمي من وزارة التربية والتعليم العالي، والعميد خالد علوان ممثلاً مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص، العقيد وديع خاطر ممثّلاً مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم، خليل حمزة ممثّلاً مدير عام الدفاع المدني، ومحمد حسن جاويد المستشار السياسي للسفير الايراني في لبنان. كما حضر الدكتور حسان خشفة عن الجامعة اللبنانية الدولية، أمين الجامعة الإسلامية الدكتور عباس نصر الله، الدكتور روجيه حجار عن جامعة سيدة اللويزة، والدكتور علي شعيب رئيس الجامعة الحديثة للعلوم والأعمال. إضافة إلى حشد من أساتذة الجامعة اللبنانية وتربويين وخبراء.

بعد الافتتاح، جال الحاج حسن والوفود برفقة مدير المباراة رضوان شعيب والمشاركين في أجنحة معرض المباراة، مناقشًا الطلاب في أفكارهم العلمية، ومشجّعاً ابتكاراتهم، ومثنياً على التنظيم الدقيق. ثم ارتجل كلمة في المناسبة، أكّد فيها أهمية العلم لبناء الأوطان، وتوجّه الشباب اللبناني نحو البحث العلمي.

وجاء في كلمة الحاج حسن: «أتشرّف بافتتاح مباراة العلوم التي لم أكن أعرف عنها الكثير، إنما يمكنني القول بعدما شاهدت ما شاهدت، إن هناك جيلاً واعداً من الشباب، لا بدّ أن تفتح أمامه الآفاق من أجل خير الوطن. ونشكر منظمّي المباراة على جهدهم، لأن العلم يجمع شباب لبنان من أجل خدمة الاقتصاد والتنمية والمجتمع. كما نأسف لأن الموازنات المخصّصة للبحث العلمي لا تتعدّى خمسة ملايين دولار، وهي كلفة بضعة طلاب دكتوراه في الدول المتقدّمة. ونأمل أن تكون بعض مشاريع الطلاب الواعدة مقدّمة لبحوث علمية عالية على المستوى الجامعي مستقبلاً».

وشكر شعلان الوزير الحاج حسن على دعمه، متمنّياً أن يكون حضوره مع الدكتور معين حمزة مقدّمة لرفع مستوى الشراكة بين ابتكارات الشباب اللبناني والقطاعات الصناعية والاقتصادية المختلفة.

ثمّ بدأ التحكيم في المشاريع العلمية، واستمرّت هذه العملية يومين، وأدّاها أكثر من 120 حكماً، باستخدام نظام تحكيم إلكترونيّ هو الأوّل من نوعه، وبمعايير دقيقة ومحدّدة. وفي اليوم الثاني، جال مدير عام وزارة التربية فادي يرق على مشاريع الطلاّب.

لقاءات

«البناء» التقت مدير مركز الجودة في الجامعة اللبنانية الدولية د. حسان خشفة الذي قال: «هذه المباراة تعكس مدى اهتمام الجيل الصاعد بالعلوم الحديثة، وتحديداً بالمنهج البحثي، لأنّ المشاريع المشارِكة هي مشاريع تشغيلية فيها أفكار جديدة مطروحة من الطلاّب بمساعدة الأساتذة المشرفين. هنا تكمن أهمية المؤسّسات التربوية والجامعات في دعم هذه المشاريع، سواء بالدعم المادي للهيئة المنظّمة أو من خلال المِنح الجامعية التي تعطى للطلاّب الثانويين. وما يهمنا رعاية هؤلاء الطلاب الذين يملكون إبداعاً، والرعاية تكون في التعليم الجامعي الذي يؤهّلهم مستقبلا لأن يصبحوا علماء».

وأضاف خشفة: «الجامعة اللبنانية الدولية شاركت بدعم مادي للمصاريف الاجرائية للمباراة بقيمة 20 مليون ليرة لبنانية، كما قدّمنا عشر مِنح جامعيّة للطلاب الفائزين بالفئتين الأولى والثانية».

وقال مدير «قصر الأونيسكو» سليمان الخوري لـ«البناء»: إن قصر الأونيسكو ملتقى لأهل الابداع والفن والثقافة، وهو يقوم بدوره الطبيعي عندما يستقبل نشاطات ثقافية وتربوية كهذه، وكل ما يساهم في نهضة المجتمع اللبناني، خصوصاً الجيل الجديد التي يهتمّ لنشاطات كهذه، إذ إنّها تحفّز العقل اللبناني المبدع لأن يبتكر في التكنولوجيا والفيزياء والكيمياء والرياضيّات».

