كيري ولافروف في الدوحة… وسلمان إلى موسكو… والحوثي مرتاح لعدن تقدم عسكري سوري من الحسكة لتدمر والزبداني… ولا منطقة عازلة
كتب المحرر السياسي :
على إيقاع التفاهم على الملف النووي الإيراني ترسم واشنطن سياستها الشرق الأوسطية، فـ»التفاهم سيجعل المنطقة أكثر أمناً» كما قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري من القاهرة التي غادرها إلى الدوحة حيث سيلتقي نظيره الروسي سيرغي لافروف، وجدول الأعمال دسم ومحوره عناوين التسويات المتصلة خصوصاً بالملفين السوري واليمني.
موسكو لم تعد مجرد لاعب مؤثر لا بدّ منه في الوساطة مع دول وقوى محور المقاومة، فالعلاقة الروسية السعودية تتقدّم وستبلغ مرحلة من التنسيق مع زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز إلى موسكو في الخريف المقبل كما قال نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف الذي يتولى متابعة ملف هذه العلاقة، خصوصاً لجهة تطبيق ما تمّ الاتفاق عليه في اللقاءات التي عقدها ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع محمد بن سلمان في موسكو، ومحورها السير في تطبيع العلاقات السورية السعودية، ووضعها على سكة حوار بدلاً من المواجهة، وترجمة ذلك بالخروج السعودي من الحرب على سورية، ولو على قاعدة ربط النزاع بدلاً من التوافق الذي لا يبدو سهلاً بعد المدى الذي بلغه التورّط السعودي في الحرب على سورية، والسقوف العالية للخطاب السياسي العدائي الذي يحتاج التراجع عنه إلى وقت وسلالم متحركة تجعل التموضع الجديد سلساً ولا يؤدي إلى خسائر كبيرة.
لا يبدو أنّ واشنطن بعيدة عن موسكو في هذا التعاون لتلقف السعودية الغارقة في اليمن والعاجزة عن الانسحاب من دون مساعدة دولية، ويتكامل طرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لقيام حلف إقليمي لمحاربة الإرهاب يضم سورية والسعودية والأردن وتركيا مع دعوة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى قمة روسية تركية سعودية إيرانية لوضع أطر الحلّ السياسي في سورية.
القراءة الروسية الأميركية لوضع السعودية لا تنفصل عن مقاربة عاجلة لتثبيت الهدنة في اليمن وبدء مساعي الحوار السياسي برعاية أممية وتسهيل التراجع السعودي، خصوصاً بعد التموضع الذي حققه السعوديون لجماعاتهم في بعض أحياء عدن والتي لم ير فيها قائد التيار الثوري السيد عبد الملك الحوثي تغييراً في الموازين ومصدراً للقلق.
يجري ذلك بالتزامن مع المسعى الأميركي لتسريع انخراط تركيا في الحرب على الإرهاب بعد ظهور تطورين يجعلان مقدمات ذلك ممكنة، الأول الفشل التركي القطري في دفع «جبهة النصرة» للتبرّؤ من كونها فرعاً لتنظيم «القاعدة» كصيغة متفق عليها مع واشنطن لتسويق «النصرة» كفصيل سوري ورفع اسمها عن لائحة الإرهاب، وترجمة هذا الفشل بتدهور العلاقات التركية والأميركية بـ«النصرة» ترجم بإقدام مسلحي «النصرة» على اعتقال ضباط الفرقة التي درّبها الأميركيون والأتراك تحت عنوان «المعارضة المعتدلة»، وتوتر الأجواء التركية بـ«النصرة» على خلفية الحدث، فيما أدّت عمليات «داعش» في تركيا إلى منح واشنطن فرصة الضغط لإقفال أبواب تمويل «داعش» عبر تركيا، خصوصاً في مجال بيع النفط المنهوب، وبدء تنظيف الداخل التركي من خلايا «داعش» ونقاط ارتكازها، ما يعني بعد حسم حلف الأطلسي وأوروبا وأميركا لسقوط نظرية المنطقة العازلة ومنطقة الحظر الجوي من جهة والدعوة إلى حلّ سياسي مع الأكراد من جهة أخرى، تحجيماً للمداخلة التركية في سورية عسكرياً وسياسياً وتسهيل عقد موسكو 3 الذي يستعد الجانب الروسي لتوجيه الدعوات لحضوره وربما بمشاركة عدد من التنسيقيات التي تنتمي إلى مجموعات المعارضة بعد إعلان انسحابها من الائتلاف.
