هل غيّر التحالف الدولي استراتيجيته لمواجهة تدفق الإرهابيين إلى المنطقة من قرابة 100 دولة؟
قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، أمس إن الحرب ضد «داعش» ستكون طويلة الأمد، وإن الحكومة العراقية ملزمة بتنفيذ إصلاحات لتحقيق وفاق بين كل العراقيين.
وأكد فابيوس، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ونائب وزير الخارجية الأميركي توني بلينكن، على هامش مؤتمر التحالف الدولي في باريس، أن جهود التحالف تركزت على محافظة الأنبار لتحرير الرمادي وأن الاستقرار في العراق لن يتحقق إلا مع عملية انتقال سياسي في سورية، مشدداً على أن كل القوى يجب أن تكون موحدة في مواجهة «داعش».
وشدد وزير الخارجية الفرنسي على المضي قدماً في إنجاح جهود التحالف ضد «داعش»، مشيراً إلى أن محاربة «داعش» في العراق يجب أن تكون ضمن مشاركة كل العراقيين.
من جانبه، أعلن العبادي، عن بدء عمليات تحرير محافظة نينوى من سيطرة تنظيم «داعش»، مشيراً إلى توجه قطعات عسكرية نحو المحافظة.
وقال حيدر العبادي: «إن هناك تراجعاً حصل في الرمادي أدى إلى انسحاب القوات منها، لأسباب مختلفة وهناك تحقيق بالموضوع»، مشيراً إلى أن القوات العراقية لم تنكسر لقتالها ضد «داعش» في محافظة الأنبار وأن هناك خطة عسكرية لتحريرها بالكامل واستعادتها من أيدي مسلحي «داعش».
وشدد رئيس الوزراء العراقي على أهمية زيادة قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ودعمها للعراق لمواجهة التنظيم الإرهابي، مؤكداً أن العراقيين «يقاتلون «داعش» على عدة جبهات». مضيفاً: «ان الكلام كثيرٌ لكن الافعال قليلة».
ولفت العبادي إلى أن «داعش» لم يؤسس في العراق، بل نما وتأسس في سورية وما زال يمتد من خارج الأراضي العراقية»، مبيناً أن دور التحالف الدولي يتمثل في وقفة صارمة ضد مسلحي التنظيم لما يمثله من خطر على العالم بأسره.
وتابع حيدر العبادي قائلاً: «حصلنا على تطمينات من أعضاء التحالف الدولي لمنع تدفق الإرهابيين إلى العراق، ومنع تهريب النفط والآثار»، معرجاً بالقول إن أية قطرة نفط أو آثار تهرب من قبل «داعش» لتمويل عملياته هي سفك لدماء العراقيين.
أما نائب وزير الخارجية الأميركي توني بلينكن، فقال: «إن الولايات المتحدة تدعم العراق سياسياً وعسكرياً في حربها طويلة الأمد ضد التنظيم»، مشيراً إلى أن «قوات التحالف حققت إنجازات ضد «داعش» في الـ 9 أشهر الماضية».
وبين توني بلينكن أن «داعش» ما زال قوياً ويسيطر على العديد من الأماكن وأن الحرب ضده ستكون طويلة الأمد، مضيفاً: «أنه يجب استخلاص الدروس من الانتكاسات لتحقيق الانتصارات».
وأفاد نائب جون كيري بأنه يتفق مع ضرورة الانتقال السياسي في سورية وسيضاعف الجهود لتحقيقه.
ويذكر أن العاصمة الفرنسية باريس استضافت اجتماعاً لتحالف الدول المكافحة لتنظيم «داعش»، وذلك لإجراء محادثات استراتيجية مستقبلية لقتاله وإيقاف تقدمه، في الوقت الذي يستمر «داعش» في إحراز إنجازات ميدانية في كل من سورية والعراق.
وكان العبادي انتقد تحركات التحالف الدولي في مكافحة تنظيم «داعش» المتطرف وأكد أن تدفق الإرهابيين إلى العراق «لم يتوقف أو يقل» وأن ذلك يعني فشل «الجهد الدولي»، وذلك قبيل وصوله إلى باريس مساء أول من أمس على رأس الوفد العراقي للمشاركة في الاجتماع.
وكشف العبادي في محاضرة ألقاها في مركز الرافدين للدراسات العسكرية في بغداد أول من أمس، أن «وفود الإرهابيين لم تتوقف ولم تقل حتى اللحظة وهذه ظاهرة خطيرة تعني أن الجهد الدولي قد فشل ولم يؤد مغزاه ولم تؤد تلك الجهود إلى ما هو مطلوب»، مشيراً إلى «استمرار «داعش» في تهريب النفط لتمويل مكانته الإجرامية».
وكانت إخفاقات بغداد في التصدي لـ«داعش» عزتها لضعف التسليح، وهو ما ردت عليه واشنطن امس بخجل عبر إرسال 2000 صاروخ مضاد للدبابات من طراز «إيه تي-4» للجيش العراقي، تسلمت منها الحكومة العراقية 1000 فقط، فيما احتفظ التحالف الذي تقوده واشنطن، بالنصف الثاني في المنطقة لتدريب العراقيين ولحالات الطوارئ في المستقبل.
وأكد مسؤول من وزارة الدفاع الأميركية فضل عدم الإفصاح عن صفته، أن إرسال الصواريخ جرى على مدى الأيام القليلة الماضية، علماً أن «البنتاغون» أفاد بأن تسليم الصواريخ سيساعد العراق في التصدي للهجمات الانتحارية بالسيارات المفخخة التي يشنها مسلحو «داعش».
كلام العبادي يأتي في وقت تشير فيه التقارير الرسمية إلى أن التنظيم يحصل على مخزون بشري من المتشددين من قرابة 100 دولة وهو ما سمح له بقضم المزيد من الأراضي.
وأضاف العبادي أن المشاركة في مؤتمر باريس للتحالف الدولي تهدف إلى «حث هذه الدول على الوقوف مع العراق»، محذراً في الوقت ذاته من أن «داعش» إذا تمكن من السيطرة على أجزاء من الأرض العراقية والعبور لدول الجوار فإن تلك الدول لن تكون في مأمن».
ومن جهة أخرى، أكد رئيس الحكومة العراقية أن الوحدة الوطنية مسألة أساسية في الأمن الوطني وفي مواجهة «داعش» والانتصار عليه، وشدد على ضرورة أن لا يؤثر التنافس بين الكتل على وحدة العراقيين.
وينعقد هذا المؤتمر بعد اجتماع للمجموعة المصغرة للتحالف الدولي في لندن في كانون الثاني من هذا العام والذي كان الاجتماع الأول من نوعه.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية رومان ندال إن التوصل إلى حلول سياسية دائمة للأزمة العراقية هو السبيل الوحيد لمحاربة تنظيم «داعش» الإرهابي، مشيراً إلى أن الاجتماع سيؤكد دعم الحكومة العراقية من أجل التنفيذ الفعلي لعمليات الإصلاح الضرورية لتحقيق المصالحة الوطنية.
وكان التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، بدأ العمليات العسكرية ضد تنظيم «داعش» بالعراق، في 19 ايلول 2014، قبل أن يوسع عملياته في الأراضي السورية… وقتها كان التنظيم يسيطر في سورية على غالبية محافظة الرقة مع بعض الوجود في ريف حلب الشمالي، أما في العراق فكان وجوده في الأنبار وصلاح الدين.
وبنظرة إلى الخريطة التي توضح المناطق التي سيطر عليها التنظيم نجد أن «داعش» قد تمكن من قضم المزيد من الأراضي في كل من سورية والعراق.