فيتو وقائي ـ سليمان مرشح استفزازي ـ مفاجآت الأسبوع السوري
ناصر قنديل
– الفيتو الروسي الصيني على إحالة ملف سورية إلى المحكمة الجنائية الدولية هو أول فيتو تمارسه العاصمتان العظميان لاعتبارات تخصّ أمنهما القومي، فالقبول بمشروع القرار المقدم من فرنسا والمدعوم من كلّ الدول الغربية وأتباعها من حكومات العالمين الثاني والثالث، يشكل سابقة يتهيّأ لها الأميركيون للمطالبة بإحالة مشابهة لملفات تطاول مباشرة كلّ من حكومتي بكين وموسكو، وهذا الفيتو وما أعقبه من كلام قانوني دقيق للمندوبيْن الروسي والصيني يشكل رسالة واضحة، مضمونها أننا نعلم خلفياتكم وما تريدون، فالكلام الروسي والصيني يؤكد التمسك بالحلّ السياسي في سورية، ولا يرى جدوى من القرار في المساعي للحلّ السياسي، لكنه يتوقف أمام أبعاد تتصل بالسيادة القانونية للقضاء الوطني وخطورة تجاوزها في قضايا مشابهة، ويحذر من الاستعمال السياسي للمحكمة الجنائية الدولية كأداة عقابية لخصوم بعض الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، بدلاً من العقاب على الجريمة، ويشير إلى وجوب احترام حقوق الدول في قبول أو رفض النظر في قضايا قانونية تطاول جرائم يفترض أنها جرت على أراضيها من قبل المحاكم الدولية، التي يرى الروس والصينيون أنّ تدخلها في مثل هذه الحالات يجب أن يتمّ بصيغة معونة قضائية للقضاء الوطني بناء على طلب السلطات المختصة في البلاد المعنية، وليس بصيغة الانتداب والوصاية.
– فشل المجلس النيابي اللبناني في انتخاب رئيس جديد للبنان ليس خبراً، فهو أمر محسوم ومعلوم سلفاً، والخبر هو أنّ الفشل أصاب التمديد للرئيس ميشال سليمان كمرشح سرّي جرى طبخه بعناية بين باريس والرياض، وتمّ التقدم نحوه بوصفة قوامها الانفتاح على العماد ميشال عون كخيار رئاسي توافقي من جهة، والدفع بترشيح رئيس القوات سمير جعجع من جهة أخرى، ليتمّ بلوغ الاستعصاء والذهاب في خطوة أولى إلى بكركي، والقول إنّ الفراغ بات حتمياً ولا بدّ من تغيير قواعد اللعبة لاستنقاذ الكرسي الرئاسي من الفراغ، لكسر معارضة بكركي للتمديد، وهذا أمر أعلن سمير جعجع أنه تمّ بالفعل، وأنّ البطريرك بشارة الراعي قد فاتحه بخيار التمديد لمنع وقوع الفراغ، ما يعني نجاح الثلث الثاني من الخطة الموضوعة بعد نجاح ثلثها الأول، بوضع ترشيح جعجع في وجه الانفتاح على عون، لتظهير الاستعصاء وخطر الفراغ، والذي فشل أمس هو الثلث الثالث من الخطة الذي بُنيَ على جعل انسحاب جعجع وعون متزامناً مع طرح التمديد، كباب خلفي للخروج من الاستعصاء، بتوظيف الضغط النفسي للفراغ ومخاوفه ومخاطره، وخصوصاً إضعاف الدور المسيحي في الدولة من موقع الرئاسة الأولى وشغوره وانتقال صلاحياته المعنوية على الأقلّ إلى رئاسة الحكومة، لتصوير العماد عون مسؤولاً عن حصول كارثة تصيب الوضع المسيحي ببقائه مرشحاً بعد إشاعة أجواء استعداد جعجع للانسحاب لحساب أيّ خيار توافقي، لا يبدو أنّ كلام جعجع عن رفض التمديد يعبّر بدقة عنه، بعد الغزل المتبادل بين جعجع والرئيس ميشال سليمان، فقد أظهر العماد عون رفضاً للابتزاز بخطر الفراغ ليتحمّل دعاة التمديد مسؤولية هذا الفراغ، طالما قطعوا الطريق على التفاهم على مرشح يمكن حشد ثلثي النواب للحضور إلى المجلس النيابي وانتخابه، وميشال سليمان مثله مثل سمير جعجع بعيون كثيرين من فريق الثامن من آذار، ولو اختلفت المظاهر، وكلاهما مرشح استفزازي لا يمكن اعتباره خياراً توافقياً وارداً.
– يبدو المشهد العسكري في سورية للأسبوع المقبل أمام تطورات ومفاجآت، ففي جبهتي المليحة وجوبر تقدُّم نوعي للجيش السوري، يفتح باب توقعات سريعة على واحدة من الجبهتين على الأقلّ، وفي الجنوب يبدو تقدّم الجيش السوري من نوى نحو موقعي الشجرة واليرموك على الحدود السورية الأردنية الفلسطينية إجهاضاً نهائياً لخيار الحزام الأمني الذي تشتغل عليه «إسرائيل» منذ زمن، كما يبدو دخولاً إلى قلب معركة درعا ومحافظة حوران بعد تأمين طريق قطنا القنيطرة وفصل القنيطرة عن درعا، كما تبدو الجبهة الشمالية بانتظار معركة فاصلة على جبهة الريف الشمالي الغربي في بلدة حريتان، حيث يكتمل بها الفصل النهائي لريف حلب عن أحياء المدينة، كما تقول المعلومات إنّ حراكاً بدأ في الأحياء الشرقية في المدينة بعد وصول الجيش إلى السجن المركزي وقبلها إلى المدينة الصناعية، مما يعني أنّ أحياء متعدّدة ستكون موضع ترقب لتسويات شبيهة بالتي جرت في حمص.