ويبقى الميدان العسكري في سورية هو صاحب الكلمة الفصل حيث يسجل الجيش السوري والمقاومة إنجازات لافتة ممتدة على طول جبهات القتال، من الصمود وإفشال محاولات التقدّم والاختراق التي تعرّضت لها محاور حلب ودرعا، إلى التقدّم المتواصل لقوات الجيش والمقاومة في جبهات الحسكة التي أعلنتها دمشق منطقة آمنة بعد طرد جماعات «داعش» منها، وتدمر حيث تمكن الجيش السوري من وضع يده على المزيد من المواقع التي جعلت تنظيم «داعش» في حصار تامّ تقريباً بعد النجاح في السيطرة على مواقع شمال شرقي تدمر بالإضافة للطوق الجنوبي والغربي، بينما في الزبداني سجلت وقائع المعارك سيطرة الجيش والمقاومة على أحياء جديدة حصرت المجموعات المسلحة في آخر النقاط التي تتمركز فيها ضمن مساحة لا تتعدّى ثلاثة كيلومترات مربعة، تدور فيها المعارك من بيت إلى بيت ومن شارع إلى شارع.
لبنان الذي اجتاحته موجة حرّ شديد تخيّم على حوض المتوسط، ينتظر حرارة عالية لجلسة الحكومة يوم الأربعاء، على خلفية اقتراب موعد تسريح رئيس الأركان في الجيش وترجيح اللجوء إلى تمديد بقائه في الخدمة لسنتين ما قد يفجر الحكومة ويضع مصيرها في المجهول ما لم تحدث معجزة أو مفاجأة سريعة تقطع طريق التدهور.
ويبدو أن الحرارة المرتفعة التي وصلت إلى أكثر من أربعين درجة، ستترافق مع حرارة حكومية يوم الأربعاء، في ظل أجواء التشاؤم التي لا تزال مكانها في ما يتعلق بالتعيينات العسكرية وآلية العمل، وطرح وزير الدفاع الوطني سمير مقبل تأخير تسريح رئيس الاركان اللواء وليد سلمان لسنتين.
وتجري الاتصالات مكثفة على أعلى المستويات لمعالجة الوضع القائم ضمن سلة متكاملة تنهي الشلل الحكومي وتعطيل المجلس النيابي.
وشددت أوساط سياسية في 14 آذار لـ«البناء» على «أن لا خيار إلا التمديد لرئيس الأركان وقائد الجيش، ولن نسمح أن يتمدد الفراغ إلى المؤسسة العسكرية». وشددت على «أننا كفريق 14 آذار لن نقبل بإجراء أي تعيينات عسكرية قبل انتخاب رئيس للجمهورية».
ورجحت مصادر التيار الوطني الحر أن يكون الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الشخصية التي يتداول وسائل الإعلام بها أنها تقوم بوساطة بين كل الأطراف السياسية لحل الأزمة الحكومية لأن السيد نصرالله هو الوحيد في لبنان القادر على لعب هذا الدور أو من ينوب عنه.
محاولات إيجاد المخارج
ولفتت المصادر إلى أن اتصالات مكثفة تجري على أكثر من صعيد لمحاولة إيجاد مخرج للأزمة وخلق أجواء من الهدوء وهذا ما يفسر التأجيل المتكرر لجلسات مجلس الوزراء، لكنها نفت الوصول إلى أي نتيجة تذكر.
وأسفت المصادر أن تأتي ذكرى عيد الجيش هذا العام في ظل هذه الأجواء التي تعيشها البلاد والجيش الذي لا يعطى القيمة والتقدير اللازمين للقيام بدوره وواجبه وهو الذي يبدي استعداداً تاماً في كل المواجهات التي تطلب منه.
ودعت المصادر إلى تأمين الجو السياسي الملائم للجيش للقيام بدوره الوطني من خلال الوصول إلى تسوية شاملة وتفاهمات في ملف التعيينات الأمنية وتسليح الجيش والحفاظ على عناصره وضباطه وليس فقط من خلال التصاريح بل بالفعل، كما عبرت المصادر عن أسفها من عدم تنفيذ الوعود المتكررة لتسليح الجيش بالأسلحة المتطورة في حين المطلوب منه مواجهة الإرهاب على الحدود، والسبب كما أشارت المصادر إلى أن لا إرادة سياسية بتسليح الجيش وفيتو «إسرائيلي» على التسليح في ما «إسرائيل» تتجهز وتستعد وتتسلح بأحدث أنواع الأسلحة من الولايات المتحدة وغيرها».
ولفتت المصادر إلى «أن الاتفاق الذي تم بين العماد ميشال عون ووزير الدفاع سمير مقبل يخالف أي خيار بالتمديد لرئيس الأركان الحالي، فالاتفاق بين عون ومقبل تم على طرح ثلاثة أسماء لمنصب رئيس الأركان والتوافق على تعيين أحدهم، إلا أن المصادر حذرت من أن التمديد لرئيس الأركان الحالي يعتبر تمهيداً للتمديد لقائد الجيش جان قهوجي في منصبه.
ورأى وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل أن الفرصة لا تزال سانحة للعودة عن الخطأ، وقال: «بيدهم أن يعطلوا عمل الحكومة وأيضاً بيدهم أن يصححوا بالعودة إلى الحكومة وإلى إنتاجيتها».
وأشار باسيل خلال زيارة له في قضاء الكورة إلى «أنه من واجبنا عند مخالفة القانون أن ننتقد، نحن لا نعطل بل نقف في وجه المخالفات، ونحن لا نسكت ولا نتفرج نحن نهاجم لنعمل ولنصل إلى نتيجة».
وأكد وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش لـ«البناء» أن مجلس الوزراء سيجتمع الأربعاء المقبل، لافتاً في الوقت نفسه إلى «أن الاتصالات لا تزال تراوح مكانها ولم تتقدم». وشدد على أن السيد نصرالله لم يهدد بموضوع استقالة الرئيس تمام سلام بل نبه إلى مخاطر الذهاب إلى هكذا خيارات متوقعة أو مسربة عبر الإعلام ونصح بأن ذلك لا يعالج المشكلة».
ولفت إلى «أن البحث حالياً يدور حول اقتراح تصدير النفايات إلى الخارج كأحد الحلول للأزمة لكن لا نعلم كم يحتاج من الوقت وما هي الكلفة، متسائلاً: «ماذا سنفعل في هذه الفترة بـ 1400 طن من النفايات يومياً في بيروت وضواحيها»؟
وطرح وزير الاقتصاد ألان حكيم مع رئيس الحكومة أول من أمس ترحيلها إلى ألمانيا بعدما كان بحثه مع السفير الألماني كحل موقت للمعضلة، وعلم أن الرئيس سلام كان متجاوباً مع الطرح، إلا أن الشروط الدولية تعيق تصدير النفايات اللبنانية إلى الخارج، من طريقة الفرز إلى التوضيب، خصوصاً أن الحكومة اللبنانية لم توقع على الاتفاقية الدولية المعنية بهذا الشأن.
احتفال رمزي بعيد الجيش
وفيما اقتصر احتفال عيد الجيش على مراسم رمزية في ثكنة شكري غانم في الفياضية، بسبب شغور منصب رئاسة الجمهورية فإن يوم أمس كان الذكرى الأولى لمعركة عرسال التي خاضها الجيش ضد الإرهابيين، وذهب ضحيتها عدد من الشهداء والجرحى، وما أعقب ذلك من قرار سياسي كان سبباً أول في خطف المجموعات الإرهابية عدد من العسكريين ومن عناصر الأمن الداخلي.
وأكد قائد الجيش العماد جان قهوجي «أن الجيش اليوم لا يزال في ظل كل ما يحصل في الجوار والمنطقة وفي ظل اجتياح موجات التفكيك والشرذمة، الجامع المشترك بين اللبنانيين، لا بل حجر الزاوية في إعادة بناء لبنان القوي، لبنان القيم، لبنان البقاء والازدهار».
وأكد رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد في احتفال تأبيني في بلدة قليا في البقاع الغربي أن «جيشنا قوي وشجاع لا تنقصه قيادة ولا ينقصه ضباط ولا جنود، لكنه يحتاج من سلطتنا ألا تكون تابعة لأعداء أمتنا وأن تبني قرارها الوطني بيدها، وأن تمنحه حرية التحرك من أجل الدفاع عن شعبنا والتعاضد والتفاهم والتنسيق مع مقاومة هذا الشعب، حتى يجلو كل خطر عن أرضنا وعن ديارنا وعن وطننا».