«إيرانيوم»: ولادة عالم جديد و«إسرائيل» في حداد تفاهمات الحرب على الإرهاب وضعت على النار
كتب المحرر السياسي:
«إيرانيوم»، هذا المصطلح العجيب الذي يجمع بين إيران واليورانيوم صار معادلة العالم الجديد الذي ولد من رحم التفاهم النووي الإيراني، عالم متعدّد الأقطاب يحكمه سبع دول كبار، دخلت إيران بعدما كانت ستاً، هي الأربع التي حصدت انتصارات الحرب العالمية الثانية، وتلتهم الصين ولحقت بهم المانيا، وها هي إيران تتوّجها بالجلوس في مقعد مزدوج، يمثل الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، المقعد الذي كانت تحلم «إسرائيل» طويلاً باحتلاله، وربما هذا يفسّر حال القلق والذعر والحداد التي خيّمت على قادة كيان الاحتلال.
في العالم الجديد إدارة الأزمات بالتسويات، ولغة العقوبات إلى تراجع، والحروب لم تعد تصلح لصناعة السياسة، والشرق الأوسط ساحة النزاعات سيدخل عهد التسويات، والعنوان هو تفاهمات الحرب على الإرهاب، التي يبدو أنها وضعت على النار وتتقدّم لتصير إطاراً لتحالفات بدأ الإعلام الغربي بالترويج لها ولدور إيران الحاسم فيها، ومكانة موسكو في صناعة التسويات الممهّدة لها، والدور المحوري لسورية ورئيسها وجيشها في قلب هذه الحرب.
لبنان رغم التأويلات المتعدّدة للتفاهم، ومحاولات الإنكار المتوقعة لحجم التغيير الذي يعبّر عنه، يتجه وفقاً لمواقف الأطراف الفاعلة نحو التقاط الفرصة، بالمزيد من الحوار والبحث عن مخارج وحلول ترسّخ التهدئة وفقاً لمعادلة يقول رئيس المجلس النيابي نبيه بري، كي يكون لبنان أول من يقطف ثمار التفاهمات.
بري: لبنان أول المستفيدين
كرّست إيران في توقيع الاتفاق النووي قاعدة عمرها 70 عاماً في ميثاق الأمم المتحدة هي الحلّ السلمي للنزاعات، على رغم أنّ العالم كله وقف ضدّها على مدى 36 عاماً واستخدم كلّ الوسائل والضغوطات ضدها، وحبس العالم أنفاسه أكثر من مرة منتظراً الهجوم العسكري عليها. بقيت ايران صامدة وفرضت نفسها بقوة الحق وبقوة الحلفاء وقادت المفاوضات إلى تكريس هذا الاتفاق. اعترف العالم بالجمهورية الإسلامية التي رفض الاعتراف بها على مدى 36 عاماً واعترف بمبادئها من دون أن تتنازل عن حق أو حليف أو قضية. وعليه لقد بات ممكناً الحديث عن بدء التفكير بحلول سلمية للمسائل التي تعني سورية ولبنان والعراق والبحرين واليمن في شكل يخدم التحوّل الاستراتيجي بعد توقيع الاتفاق.
وأكد رئيس مجلس النواب نبيه بري بحسب ما نقل عنه زواره لـ«البناء» «أنه يعلق آمالاً كبيرة على الاتفاق، ويعتبره خطوة مهمة ستنعكس ايجاباً على ملفات المنطقة برمتها».
ولفت إلى «أنّ لبنان سيكون أول المستفيدين من هذا الاتفاق، على اعتبار أنّ حلّ الأزمة اللبنانية أسهل من حلّ الأزمات الأخرى في سورية والعراق واليمن». وشدّد على «أنّ ما بعد الاتفاق ليس كما قبله، لكن الأمور لن تحلّ بين ليلة وضحاها، وعلينا ان ننتظر قليلاً».
حردان: الاتفاق يشكل نموذجاً لحلّ المشكلات الدولية
واعتبر رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان «أنّ اتفاق فيينا بين الجمهورية الاسلامية الايرانية والدول الست الكبار هو إنجاز يكرّس حق إيران المشروع بامتلاك التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية. وأنّ هذا الانجاز هو انتصار للديبلوماسية الإيرانية التي فاوضت باحترافية عالية، وانتصار للشعب الإيراني الذي صبر طويلاً وصمد في وجه كلّ أشكال العقوبات لا سيما الاقتصادية منها».
