«داعش» يستعدّ لما بعد خسارة العراق وسورية بالتمركز في الكويت معارك عرسال تنتظر فرصاً تفاوضية حول العسكريين المخطوفين

كتب المحرر السياسي

هز العالم المشهد الدموي الذي نظمه انتحاريو «داعش» في القارات الثلاث أوروبا وأفريقيا وآسيا في يوم واحد، ليطغى الحدث على مشاهد المساعي التفاوضية والمسارات السياسية للملفات التي بدأت تدخل حيز الاقتراب من الحلحلة، وفي طليعتها الملف النووي الإيراني وملف الحرب السعودية على اليمن، حيث تشتغل غرف الصياغات على سيناريوات وبدائل وصيغ يجري تداولها بين المعنيين، عبر العواصم الكبرى سعياً لبلوغ الصيغة الأكثر مقبولية والأشد واقعية وقابلية للتطبيق.

ضرب «داعش» وقال أنا هنا، واللعبة لم تنته ولن تنتهي، والأمن العالمي بات مهدداً فعلاً، وعلى الدول التي تعتبر أنها تمتلك قدرات وجيوشاً وتتباهى بمكانتها الأمنية أن تدرك أنها باتت على جدول الأعمال.

في فرنسا وتونس «داعش» يسجل نقاطاً، لكن في الكويت يرسم إستراتيجية، فالمتابعون في الكويت من المقربين من دوائر الحكم، وقادة الطائفة الشيعية التي استهدفت بالتفجير الانتحاري، يجمعون على أن الضربة إعلان بدء نشاط التنظيم في الكويت، ضمن خطة أكبر من حجم الضربة، فـ»داعش» يريد قيادة كل التطرف المذهبي وكل أنصار الفكر القاعدي الوهابي، ضد فريقين، شيعة الكويت من جهة، والحكم الأميري من جهة مقابلة، ونظراً لحجم الكويت الصغير تتسرب من متصلين بـ«داعش» الكويت، معلومات مفادها أن التنظيم يضع في حسابه في حال تعرضه لحرب شاملة تخرجه من سورية والعراق أن تكون الوجهة هي الكويت، التي تتيح مقدرات التنظيم السيطرة عليها، إذا تمركزت فيها كامل قواته المنتشرة في سورية والعراق، وحيث القدرة النفطية والإطلالة على مياه الخليج والموقع المتصل بالعراق والسعودية وإيران يعطي للسيطرة على الكويت مكانة إستراتجية هامة في خريطة المنطقة.

خلافاً لمشهد «داعش» المتنقل بضربات أمس الدموية، كان مشهد «النصرة» و«داعش» العسكري في جرود القلمون سيئاً، ومشهد «النصرة» في جنوب سورية وخصوصاً جبهة درعا أشد سوءاً، حيث نجح الجيش السوري بتسجيل انتصارات كبرى بصد هجمات الآلاف من المسلحين المتدفقين عبر حدود الأردن، وفي الخطة إسقاط درعا تمهيداً للتوجه نحو دمشق وريفها، ليسقط الفشل في إحداث أي اختراق حقيقي خصوصاً على محور المستشفى الوطني في درعا، أي فرصة للخطة المعتمدة والرهانات الواقفة وراءها.

لبنانياً، بدا تجميد بعض الحراك العسكري في جرود عرسال، مرتبطاً بما يدور على جبهة التفاوض على مصير العسكريين المخطوفين لدى «جبهة النصرة»، ومعهم مصير وجود «النصرة» في عرسال، بينما بدا الجمود الحكومي بلا انتظارات.

جرود عرسال تنتظر معركتي درعا والحسكة

فشل التحالف الدولي في دحر تنظيم «داعش» الذي بات يتوسع ويتنقل بين الدول، حيث استهدف الكويت وتونس وفرنسا. وانشغلت القوى السياسية اللبنانية بذلك، وأصدرت مواقف تدين التفجيرات الإرهابية التي حصدت عدداً من القتلى والجرحى.

في موازاة كل ذلك يواصل حزب الله والجيش السوري دك معاقل الإرهابيين، في القلمون وعرسال، بالتوازي مع تصدي الجيش السوري في الوقت نفسه لهجوم الإرهابيين في درعا والحسكة.

وتصدّت مدفعية المقاومة لمحاولة تسلل مجموعة مسلحة إلى الأراضي اللبنانية بين جبلي العلالي والأبيض على السلسلة الشرقية في جرود معربون غرب بلدة طفيل وأوقعت في صفوفها 7 قتلى وعدداً من الجرحى.

واستدرج الجيش مجموعة إرهابية مسلحة عند الواحدة من فجر أمس إلى كمين محكم بين وادي عطا والحصن بعد أن تسللت إلى مواقعه في منطقة عقبة الجرد وتصدى لها بالرصاص والقذائف، وأوقع عناصرها بين قتيل وجريح بعد اشتباكات عنيفة، ما أدى إلى انكفائها باتجاه الجرد مخلفة وراءها جثث قتلاها بالقرب من أرض المعركة.

وأكدت مصادر عسكرية لـ«البناء» «أن العمليات العسكرية في جرود عرسال أصبحت بطيئة نسبياً، ومرد ذلك إلى أمرين، إما انتظار نتائج معركتي درعا التي بدأت من نحو ثلاثة أيام والحسكة، لاستكمال العمليات في الجرود وتحقيق انتصار معين على الأرض، أو انتظار بلورة نتائج الاتصالات التي تجرى لتأمين خروج المسلحين من جرود عرسال مقابل إطلاق سراح الأسرى المختطفين لدى «جبهة النصرة» فقط، على اعتبار أن العسكريين المختطفين لدى «داعش» يتواجدون خارج القلمون وجرود عرسال».

قوننة خروج «الإسلاميين»

وربطت مصادر مطلعة لـ«البناء» إطلاق العسكريين بالإفراج عن الموقوفين الإسلاميين من سجن رومية، مشيرة إلى «أننا نشهد مرحلة قوننة لإخراجهم»، غامزة من قناة «إطلاق أمير الإسلاميين في سجن رومية خالد يوسف أبو الوليد ».

واعتبرت «أن هناك محاولة ربط واضحة بين عرسال ورومية التي رافقها تجييش الشارع في عدد من المناطق من جهة، وإطلاق العسكريين المخطوفين من جهة أخرى في إطار عملية التفاوض».

ونفت مصادر وزارية لـ«البناء» «أن يكون مستشار وزير العدل أشرف ريفي من سرب الفيديو»، مشيرة إلى «أن عناصر من قوى الأمن الداخلي قاموا بتصوير السجناء، وتبادلوا مقاطع الفيديو مع بعضهم البعض». وأكدت المصادر «أن العناصر الأمنية هي التي نشرت الفيديو على يوتيوب».

خلاف حزب الله ريفي مبرّر لتأجيل الجلسة

من ناحية أخرى، دخلت الحكومة في إجازة إلى أجل غير مسمى. وقرر رئيس الحكومة التريث في الدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء إفساحاً في المجال أمام المزيد من الاتصالات.

وأكد وزير الشباب والرياضة عبد المطلب حناوي لـ«البناء» أن ملف سجن رومية أضيف بنداً خلافياً جديداً على طاولة مجلس الوزراء»، لافتاً إلى «أن السجال الحاد والخلاف السياسي الحاصل بين وزير العدل أشرف ريفي وحزب الله، سببان إضافيان لتروي الرئيس سلام في الدعوة إلى جلسة، فهو لا يريد أن يضيف إلى عقدة التعيينات مادة خلافية جديدة إلى مجلس الوزراء»، لافتاً إلى «أن هذا الأمر قد يكون مبرراً لتأجيل الجلسة بانتظار تدوير الزوايا»، مشيراً إلى «أن المساعي لا تزال متواصلة لإقناع العماد عون بالعدول عن طرح بند تعيين قائد جيش كلازمة على جدول أعمال الجلسات المقبلة، وأن ينتظر إلى أيلول».

وأشار إلى «أن كل المؤشرات توحي أن لا جلسة قبل انتهاء شهر رمضان، والرئيس سلام حكيم وصبور، ويعمل على إيجاد مخرج وسط بين تشبث العماد عون بتعيين العميد شامل روكز قائداً للجيش، وبين رفض الفريق الآخر للأمر قبل انتخاب رئيس».

هبة المليار مجمّدة لأسباب سعودية

لا يزال موضوع الصفقة الفرنسية – السعودية لتسليح الجيش اللبناني موضع التباس ويكتنفه الغموض بعد المعلومات التي سربت عن تجميد الصفقة بطلبٍ سعودي، على رغم تأكيد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير الأربعاء المنصرم خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الفرنسي لوران فابيوس «أن تنفيذ العقد الفرنسي – السعودي لتسليح الجيش اللبناني يسير وفق عقد محدد وليس هناك تجميد».

وأكد مصدر في 8 آذار لـ«البناء» أن «الفرنسيين هم من سرب المعلومات التي تحدثت عن تجميد صفقة الـ3 مليارات للجيش لأنهم شعروا أنهم تعرضوا للخديعة في هبة المليار بعد أن قام الأميركيون بسرقة مبلغ 460 مليون دولار المخصصة للجيش من هبة المليار دولار بعد أن أبرم الجيش عقوداً معهم لشراء السلاح».

وأشار إلى «أن هبة المليار مجمدة أيضاً لأسباب سعودية تتعلق بالتحقيق مع رئيس الديوان الملكي خالد التويجري».

ولفت المصدر إلى «أن قائد الجيش العماد جان قهوجي خلال زيارته فرنسا بين 7 و12 أيار الماضي لتنفيذ المرحلة الأولى من هبة الـ3 مليارات المؤلفة من خمس مراحل وكل مرحلة تبلغ 600 مليون دولار، فوجئ بأن الفرنسيين غير جاهزين للتوقيع على رغم أن الجيش قدم مذكرة باحتياجاته وتقسيمها».

وعلق المصدر على كلام الجبير بالقول: «صفقة الـ 3 مليارات لتسليح الجيش مجمدة لإعادة قراءة العهد الجديد لهذه الصفقة الموروثة لإعادة ترتيبها والتحكم بتوقيتها».

اعتداء على حضر يفجر المثلث اللبناني السوري الفلسطيني

من ناحية أخرى، حضرت الأوضاع في المنطقة لا سيما الحرب الإرهابية الكونية على سورية في لقاء رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون والسفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي الذي أكد «أنّ هناك اتفاقاً في وجهات النظر بأن صمود الجيش السوري والحاضنة الشعبية له، لا بد ستؤتى ثمارهما على رغم شراسة الحرب».

وفي سياق متصل، خرق رئيس حزب التوحيد العربي الوزير السابق وئام وهاب الحصار المفروض على بلدة حضر في جبل الشيخ وفاجأ أهاليها بزيارة، التقى خلالها مسؤولي المحاور في البلدة والمقاتلين، حيث أكد «أنّ أيّ اعتداء على حضر سيفجر المثلث اللبناني – السوري – الفلسطيني بأكمله وما يعني حضر يعني المنطقة بأكملها».

وقال: «فليعرف كلّ الرعاة الإقليميين للمسلحين أنّ أيّ اعتداء أو محاولة لدخول حضر هي اعتداء على راشيا وحاصبيا والجولان وعلى كل لبنان وسورية وكل فلسطين بالنسبة لنا»، مؤكداً «أن خيار حضر هو الدولة السورية والجيش السوري».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى