«الإبادة المنسية»… وثائقي في دار الأسد إحياءً لمئوية «سيفو»
صور ومشاهد من الإبادة السريانية «سيفو» التي تعرّض لها السريان في شمال سورية وجنوب تركيا بين عامَي 1914 و1920 على يد العثمانيين، تضمّنها الفيلم الوثائقي «الإبادة المنسية» الذي عرض مؤخراً على مسرح قاعة الدراما في دار الأسد للثقافة والفنون في دمشق، برعاية البطريريك مار اغناطيوس افرام الثاني بطريرك أنطاكية وسائر المشرق، والرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم أجمع، بالتعاون بين وزارة الشؤون الاجتماعية وبطريركية السريان الأرثوذكس، وضمن احتفالية إحياء الذكرى المئوية للإبادة الجماعية بحق أبناء شعبنا من السريان والأرمن.
قدّم الفيلم عبر أكثر من ثلاثين دقيقة، صوراً ومقاطع فيديو وثائقية من الأرشيف تعود للفترة الزمنية التي رافقت الإبادة السريانية الجريمة المنسية التي راح ضحيتها أكثر من خمسمئة ألف سريانيّ بقرار من السلطنة العثمانية.
يبدأ الفيلم بسرد تاريخي لنشأة السريان وأماكن توزّعهم وحياتهم منذ اعتناقهم المسيحية في القرنين الثاني والثالث الميلاديين، موضحاً أن اللغة الآرامية التي تكلّم بها السيد المسيح شكّلت إغناءً هائلاً للتاريخ الإنساني، ولا تزال اللغة المحكية لدى عددٍ من البلدات والقرى السورية حتى الآن.
وجاء في الفيلم أن السريان شكّلوا طيفاً فاعلاً في الدولة العثمانية في أماكن وجودهم في ديار بكر وماردين وبدليس وخربوط وغيرها من القرى والمدن السورية.
وأشار الفيلم إلى أن السلطات العثمانية قامت بأعمال تدميرية تفوق الخيال في كل المدن والقرى السريانية والأرمينية، فقامت بإعدام كل الجنود السريان والأرمن الذين يخدمون في الجيش التركي بتهمة عملهم ضد مصلحة الدولة التركية وملاحقة السريان في كل مكان والتنكيل بالجميع من دون استثناء، بمن في ذلك الأطفال والنساء.
وضمّ الفيلم شهادات لعدد من الناجين من مجزرة الإبادة السريانية «سيفو» تكلّموا فيها عن الأهوال التي شاهدوها وعاشوها وكيف نجوا بأعجوبة من الموت المحتم. في حين أنّ أقرباءهم وأحباءهم قضوا على أيدي الجنود العثمانيين وسرد الفيلم هروب من بقي من السريان والأرمن إلى المدن والقرى السورية مثل حلب والقامشلي والحسكة لينجوا من فتك العثمانيين إلى جانب شهادات لكلّ من قداسة البطريريك مار اغناطيوس افرام الثاني بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والرئيس الأعلى للكنيسة السيريانية الأرثوذكسية في العالم أجمع، والباحث غسان الشامي، رئيسة المكتب الإعلامي في تيار المردة فيرا يمّين.
وتلا عرض الفيلم أمسية موسيقية لجوقة مار افرام السرياني البطريركية التي قدّمت عدداً من الأغاني التراثية السريانية بقيادة شادي ثروت، تكلّمت عن الحبّ والسلام والارتباط بالأرض والحياة الجميلة التي كان هذا الشعب المسالم يعيشها قبل الإبادة ورفضه الموت.
وقال البطريريك مار اغناطيوس: نحن هنا نشاهد فيلماً عن المجازر والإبادة الجماعية بطريقة فنية، وهو ردّ على هدم الأماكن الأثرية والفنية في بلدنا سورية كالمعبد التدمري الذي هدم، وقتل مدير آثار تدمر الأسبق الباحث التاريخي خالد الأسعد. مشيراً إلى أنّ الشعب السوري مستمر في الحياة. لذلك يتم إحياء الذكرى المئوية للإبادة لأن ما يحصل لنا اليوم هو استمرار لهذه الإبادة. وكما استطعنا كسريان أن نتغلب على جراحنا خلال هذه السنوات، فستقوم سورية من جديد وتتعافى ويعود إليها الأمن والأمان.
وأضاف البطريريك أنّ الجهات التي تقف وراء الإرهاب الذي تعاني منه سورية اليوم هي الجهات ذاتها التي قامت بالإبادة بحق السريان والأرمن. لافتاً إلى أن السوريين قادرون على القيامة من جديد، والانتصار والتغلب على الجراح والعودة إلى الحياة الطبيعية، وأنّ سورية ستقوم من محنتها وتعود شامخة قوية.
أشرف على الفيلم حبيب سلمان، وعلى النصّ الوثائقي عمار عيد وهادية الشماط، أما التعليق فكان لظلال المرشد وفراس خربوطلي.
حضر الفعالية السفير الإندونيسي في دمشق جاكو هاريانتو وعدد من معاوني الوزراء ورجال الدين وممثلي البعثات الدبلوماسية في دمشق وحشد من المهتمين.