وأشار حردان في حديث لـ«البناء» إلى «أنّ العقوبات على إيران طاولت حياة الإيرانيين من خلال الضغط عبر الجانب الاقتصادي الذي يولّد أزمات اجتماعية، وذلك بهدف تقويض استقرارها. وقد اتخذت العقوبات طابعاً قاسياً من خلال فرضها في إطار مجلس الأمن الدولي، ولذلك فإنّ اتفاق فيينا جاء ليضع حداً لهذه العقوبات الظالمة، وليفتح صفحة جديدة من العلاقات الدولية».
وهنأ حردان القيادة الإيرانية وعموم الشعب الإيراني بهذا الإنجاز، ورأى «أنّ الدول والشعوب التي تدافع عن سيادتها وتتمسّك بحقها وترفض المساومة على قضايا تمسّ خطوطاً حمراً متصلة بحاضرها ومستقبلها، هي دول وشعوب جديرة بالاحترام».
وتابع: «إيران خاضت حواراً ومفاوضات شاقة بنفس طويل، وعلى رغم الكثير من المعوقات والأفخاخ لم تستفز، رغم كلّ محاولات الاستفزاز التي مارسها الغرب، وهذا ما أوصل إلى الاتفاق الذي اثبت أنّ القيادة الايرانية اتكأت في مواقفها على شعب مؤمن بحقه، ويعمل من أجل الوصول الى هذا الحق، وواثق بحتمية التسليم بحقه».
واعتبر حردان «أنّ ما حصل هو نتاج حقيقي للسياسة الإيرانية الهادئة، وهذا يجب أن يشكل نموذجاً لحلّ المشكلات الدولية. وأنّ يشكل أيضاً حافزاً للشعوب من أجل أن تراكم النضال والصمود في سبيل حقوقها المشروعة.
وإذ أشاد حردان «بالتفاف الشعب الإيراني حول قيادته، ما جعلها قوية على طاولة المفاوضات، فإنه أعرب عن تطلعه إلى أن ينعكس هذا الإنجاز مزيداً من التقدّم والازدهار لإيران وشعبها».
وأمل حردان بأن تنعكس هذه القاعدة من المفاوضات والحلول السياسية على الأوضاع في سورية والعراق، على قاعدة أنّ الخطر الإرهابي الذي يواجهه هذان البلدين، يشكل تحدّياً لأمن واستقرار المجتمعات وشعوب المنطقة والعالم قاطبة. واختتم حردان بالقول: «سنشهد محاولات تخريب من قبل العدو «الإسرائيلي» وحلفائه من عرب وغير عرب»، لكن مصير محاولات التخريب هذه سيكون الفشل.
عون وفرنجية: انعكاسات إيجابية
وأكد رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون خلال اجتماع التكتل «أنّ الاتفاق النووي سينعكس مناخات جديدة في المنطقة، ويمكن أن يكون بداية تغيير في سياسات بعض الدول وبعض الاطراف المحليين حيال ملفات المنطقة، لا سيما انّ هؤلاء كانوا قد راهنوا على فشل المفاوضات». وإذ أشار بحسب ما علمت «البناء» من مصادر المجتمعين إلى «أنه زار إيران في العام 2008 بقرار من نفسه ومن منطلق المصلحة الوطنية، ومن دون إيعاز من أحد»، اعتبر «أننا قد نشهد زيارات لبعض الأفرقاء الى طهران بضغط من حلفائهم الاقليميين والدوليين».
وتمنى رئيس تيار المرده النائب سليمان فرنجية ان تكون لـ«الاتفاق وما يحيط به من جوّ دولي داعم، انعكاسات إيجابية على لبنان والمنطقة أمنياً واقتصادياً».
فتحعلي: إيران حصلت على حقوقها
وأشار السفير الإيراني في بيروت محمد فتحعلي لـ«البناء» إلى «أنّ إيران أثبتت من خلال توقيع الاتفاق النووي، للغرب وللعالم، أنّ التهديدات والعقوبات، ليست الطريق الصحيح لحلّ النزاع».
وأمل «بأن يطبّق هذا النموذج لحلّ كلّ المشاكل الأخرى في المنطقة، لأنّ إيران تؤمن أنّ على كلّ الحكومات والأمم في المنطقة أن تكون حذرة، وتقطع الطريق على تدخل الأطراف الخارجية والمؤامرات الصهيونية في شؤوننا».
