السلطة الفلسطينية و«التنازلات الخمسة»
علوان نعيم امين الدين
في جلسة خاصة مع أحد الأصدقاء الفلسطينيين المطلعين على الشأن العام، كشف لنا عن خمسة ملفات قامت السلطة الفلسطينية بـ«التنازل» عنها سراً أو علناً لصالح «إسرائيل»، وهي: المياه، القدس، المستعمرات، اللاجئون، والحدود.
1 ـ المياه: بعد توقيع اتفاقية «قناة البحرين» المثيرة للجدل، تمّ الاتفاق على تقسيم المياه بين الأردن وفلسطين و«إسرائيل»، لكن ما حدث من تطورات شكَّل استفادة خالصة للأخيرة على حساب الطرفين الآخرين. ويقول محدثنا إنّ هذا المشروع سيصبّ 100 في المئة في مصلحة «إسرائيل» كونها قامت بتعديلات ضمنية على المشروع يسمح لها بالسيطرة الكاملة عليه. فحصة الأردن المتوقعة من المشروع، والتي تقدر بحوالي 30 في المئة، ستتمّ تغطيتها عبر تكرير مياه المجاري الآتية من الجليل الأعلى، منطقة بيسان بالتحديد، بدلاً من حصته من مياه المشروع إضافة الى خمسين مليون متر مكعب من مياه بحيرة طبريا كما كان ينص الاتفاق. اما حصة السلطة الفلسطينية من المياه، والمقدرة بحوالي 30 في المئة أيضاً من المشروع لكلّ من الضفة وغزة، فستتمّ تغطيتها من مياه الضفة الغربية نفسها او من خلال المشروع نفسه بقيمة مالية تفضيلية روسيا اليوم، 4/3/2015 ، وبذلك تحتفظ «إسرائيل» بكامل النسبة المئوية كي تستطيع تحويل أغلبية مياه المشروع الى منطقة النقب لاستثمارها عبر ما يعرف بـ«مشروع برافر».
تعتبر منطقة النقب من إهمّ المناطق التي تركز عليها «إسرائيل» اليوم، وتسعى دائماً إلى إنمائها مستفيدة، كما يقول محدثنا، من دروس التاريخ حيث كانت السبب في طرد الصليبيين على يد صلاح الدين الأيوبي لأنها كانت صلة الوصل بين بلاد الشام ومصر في ذاك الوقت، ويجب قطعها بمشاريع استعمارية جديدة سواء كانت أبنية سكنية او مشاريع زراعية او استثمارية. ويضيف، انّ رئيس الوزراء «الإسرائيلي» السابق، وأحد أبرز مؤسّسي الكيان، دايفيد بن غورين قد أوصى بدفنه في النقب إضافة الى بعض القادة الآخرين لما لهذه المنطقة من أهمية كبرى على بقاء الكيان.
2 ـ القدس: يقول محدثنا إنّ رئيس السلطة الفلسطينية قد «رفع عن كاهله همَّ المقدسات الفلسطينية عبر عقده اتفاقاً مع ملك الأردن عبدالله الثاني يتولى بموجبه الأخير موضوع حماية المقدسات في القدس كونه يمثل الوريث الشرعي للشريف حسين، ويعتبر امتداداً لسلالة النبي ص فهو من الأصول الهاشمية التي كانت تشرف على المسجد الأقصى»، وبذلك تصبح إحدى قضايا القدس الأساسية، أيّ المقدسات، في يد الأردن وهو الوحيد المخوّل البت فيها مستقبلاً.
3 ـ المستعمرات: يقول أستاذنا الدكتور محمد المجذوب إنّ العرب يلطفون كلمة المستعمرات باستعمال كلمة مستوطنات، بينما في المقالات والكتب الفرنسية تستخدم كلمة «المستعمرات» أي « Colonies». بالعودة الى محدثنا، يشرح لنا كيف سيتمّ تبادل أراضٍ بين «الدولتين» لكي تصبح المناطق فلسطينية صرفة، ويهودية صرفة وهو الأمر الذي يساعد ويسرِّع في إقامة «الدولة اليهودية». وفي الإطار التنفيذي، سيتمّ تبادل الأراضي من خلال ضمّ منطقة أمّ الفحم وبعض القرى شمال الضفة الغربية الى السلطة، بينما سيتمّ قضم بعض المناطق غرب الضفة الغربية والتي تعرف فلسطينياً بمنطقة «المثلث» وتشمل بلدتي الطيبة والطيرة.
4 ـ اللاجئون: يكشف محدّثنا أنه في لقاء خاص جمع الرئيس محمود عباس مع بعض الطلاب الجامعيين «الإسرائيليين»، قال أبو مازن ما معناه: «وعد صادق مني بعدم إغراق إسرائيل باللاجئين. وانا شخصياً متنازل عن العودة الى مسقط رأسي صفد، ولكنني أتمنى زيارتها من وقت الى آخر اذا ما سمحت لي السلطات الإسرائيلية بذلك».
انّ هذا التصريح، حال ثبوته، سيكون تقويضاً مهماً للمبادئ التي نص عليها القراران 182 و191 حول التقسيم ومبدأ عودة اللاجئين الى قراهم وصرف التعويضات العادلة لهم، وللقضية الفلسطينية برمّتها.
5. الحدود: أما عن مسألة الحدود من الجهة الشرقية، فالرئيس محمود عباس قد سبق وصرَّح بأنه لن يقبل بوجود جنود «إسرائيليين» على الحدود مع الأردن لكنه يقبل بوجود قوات للناتو. ويتساءل محدثنا: «ما الفرق بين الاثنين؟! نفس الأشخاص بلباس عسكري مختلف. سيخلعون لباسهم الإسرائيلي ويرتدون لباس الناتو».
وبعد عرضه لما سبق، يقول محدثنا إنه «برغم كلّ هذه التنازلات، فإنّ ما يعيق تحقيق هذه المواضيع وغيرها للأسف هو رفض رئيس الوزراء «الاسرائيلي» بنيامين نتنياهو ليس أكثر. فلو أعطته السلطة الفلسطينية ورقة بيضاء موقَّع في أسفلها فإنه لن يقبل بأيّ شيء. انّ عقيدة نتنياهو، وبحسب المقرّبين منه، هي عقيدة الـ»لا حل» مع السلطة أو مع غيرها».
باحث في العلاقات الدولية