سقوط «السلطان باشا» أردوغان
حسين الديراني
سقط التاج العثماني من على رأس رئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان قبل ان يتوج به، وذهبت أحلامه في إنشاء امبراطورية عثمانية «إخونجية» سلفية متطرفة أدراج الرياح بعد فرز الأصوات والإعلان عن النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية التركية، كان يحلم بالفوز بـ 400 مقعد لتشكيل حكومة الغالبية التي تسمح لحزبه تغيير الدستور لمصلحة نظام رئاسي يترأسه حتى عام 2023، لكن الذي حصل عليه 270 مقعداً من أصل 550 مقعداً في البرلمان مما سيطره للتحالف مع أحد الأحزاب الأخرى لتمكينه من تشكيل حكومة تحالف هذا إذا وافق أي حزب للتحالف معه.
حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا آخر صنم لـ»الاخوان المسلمين» يحطمه الشعب التركي الذي سئم الديكتاتورية المنفردة بقرار الحرب والسلم بعد ان حطم الشعب المصري الصنم «الاخونجي» المتمثل بحزب «الحرية والعدالة» الذي كان يتزعمه الرئيس المخلوع محمد مرسي المحكوم بالاعدام شنقاً، وبعد تبديل الأصنام في دويلة قطر من صنم ضخم الى صنم صغير، وبعد إنهيار «حزب النهضة» في تونس.
خسارة أردوغان من دون شك سوف تحدث إنفراجاً ولو قليلاً في الأزمة السورية والعراقية بعد ان سخر كل إمكاناته العدوانية على سورية والعراق قيادة وارضاً وشعباً من خلال تسهيل دخول عشرات الآلاف من الارهابيين من سائر انحاء الكرة الارضية ليمارسوا في سورية والعراق كل أشكال الإرهاب والقتل والدمار ظناً منه ان باستطاعتهم إسقاط النظام السوري اولاً ومن ثم السيطرة على سورية بتنصيب «والي» كما كان يفعل السلطان العثماني ايام الامبراطورية العثمانية البائدة، لم يسهل إدخال الارهابيين الى سورية فقط بل شاركت قواته الجوية والبرية العدوانية في مؤازرة الارهابيين في عملياتهم الكبرى والتي تسببت مؤخراً في سقوط ادلب وجسر الشغور، وهو الشيطان الذي يستطيع تغيير اسماء المجموعات الارهابية حسب متطلبات الادارة الاميركية، «فالقاعدة» تصبح «جبهة النصرة» وعندما تدرج على لائحة الارهاب يبدل اسمها لتصبح «جيش الفتح».
اما ارتباط اردوغان الوثيق بـ «داعش» ودولته الارهابية ليس بحاجة الى أدلة، ولكن للتأكيد، فكل مقاتلي «داعش» الارهابيين عبروا الحدود التركية الى سورية والعراق، الموارد المالية الضخمة لدولة «داعش» التي تحصل عليها من خلال بيع النفط بأرخص الأثمان للدولة التركية وتحت مراقبة طائرات الاستطلاع لدول التحالف الذي تتزعمه الولايات المتحدة الاميركية، ولا ينقص العلاقات بين الدولة التركية والدولة الداعشية سوى تبادل السفراء علناً والاعتراف بالحدود الجديدة التي يسيطر عليها «داعش»، أو قد ينتظر الى اي حدود ستصل اليها الدولة الداعشية الارهابية للاعتراف بها.
مشروع أردوغان «الإخونجي» المدمر لسورية كان وما زال يريد منه إسقاط النظام السوري وتقديمه هدية في المحفل الماسوني العالمي بيد الكيان الصهيوني، لكن الصمود الاسطوري للجيش العربي السوري وقيادته المتمثلة بالرئيس الدكتور بشار الاسد والشعب السوري الوفي، والمؤازرة الإلهية من رجال المقاومة الاسلامية «حزب الله»، والتحالف الايراني – الروسي – الصيني – السوري مكنت سورية من الصمود بوجه 88 دولة عالمية شاركت بالعدوان والإرهاب.
نتائج الانتخابات الأخيرة قضت على طموحات أردوغان واحلامه السلطوية، ولعلها تردع عدوانيته الشيطانية الارهابية، ويقضي ما تبقى من ايامه السياسية مهتماً بالحفاظ على كرسيه المهزوزة خوفاً من السقوط على الارض كلياً كما حصل معه حين محاولته الفاشلة ركوب الجواد العربي الذي قذفه من على ظهره ورماه بعيداً وركله في بطنه لشدة انزعاجه من نتانة رائحة بدنة الداعشي الارهابي.
لقد خسرت دولة «داعش» حليفاً استراتجياً بعد ان مكنها من السيطرة على جزء كبير من الاراضي السورية والاراضي العراقية وفقدت الوسيط الاكبر بينها وبين اميركا، وكانت تأمل بحصوله على الأكثرية ليستمر في دعمها بنفس الحماسة والوتيرة، وقد كان ذلك واضحاً من خلال التمنيات والدعوات التي اطلقها عدد من الاعلاميين في قناة «الجزيرة» الداعشية وعلى رأسهم الإعلامي الداعشي احمد زيدان الذي توسل الى الله بأن يحصل أردوغان على الغالبية في الانتخابات البرلمانية، ولكن خابت آماله كما خابت آمال زميله الداعشي الآخر احمد منصور وكما خابت آمال سيدهم الحاخام الأكبر سلطان باشا أردوغان.