ولفت فتحعلي إلى «أنّ إيران برهنت أنّ أيّ أمة عندما تتوحّد وتقاوم ضدّ قوى العالم، فإنها قادرة أن تبلغ أهدافها القانونية، ولا أحد قادراً علی حرمانها من هذه الحقوق».
وأشار إلى «أنّ إيران حصلت بهذا الاتفاق على حقوقها باستخدام الطاقة النووية لأغراض سلمية، وعلى اعتراف الدول الدائمة العضوية 5 +1 بتخصيب اليورانيوم داخل إيران، وبحقها في متابعة أبحاثها في التكنولوجيا النووية.
وشدّد على «أنّ إيران لا تربط الملف النووي بأزمات المنطقة، لكنها ترحّب بأيّ تأثير إيجابي لهذا الاتفاق على الملفات العالقة».
قزي: منطلق لإشكالات عسكرية
واعتبر وزير العمل سجعان قزي لـ«البناء» أنّ «الاتفاق النووي جيد من الناحية المبدئية، وشئنا أم أبينا، يشكل هذا الاتفاق إنجازاً لإيران، واعترافاً غربياً وأميركياً بالمشروع النووي على رغم كلّ الضوابط التي وضعت له، ولا اعتقد أنّ هذا الاتفاق سيسهّل التقارب الفارسي – الخليجي، في الوقت الحاضر، لأنّ العرب لن يقبلوا بالاتفاق مع إيران قبل الاتفاق معها على ملفات المنطقة من اليمن إلى العراق إلى سورية ولبنان». وشدّد قزي على «أنّ توقيع الاتفاق النهائي لا يعني نهاية الصراع، بل قد يكون منطلقاً لإشكالات عسكرية في المنطقة مثل ما حصل بعد توقيع اتفاقية كامب دايفيد، فهناك متضرّرون من الاتفاق من داعش الى النصرة والقاعدة وإسرائيل وغيرها».
واعتبر أنّ انعكاسات اتفاق فيينا لن تظهر في المدى القريب، ومن يظن أنّ هذا الاتفاق سيدفع ايران لإعادة النظر بسياستها، فهو مخطئ، فهي ستتسلح أكثر بالاتفاق مع الولايات المتحدة».
وقال قزي: «نحن كلبنانيين يجب أن نؤيد الاتفاق من دون الدخول في المحاور القائمة، ويجب ان نؤيد كلّ محاولة تقارب بين الشرق والغرب أكان مع العالم العربي أو إيران»، معتبراً في الوقت نفسه أنّ ملف رئاسة الجمهورية ليس عالقاً بسبب الملف النووي، فالأزمة الرئاسية منفصلة عن هذا الملف».
فيينا في ساحة النجمة
في سياق آخر، من المتوقع أن يحضر اليوم اتفاق فيينا في تصريحات نواب 14 آذار في المجلس النيابي على هامش الجلسة التي دعا اليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري لانتخاب رئيس للجمهورية، والتي ستلقى مصير الجلسات السابقة من ناحية عدم اكتمال النصاب وإرجائها الى موعد آخر.
وأكدت مصادر التيار الوطني الحر لـ«البناء» «أنّ الاتصالات بين الرئيس بري والعماد عون لم تنقطع في أحلك الأوقات»، مشيرة في الوقت نفسه إلى انزعاج العماد عون من تعاطي رئيس المجلس النيابي مع ما تعرّض له النواب الخميس الماضي في ساحة النجمة، وعدم استنكاره ما تعرّض له النواب». وعلم «أنّ اجتماعاً عقد أول أمس بين موفد من الرئيس سعد الحريري وموفد من العماد عون للتباحث في الوضع الحكومي».
إلى ذلك، تعقد جولة جديدة من الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله بعد أسبوعين في عين التينة لاستكمال البحث في الملفات الداخلية، لا سيما تفعيل عمل الحكومة واستمرار عمل مجلس الوزراء. وأكدت كتلة المستقبل أمس تمسكها بالحوار مع العلم انه لم يتحقق تقدّم جدي في المواضيع الخلافية الرئيسية من سلاح حزب الله الى القتال في سورية، وصولاً الى ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية».