القوميّون يشيّعون شهيدي السويداء تأكيداً على جبهة شعبية للمقاومة عين الحلوة تبدأ يوماً مراً في رمضان… وقلق أمني من صلة بعرسال
كتب المحرر السياسي:
تنخفض سقوف الضجيج في جنيف وتشهد المحادثات بداية اقتراب من فرص النجاح الأولي في تثبيت هدنة شهر رمضان، كما نقل عن مصادر الأمم المتحدة بعد عدة اجتماعات مع الوفود اليمنية كلّ على حدة، وجاء كلام خالد بحاح المرشح لمنصب الرئيس الموقت، عن فرص التوصل إلى هدنة رمضان خلال زيارته للقاهرة ليمنح الكلام عن الهدنة التي أعلن الحوثيون الموافقة عليها فرصاً جدية. وإذا سارت الأمور وفقاً للمتوقع تبدأ الهدنة التي قال مصدر أممي إنها ستعلن خلال ساعات، من يوم غد السبت.
مع انطلاق الهدنة ستنطلق جولة حوار جديدة بين الفريقين اليمنيين محورها كيفية صياغة حلّ سياسي بين الأطراف المتنازعة، يقوم على تشكيل حكومة توافقية ومجلس نيابي موقت لإصدار إعلان دستوري والدعوة إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية خلال سنة، على أن يتولى خالد بحاح الرئاسة الموقتة بعد تنحّي الرئيس المستقيل منصور هادي، ليشرف على تشكيل قيادة متفق عليها للجيش ليتسنّى تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 2216، والذي ينصّ على مغادرة المدن من قوات الحوثيين وتسلّم الجيش أسلحته ومهام حفظ الأمن بعد استعادة وحدته.
رمضان مليء بالمتغيّرات اليمنية، وتقرّر وجهتها نتائج المفاوضات لإعلان الهدنة وسيرها نحو التثبيت، إيذاناً ببدء المرحلة الجديدة.
وكما يبدو حلف الحرب على اليمن الذي تقوده السعودية منهكاً لكنه يكابر بالاعتراف، لا يزال الحلف ذاته بقيادة «إسرائيلية» يحاول ويكابر في الإقرار بالهزيمة، ويراهن على تغيير الوقائع في سورية، ورهانه الراهن هو السويداء، حيث شعار الحياد الذي تسلّم دفته بمباركة أردنية النائب اللبناني وليد جنبلاط، بينما تنطلق السويداء نحو خوض حرب كرامتها وراء الجيش السوري وفصائل المقاومة التي يتقدّمها السوريون القوميون الاجتماعيون. وتأتي أنباء الانتصارات لتزيد حماسة الانخراط في القتال من سائر فئات الشعب السوري، فمطار الثعلة الذي أعلنت قناة «العربية» سقوطه عشر مرات، وفتحت بثاً مباشراً إلى ما بعد منتصف الليل لثلاثة أيام متتالية بانتظار الإعلان من داخل المطار عن دخول «جبهة النصرة» إليه، بقيَ محصناً صامداً بيد الجيش السوري وفصائل المقاومة والفصائل الشعبية المقاتلة، وتقدّم المقاتلون نحو تحرير قرى مجاورة للمطار تعزيزاً لدفاعاتهم. كذلك فشلت كلّ محاولات «جبهة النصرة» بالدخول إلى بلدة حضر في سفوح جبل الشيخ على رغم الدعم «الإسرائيلي» المتعدّد الوجوه والأشكال. وخرجت جموع الأهالي تحتفل بالانتصارات وتشيّع الشهيدين القوميين اللذين رويا بدم الشهادة الطاهر تراب سورية، بينما رفقاؤهم القوميون يجدّدون العهد بالسعي لقيام جبهة شعبية لمقاومة الاحتلال والإرهاب.