وقالت عقيلة الراحل أنطوان حرب: كان هدف أنطوان دائماً يتمثل بالثقافة والعلوم، وكان من المشجعين الدائمين لأعمال كهذه. أتمنى أن تطغى الثقافة والعلوم على العقول والنفوس في هذا البلد.

وتحدّثت نهلا حرب قائلة: قدّمنا جائزة رمزية بقيمة مليون ليرة لبنانية تشجيعاً للثقافة والعلوم، وحتى يكون هاجس أبنائنا الابداع الخلّاق، الذي شاهدناه في المباراة في السنوات السابقة. إنه تنظيم رائع، ونتمنى أن يزيد عدد الجهات الداعمة، لأن دعم حقل العلوم للأسف أقلّ من غير حقول. ما رأيناه في المباراة تعب ومثابرة وقتال بلا سلاح، هو قتال بالعلم والفكر في وجه هذه الموجة القاسية من الجهل، أتمنى من هؤلاء المبدعين الشباب أن ينهضوا بوطننا لبنان وأن ينقذونا من موجة الجهل العارمة في مجتمعنا.

وقال الدكتورعباس وهبة، عضو «لجنة الصبّاح الوطنية»: هذه المباراة تحفّز الجيل الناشئ على الإبداع وعلى اكتشاف المواهب والقدرات العلمية. لأنّ هناك آلافاً من المخترعين. وتأمين الفرص هو الذي يبرز هذه الامكانيات الكامنة، وقد تبيّن ذلك منذ 12 سنة حتى الآن، وكان هناك عشرات العلماء، لذلك نحن كبلدية النبطيّة و«لجنة الصبّاح الوطنية» قدّمنا جائزة مادية رمزية قدرها أربعة ملايين ليرة لبنانية للفائزين، ستسلّم للفائزين في بلدية النبطية في السادس عشر من الشهر الجاري في احتفال مركزيّ يقام في المدينة، في ذكرى العالم المبدع حسن كامل الصبّاح ستقدّم دروع وجوائز للمخترعين الناشئين في ثانوية حسن كامل الصبّاح.

من جهته، قال مدير مباراة العلوم رضوان شعيب: أصبحت مباراة العلوم ظاهرة سنوية في لبنان، وهي أكبر حدث تربوي بعد الامتحانات الرسمية. وتميّزت هذه السنة بافتتاح رعاه وزير الصناعة واختتام رعاه وزير الثقافة.

طلاب لبنان هم جزء من الطاقة البشرية في هذا الوطن، وهم بحاجة إلى دعم ورعاية. وهذه المشاركة الضخمة عبر أكثر من 140 مدرسة وثانوية من كل لبنان أثمرت تقديم نحو 200 مشروع علميّ، واللافت هذه السنة أنّ عدد المنح الجامعية ازداد، وكل الطلاب الذين فازوا في المرحلتين الذهبيّة والفضيّة تأهّلوا للمِنح الجامعية إنما ضمن شروط من ثلاث جامعات: الجامعة اللبنانية الدولية عشر مِنح، الجامعة الاسلامية خمس مِنح، وجامعة سيّدة اللويزة أربع منح.

طلاب ومشاريع

ميراي عدنان ديب، الفائزة من «مدرسة العزم الفنية»، تحدّثت إلى «البناء» قائلة: نحن فريق من أربعة أشخاص، قدّمنا مشروعاً أسميناه «باي كير»، برزت فكرته من مشكلة واجهت صديقاً لنا في السعودية، كان لديه حوض سمك، واضطر لأن يأتي إلى لبنان، وحين عاد وجد الأسماك نافقة، فبرزت فكرة أن نصنع آلة من خلالها نتحكّم أينما كنّا في العالم من خلال الإنترنت موصولة على علبة و«3 جي»، نضع كلمة السر، وفيها محرّك يستطيع إيصال الطعام إلى السمك، وفيها أيضاً كاميرا لمراقبة الأسمك، وإضاءة كالتي يستعملها الغطاسون.

وقال الفائزعن فئة «روبوتيك» مارك غاريوس من مدرسة «سيّدة الجمهور»: قدّمنا مشروع هو عبارة عن حقيبة، ترافقك كيفما اتّجهت في المطار أو في أيّ مكان آخر، إذ تجدها خلفك، الحقيبة تحتوي على «جي بي أس سيستم»، في حال سُرقت الحقيبة، بإمكانك أن تعلم مكانها أينما كنت في العالم. هذا المشروع ولدت فكرته لمساعدة المقعدين الذين يستخدمون الكرسي المتحرّك.

