«إبداع» تحاول استعادة تجليّات الخطّ العربيّ كقيمة جمالية وتراثية
لمى نوّام
وفق مقاربة تشكيليّة غير تقليدية، جمعت بين الجمال والدقّة في توظيف الخطوط والألوان. وفي محاولة لاستعادة تجليّات الخطّ العربي كقيمة جمالية وتراثية أصيلة غيّبتها تكنولوجيا العصر الحديث. قدّم عدد من روّاد فنّ الخط العربي في لبنان وسورية والجزائر وتونس والإمارات العربية المتحدة، خلال المعرض الذي نظّمته جمعية «إبداع»، والمختص بالخطّ العربي، والذي استمرّ لثلاثة أيام متواصلة في قصر الأونيسكو في بيروت، مئة وأربعين لوحة إبداعية، مثلت تياراّ جديداّ في مجال فنّ الخط العربي.
وقدّم الفنانون المشاركون لوحات من روائع فنون الخطّ من مختلف المدارس الفنية والتي تنوّعت بين الأصيل والحديث والغرافيكي.
من المشاركين في المعرض: مختار البابا، محمد بعيون، محمد مؤذن، محمود برجاوي، حسين يونس، محمد بغدادي، نرجس نورالدين، فايد شحادي، فادي يقظان، حمدي طبارة، وليد الداية، علي عاصي، عبد طويل، صافي الجوني، فواز كبارة، رانيا بعيون، حسين ماجد، جمانة أبو مطر، محمد رعد، محمد عربس، ليلى الهبر، إيمان دعيبس، مصطفى دياب، علي بحسون، محمد دياب، مجتبى عبيد، زاهد قبيسي، عزيز عياشين، وعمران ياسين.
تضمّن المعرض آيات قرآنية ومأثورات وأشعار صُمّمت بأشكال وخطوط استُخدِمت فيها مذاهب الخط العربي المختلفة، كما أن عدداً من الخطاطين عمدوا لاستخدام الحرف كنسق جمالي، بعيداً من وظيفته كفعل صوتي.
المعرض افتُتح يوم الإثنين الماضي برعاية وزير الثقافة روني عريجي في قصر الأونيسكو، بمشاركة مبدعين في الخط والزخرفة، من لبنان ومختلف الدول العربية. وقصّ شريط الافتتاح مدير جمعية «إبداع» الشاعر علي عباس، ووليد المسلّم» ممثلاً وزير الثقافة.
وبعد جولة في المعرض، ألقى عباس كلمة رحّب فيها بالحاضرين، وقال: «إن الهدف من القيام بمثل هذه المعارض، إطلاع الجمهور على هذا الفنّ الجميل بكل تنوّعاته وأقسامه، وإفساح المجال لأكبر عدد ممكن من الخطاطين لأن يبرزوا إبداعاتهم الفنية في هذا المعرض. وأيضاً كي يتعرّف الفنانون إلى بعضهم، ما يولّد أفكاراً جديدة مهمة لديهم، كما نريد من خلال هذا الفن أن نحافظ على جمالية اللغة والكلمة، بما يعزّز حضور هذا الفنّ في أذهان الجمهور».
ثمّ كانت كلمة للمسلّم أكد فيها على ضرورة هذه المعارض وأهميتها. وقال: «إنّ الخطّ العربي هو من أرقى الفنون العربية وأقدمها. وتطوّر خلال العصور. واليوم، هذه مناسبة مهمة جداً لنعيد إعطاء الكلمة أهميتها و الإبداع أهميته. وخلال جولتي في المعرض، وجدت إبداعاً في اللوحات. وكل لوحة تجمع بين الكلمة الموسيقى واللون والضوء، والتشديد على الكلمة التي هي الأساس».
الفنانون المشاركون بالمعرض عبّروا عن ارتياحهم في التعامل مع «جمعية إبداع»، كما أبدوا رغبتهم في التعامل الدائم معها. أما الحضور، فأعجبوا باللوحات المعروضة، وعبّروا عن دهشتهم إزاء بعض اللوحات التي لفتت الأنظار.
«البناء» التقت عدداً من الفنانين المشاركين، واستطلعت آراءهم بالمعرض والحضور.
الفنانة جمانة أبو مطر قالت: اشتركت بلوحة واحدة فقط، ولكنها تحمل عدّة معانٍ، البسملة، وآيتين من القرآن. إنّ الخط العربي جميل جداً بكل أنواعه، الرقعي والكوفي والنسخي والعادي. ولكل نوع جماله ورونقه وهالته وطلته المزخرفة من الناحية الفنية. ورسمت عدة لوحات بعدما تتلمذت على يد الراحل الأستاذ سعيد نسيب مكارم، وأحسست أنّ لكلّ حرف جماله.
اما عن تجربتي مع «إبداع»، فهي تجربة مشرّفة جدّاً، كون القيّمين على الجمعية فنّيون مثقفون راقون، يهدفون إلى رقي الانسان والانفتاح الفني وتوطيد الألفة والمحبة بين الفنانين المبدعين في لبنان والخارج.
ورأى الخطاط نعمان الرفاعي أن هناك أعمال جميلة، خصوصاً بالألوان أكثر ممّا هو تجريدي. وقال: «نحن كخطاطين، نعتمد قوة الخط في التجريدي الكلاسيكي الذي يختلف عن الألوان. نعتمد الحبر القديم والقصبة القديمة. بهذه الطريقة نكتشف قدرة الخطاط وقوته. كلما استطاع الخطاط تطبيق قواعد الخط، نعتبره خطاطاً قوياً، لكن حينما يدخل في الألوان تضيع الحروف ومعالم القواعد، وتخرج لوحته عن قيمة اللوحة الخطيّة، هذا هو معيارنا كخطاطين، ولكن ما لفت انتباهي، لوحات رنا بعيون التي كتبت بالخط الجليّ الديواني.
وقال الفنان السوري أسامة الحمزاوي إنّ هذه المشاركة هي الأولى له في لبنان، وشارك بلوحتين، الأولى لوحة «الفاتحة»، والثانية «حلية السعادة»، هي وصف النبي محمد بخطّي المحقق والريحانة.
وعن تعاونه مع «جمعية إبداع» قال الحمزاوي أن هذه المشاركة هي فاتحة خير للمشاركات المقبلة، و«جمعية إبداع» نشيطة في لبنان، وتستقطب شخصيات فنية كثيرة، وكذلك الفعاليات الفنية في مجال فن الخط وشتى المجالات الفنية.
وقال الخطاط حسين يونس: شاركت بـ11 عمل، فيها أعمال خطية كلاسيكية ثلث – ديواني- ديواني جلي . أما الأعمال الباقية فكانت حروفية وهي على قسمين: قسم حروفي إنما بحرف كلاسيكي، وقسم بحرف حر. وتضمّنت الاعمال آيات قرآنية وأحاديث نبوية وحِكماً. وهذا المعرض تقيمه سنوياً «جمعية إبداع» مشكورة. وتدعمه بشتى الوسائل، ولولاها لم يكن ليحصل بهذه القوة والنوعية المشاركة فيه التي ضمّت نخبة الخطاطين اللبنانيين. إضافة إلى عدد من الفنانين الخطاطين.
وقال: برأيي الشخصي، أعتبر ان المعرض نجح نجاحاً هائلاً نسبة إلى الاقبال عليه ونوعية زوّاره. ولاحظنا من زوّار المعرض اهتماماً كبيراً بفنّ الخط العربي، وهذا يدلّ على نهضة حديثة في فنّ الخط العربي بعد ركود طويل.