الحرب الممتدّة من سفوح جبل الشيخ إلى جرود القلمون لم تكن بعيدة لبنانياً عن التفجير المفاجئ للوضع الأمني في مخيم عين الحلوة، مع مخاوف وجود صلة بين هذا التفجير وبين المعلومات عن مساعي وخطط بعض الخلايا النائمة على اتصال بقيادة «جبهة النصرة» في عرسال، لتفخيخ علاقة المخيم بالجوار، وبالتالي بالجيش اللبناني بعد جرّ المخيم إلى لعبة الدم، في وقت يعيش الوسط السياسي والحكومي في حالة غياب، تحت تأثير التجاذبات المتصلة بالتعيينات الأمنية والعسكرية التي تزايد منسوبها مع طرح قضية تعيين مدير جديد لمخابرات الجيش اللبناني في التداول، بينما التماسك في أداء الأجهزة الأمنية والعسكرية يشكل عصب القدرة على منع المخاطر المحدقة والتصدّي لها.
قهوجي يرفض أن تصبح المناصب العسكرية سلعة للتداول الإعلامي
تتواصل الاتصالات بين الرئيسين نبيه بري وتمام سلام لإحداث ثغرة في جدار الأزمة الحكومية. ونقل زوار رئيس المجلس النيابي عنه قوله أمس إنه «حريص على العمل الحكومي ويعمل على تقريب وجهات النظر في شأن التعيينات»، مجدداً التأكيد «أنّ وزيري حركة أمل علي حسن خليل وغازي زعيتر لن يستقيلا أو يعلقا مشاركتهما في الحكومة حتى لو فعل ذلك وزراء التغيير والإصلاح وحزب الله.
وبات من المؤكد أنّ مدير المخابرات الحالي العميد ادمون فاضل سيتمّ تسريحه في أيلول المقبل، بعدما يكون قد أمضى الحدّ الأقصى من المهلة المسموح بها قانوناً والتي هي 42 سنة، ليصبح تعيين مدير مخابرات فعلي أمراً جدياً.
وفي هذا الإطار، تتحدث مصادر مطلعة لـ«البناء» عن تسابق السياسيين على هذا المنصب وفي طليعتهم الرئيس السابق ميشال سليمان الذي يراها فرصة مناسبة لزرع أشخاص يثق بهم في المنصب الأكثر حساسية في الجيش ليضمن نفوذاً واسعاً. ومن الأسماء التي يطرحها قائد لواء الحرس الجمهوري وديع الغفري ويحتفظ بأسماء أخرى كالعميد مارون الحلو لتكون بديلاً في حال رفض الاسم الأول».
وتقول المصادر لـ«البناء» إنّ الرئيس سليمان يريد اسماً لم يعلنه حتى الآن، فهو يستعمل اسم العميد الغفري لجسّ النبض».
في المقابل، يبدي قائد الجيش العماد جان قهوجي تشدّداً في الموضوع، فهو يعتبر أنه لم يحن وقت التعيين بعد، ويرفض أن تصبح المناصب العسكرية سلعة للتداول الإعلامي. وقد أبدى قهوجي بحسب ما نقل عنه زواره لـ«البناء» تشدّداً في «مواجهة أي جهة تحاول استمزاج رأيه في الشأن العام».
وبما أنّ تعيين مدير المخابرات يبدأ عند قهوجي، ويصدر بقرار من وزير الدفاع في ظلّ توافق سياسي معيّن، وفي ظلّ تشدّد قائد الجيش بحجب الموضوع عن التداول الإعلامي، ترى المصادر المطلعة «أنّ كلّ ما تمّ تداوله في هذا الموضوع لا يعبّر عن حقيقة الواقع».
في موازاة ذلك، تسلم قائد اللواء العاشر في الجيش اللبناني العميد خضر حمود مركز مدير فرع الجنوب في مخابرات الجيش اللبناني، بدل العميد علي شحرور الذي سيحال إلى التقاعد في 30 حزيران الجاري.
إنذارات بوقوع اضطرابات أمنية
في غضون ذلك، علمت «البناء» من أوساط سياسية «أنّ إنذارات بوقوع اضطرابات أمنية بدأت تصل إلى القوى السياسية»، لافتة إلى «أنّ المرحلة الحالية تتطلب ضرورة تنظيم الأوضاع في لبنان وانتخاب رئيس للجمهورية». ونقلت الأوساط إصراراً وتأكيداً دوليين على انتخاب رئيس الجمهورية الذي من شأنه أن يريح البلد ويعيد العمل إلى المؤسسات».