سبق الحفل توزيع شهادات التقدير، إلقاء كلمات، إذ اعتلى المنبر كل من: مدير عام مباراة العلوم رضوان شعيب، رئيس الهيئة الوطنية للعلوم والبحوث الدكتور أحمد شعلان، مدير مركز الجودة في الجامعة اللبنانية الدولية الدكتور حسان خشفة، عضو مجلس بلدية بيروت المهندسة بشرى عيتاني، والإعلامي بسام أبو زيد، ومعين حمزة ممثلاً وزير الثقافة.

ثم أعلن شعيب نتائج مباراة العلوم 2015، إذ فاز بجائزة «حسن كامل الصبّاح للمبدعين الشباب» مشروع «Intelligent Irrigation System» للطلاب مهدي الساحلي وحسين حرب وحسان سمور من «ثانوية المهدي» ـ الحدث. وبذهبية المشاريع التشغيلية و«الروبوت» عن المرحلة الثانوية مشروعا «Follow me suitcase!» للطلاب مارك غاريوس ورالف شلهوب وجوزف زاخر وبيار حداد وآلان أبو راشد من مدرسة «سيدة الجمهور»، ومشروع « Intrusion System» للطالبتين إسراء عواضة وزينب زيتون من «ثانوية البتول». وفي المرحلة المتوسطة فاز مشروع «Raspberry Pi Robot» للطالبين غابي زينو والياس رميلي جدعون من «ثانوية مار يوسف للراهبات الأنطونيات» ـ زحلة. أما عن فئة البيئة والموارد الطبيعية، فقد فاز بذهبية المرحلة الثانوية مشروعا «ماكينة حرفية لحقن PVC» للطالب علي جابر من «ثانوية ميفدون الرسمية» و«A/C Natural » للطالب جوزف النقور من «مدرسة الحكمة فرع مار يوحنا مارون» عين الرمانة، وعن المرحلة المتوسطة مشروع «Renewable Energy» للطلاب جواد كريم وأمير سلوم وفاطمة قشاقش ومروى ديب من «ثانوية الإمام الحسن». وفي فئة تكنولوجيا المعلومات، فاز بذهبيتها مشروع «Pi Care» للطلاب عبد الله أكومة وفضل الزعبي ومحمد عبد الحي من «معهد العزم» التابع لمجمّع العزم التربوي. أما جائزة أنطوان حرب فقد فاز بها مشروع «Mothers Use a Safe Cutting Board» للطلاب محمد بركات وزكريا الصلا وعلي زعيتر وميسلون بركات من «مركز الأبرار التربوي» ـ جب جنين. وفي فئة العلوم الفيزيائية والكيميائية فاز بذهبية المرحلة الثانوية مشروع «Chem-Beauty» للطالبات إسراء حجازي وزهراء شعيتو وفاطمة السلمان وكوثر المقداد من «ثانوية الإمام الحسن». وعن المرحلة المتوسطة مشروع الخدع البصرية والصور ثلاثية الأبعاد للطالبات نانسي شهاب ولونا قليلات ولمى عرب وآلكسندرا شبارو من «مدرسة المقاصد ـ كلّية علي بن ابي طالب».

أما فئة الصحة وعلوم الحياة، ففاز بذهبيتها يوسف بلوط وعلي علامة وسام نصيف وبلال شهاب من «مدرسة المروج»، وعن المرحلة المتوسطة مشروع علاج بيولوجي رائع للطالبين مهدي منصور ومهدي أمهز من «ثانوية المرتضى».

وقدّم حمزة وشعلان الميداليات الفائزين، إضافة إلى يرق وخشفة وعيتاني وأبو زيد وعميد المعهد العالي للعلوم والتكنولوجيا د. فواز العمر عن الجامعة اللبنانية، وعميد كلّية الهندسة في الجامعة الإسلامية في لبنان د. عبد المنعم قبيسي الذي قدّم بِاسم رئيس الجامعة د. حسن الشلبي خمس مِنح كاملة، ومدير شعبة التعليم المستمر في جامعة سيدة اللويزة د. روجيه حجار الذي قدّم بِاسم رئيس الجامعة الأب وليد موسى أربع منح كاملة، وسعيد حمادة بِاسم رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين فادي الجميل، فيما قدّم صادق اسماعيل بِاسم رئيس بلدية النبطية د. أحمد كحيل مع د. عباس وهبة شيكًا بأربعة ملايين ليرة عن جائزة «حسن كامل الصبّاح» للمبدعين الشباب، وقدّمت نهلا متري مليون ليرة عن جائزة «أنطوان حرب».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى