محاربة «داعش» تتطلب التنسيق مع إيران
ناديا شحادة
موجة من الهجمات الإرهابية ضربت بقوة ثلاث قارات في يوم واحد لتصيب تونس وفرنسا والكويت، بدأت اول العمليات في ليون الفرنسية، في اعتداء نفذه شخص يحمل راية سوداء في مصنع للغاز وتسبب في مقتل شخص وإصابة آخرين، اما الحادثة الثانية فطاولت تونس وأودت بحياة 40 شخصاً معظمهم من السياح فيما استهدفت حادثة الكويت مسجداً شيعياً في هجوم انتحاري ادى الى سقوط 27 شهيداً و227 جريحاً.
تلك العمليات المنتشرة في تونس والكويت وفرنسا والتي تم التوقيع عليها من قبل طرف واحد وهو التنظيم الارهابي «داعش» الذي كثر الحديث على محاربته وعن حجم التحديات التي تواجه دول العالم، حيث أكدت على ذلك المستشارة الالمانية انغيلا مركل حين حضت على القيام بمواجهة حاسمة ضد الارهاب الدولي، مشيرة الى ان الأنباء التي وردتنا تبين لنا جميعاً حجم التحديات التي تواجهنا حين نتحدث عن مكافحة الإرهاب.
وعلى رغم تشارك قادة الغرب في تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة ضد «داعش»، والذي بدأ اول ضرباته في 19 ايلول عام 2014 ضد تنظيم «داعش» الذي ما زال يتعاظم ويوسع انتشاره في العديد من الدول بسرعة قياسية، الامر الذي يستدعي توحيد الجهود والبحث عن استراتيجية مشتركة وأكثر نجاعة مما يقوم به التحالف الدولي لمحاربة «داعش» في سورية والعراق، فالحرب على الارهاب التي يتصدى لها التحالف الدولي هي عبارة عن ادارة صاخبة للصراع فقط، فالتحالف الدولي بقيادة اميركا يدير الصراع مع «داعش» ولا يصارعها ولا يريد ان يصارعها الا اذا تجاوزت الخطوط الحمراء المرسومة له، وقد أكد سماحة السيد حسن نصر الله ذلك في العديد من خطاباته بعد الاعلان عن التحالف الدولي بقيادة اميركا لمحاربة «داعش»، إذ قال أذكركم ان اميركا ليست جادة ولا مستعجلة في محاربة داعش، لا بل ستعمل على انجاز مشروعها في المنطقة الا وهو تقسيم المنطقة على أسس طائفية وعرقية.
وما يؤكده المتابعون ان «داعش» هو اختراع اميركي بتمويل خليجي، فأمريكا هي المسؤولة عن اختراع الإرهاب واستعمال الحركات الإسلامية بأشكالها وانواعها لتحقيق اهدافها في المنطقة، ولكن ما يجري الآن من علميات ارهابية هو نتيجة لانحراف التنظيم جزئياً عن الاهداف والخطوط المرسومة له حيث بات يجاوز تلك الخطوط، وأصبح من الضروري لصناع القرار في الدول الاقليمية من ان تكثف جهودها لمحاربته والقضاء عليه والبداية تكون في منطقة الشرق الاوسط، فكل العمليات التي قام بها اوباما وحلفه الى الآن لم تجدي نفعاً، فالحرب الفعالة ضد «داعش» يجب ان تتم بالتنسيق مع ايران وحلفائها في المنطقة، فهي الوحيدة القادرة بعد تسوية النزاعات معها ان تفتح الباب لتغير نوعي في مسار هذه الحرب.
فبعد تعاظم خطر «داعش» الذي بات يهدد مصير أمن العالم، بعد خروجه عن السيطرة الاميركية وبات اخطبوطاً يتوغل ضد الانسانية ولن تجني جرائمه دول الشرق الاوسط فقط، ولكنه أصبح يمثل خطورة بالغة على اميركا والدول الاوروبية وباتت هناك مخاوف من تهديدات ارهابية اخرى ولدى التنظيم القدرة على ذلك، حيث صرح الجنرال المتقاعد جون الين ان التنظيم لا يعد مشكلة عراقية او سورية فحسب، لكنه مشكلة اقليمية خطيرة قد تحدث تداعيات عالمية، فمع ما نشاهده من خطورة التنظيم الداعشي الذي بات يقض مضاجع المسؤولين الاوروبيين والاميركيين، ومع ترك وزير الخارجي الاميركي جون كيري الباب مفتوحاً لامكانية التعاون المستقبلي مع ايران لمحاربة «داعش» عندما قال فقط لأن الايرانيين لم تتم دعوتهم الى مؤتمر باريس لا يعني اننا نعارض فكرة التواصل لمعرفة ما اذا كانوا سينضمون معنا للحلف او ما هي الظروف او ما اذا كانت هناك امكانية تغيير. يبقى السؤال هل نشهد تنسيقاً اميركياً – ايرانياً لمحاربة التنظيم؟ وبالذات بعد ما ذكرت سابقاً مجلة «وول ستريت» الاميركية ان الرئيس باراك اوباما ارسل برقية لمرشد الثورة الاسلامية الايرانية في ايران السيد علي خامنئي يطلب فيها تعاون البلدين في محاربة «داعش» في سورية والعراق.