ورأى مجمع سينودوس الأساقفة الموارنة أنّ انتخاب رئيس للجمهورية مسألة وطنية لا تتعلق بالموارنة فقط، مثنياً على الحوارين بين المستقبل وحزب الله وبين التيار الوطني والقوات، داعياً لحضور النواب إلى المجلس والقيام بالواجب الدستوري، مطالباً الدول الصديقة والشقيقة بدعم لبنان للخروج من أزمته. وأثنى على دور البابا فرنسيس في دعمه لقضية الوجود المسيحي في الشرق وإرسال موفديه إلى المنطقة.
ولهذه الغاية يتوجه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي يرافقه رئيس أساقفة «ميلانو» الكاردينال انجيلو سكولا إلى اربيل اليوم للإطلاع على أوضاع المسيحيين.
تجميد الهبة السعودية متوقع
في سياق آخر، وضعت مصادر واسعة الإطلاع في حديث إلى «البناء» تجميد الهبة السعودية برسم رئيس الحكومة تمام سلام ووزير الدفاع الوطني سمير مقبل وتيار المستقبل والحكومتين السعودية والفرنسية.
وأشارت إلى «أنّ تجميدها يلفه الغموض في هذا الظرف الحساس والدقيق حيث يكلف الجيش اللبناني من مجلس الوزراء مهمة مسؤولية أمن عرسال».
ولم تستغرب المصادر عن الخطوة الفرنسية، معتبرة «أنها متوقعة منذ الإعلان عن هذه الهبة والآن جاءت الأحداث لتثبت ذلك».
وأضافت: «إنّ هذه الهبة أعطيت لأجل شراء موقف معيّن للتمديد للرئيس السابق ميشال سليمان ولقطع الطريق على السلاح من روسيا وإيران وبهدف حصار السعودية لحزب الله لإسقاط مبرّر سلاحه».
ولفتت إلى «أنّ الدفعة الأولى من هذه الهبة التي أعطيت للجيش هي لزوم ما لا يلزم ولم تتضمّن سلاحاً ثقيلاً أو استراتيجياً يستعمل ضدّ العدو الإسرائيلي أو الإرهاب بل تبيّن أيضاً أنه غير صالح».
وأوضحت «أنّ هذه الهبة جاءت ضمن محاولات السعودية لشراء لبنان بـ 3 مليارات دولار ولشراء الجيش للتأثير على موقف قيادته، معتبرة «أنّ التجاذبات السياسية اليوم حول قيادة الجيش والتعيينات تصبّ في هذه الخانة».
«القومي» يشيّع شهيديه في السويداء
في سياق آخر، جدّد الحزب السوري القومي الاجتماعي التأكيد على موقفه الثابت المتمسّك بالتصدّي للمشروع المعادي الذي يواجه الأمة كلها، والذي تتمدّد أذرعه الإرهابية اليوم لتحاول النيل من سورية ودورها وموقعها القومي المقاوم لكلّ ما تنتجه آلة الحرب الصهيوني، سواء مباشرة أو بالواسطة عبر أدواتها من المجموعات الإرهابية المسلحة الآتية من مجاهل التاريخ. فقد شيّع الحزب القومي وأهالي محافظة السويداء الشهيدين البطلين فيصل الأطرش ورشوان مشرف، بمأتمين حزبيّين حاشدين، في بلدتي أم الرمان وشقا في محافظة السويداء، حيث أكد المسؤولون القوميون «أنّ العدوان المفتوح على سورية هو عدوان على كلّ الأمة، فالمؤامرة منبعها ودورها وأهدافها تركية ـ صهيونية ـ عربية ـ أميركية ينفذها مرتزقة إرهابيون متطرفون حاقدون، لمصلحة أمن إسرائيل». وأضافوا: «واهم ومتآمر من يظن أنّ أهل جبل العرب يرتضون المهانة والخنوع، ومن يحاول التمويه على تآمره بأنه يريد الوئام بين أبناء الجبل والجوار، نقول له، إنّ الإرهاب الآتي من مجاهل التاريخ، والذي تدعمه، هو من يفرّق، ولا مشكلة بين أبناء الوطن الواحد، بل المشكلة مع المارقين والطارئين والحاقدين».
وجدّدوا دعوة الحزب القومي إلى قيام الجبهة الشعبية لمقاومة الاحتلال والإرهاب، وإلى ثقافة الوحدة القومية صوناً لأمتنا وحمايةً لإنساننا.
كما أكدوا «أنّ الإرهاب وكبار مشغّليه وصغار مستغلّيه لن يتمكنوا من تغيير حقيقة السويداء وحقيقة سورية، لن يستطيع مشغّلو هذا الإرهاب والمستثمرون فيه تجيير هذه المنطقة أو تلك من سورية خارج سياق الانتماء السوري مهما استخدموا من أساليب وأنماط إثارة الذعر والخوف ومخاطبة الغرائز، ومهما حاول البعض من هواة سياسة الانتهاز استغلال هذه الموجات الإرهابية وأعمالها للنيل من حقيقة هذا الانتماء المتجذّر».
جنبلاط يضغط على أهالي السويداء لقبول الرعاية «الإسرائيلية»
إلى ذلك، أكدت أوساط سياسية لـ«البناء» «أن سقوط حضر يعني تحول جبهة النصرة إلى منطقة مزارع شبعا ومنطقة «أندوف»، بالتالي يصبحون على تخوم راشيا الوادي وعيحا وكفرقوق». ولفتت المصادر إلى «أنّ ذلك لن يحصل، فجبهة النصرة لن تنجح في مخططها على رغم تعاونها مع إسرائيل». واعتبرت المصادر «أن الجيش السوري والقوى المساندة له تمكنا من فك الحصار عن حضر التي تهدف النصرة و»إسرائيل» من السيطرة عليها إلى إضعاف حركة اللواء 90 الموجود خلف القنيطرة باتجاه جبل الشيخ بعدما كانت إسرائيل في عام 1982 تريد إبعاد هذا اللواء عن المنطقة إلا أنها كانت تصطدم بقوته الدفاعية».
وأكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن هدف زيارة رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط الأردن، تهدئة الأجواء ريثما يتضح مسار المعركة في المنطقة، فهو يريد تحريك الوضع في الأردن باتجاه السويداء للضغط على الأهالي لقبول الرعاية «الإسرائيلية».
واعتبرت المصادر «أنّ هذه المسألة باتت صعبة جداً بعد سقوط الشهداء في قلب لوزة والسويداء والدم لم يبرد بعد». في حين أكدت مصادر الحزب التقدمي الاشتراكي لـ«البناء» أنّ لقاءات جنبلاط في الأردن كانت إيجابية، وانه يسعى من خلال الاتصالات التي يقوم بها إلى تجنّب تكرار ما حصل في قلب لوزة، في مناطق أخرى».
تصفية حسابات في عين الحلوة
أمنياً ، توتر الوضع الأمني مجدداً في مخيم عين الحلوة أول من أمس عقب انتشار عدد من المسلحين المقنعين من أتباع الفارّ من وجه العدالة بلال بدر عند الجهة الشرقية لمخيم الطوارئ، وعملت بعض الأطراف على إنهاء التوتر في المخيم وسحب المسلحين من الشوارع بعد أن ارتفعت حصيلة الاشتباك بعد ظهر أمس إلى قتيل هو محمود س. من حركة فتح وأربعة جرحى من بينهم العنصر في تنظيم «جند الشام» يحي أبو السعيد.
وتجدد الإشكال في حي طيطبا بعد الظهر، وقد أفيد عن جرح الفلسطينيين علي زبيدات وماجد عثمان في الإشكال الذي استخدمت فيه الأسلحة الرشاشة والقنابل اليدوية، وقد نقلا إلى مستشفى أبو ظهر في صيدا للمعالجة.
ووضع مصدر عسكري لـ«البناء» «هذه الأحداث ضمن الوضع الأمني العام في المخيم الذي تسوده الفوضى»، مشيراً إلى «أنها أحداث أمنية داخلية وتصفية حسابات بين بعض الفصائل في المخيم».
واستبعد المصدر نقل التوتر الأمني إلى خارج المخيم أو أن يكون له أي خلفيات سياسية تتعلق بتحركات التنظيمات الإرهابية». وأوضح «أن ما حصل أثبت هشاشة القوة الأمنية المشتركة المكلفة أمن المخيم».