عملاء الغرب يخسرون الرهان في سورية…
جمال العفلق
هي الحرب على سورية إذاً. قرار اتخذ في الغرف المغلقة وغلف بما سمي حينها بالثورة أو الربيع العربي، تعالت الأصوات وارتفعت، وبدأ تشكيل الكتائب ذات الطابع المتطرف كانت كل الأسماء تحمل رايات حروب قديمة وانبرى من يصفون أنفسهم بعلماء الأمة إلى إشعال الفتنة الطائفية، ولم يجتمع العرب على قرار كما اجتمعوا ضد سورية، فكان الإعلام والسياسيون والدول يوقدون نار هذه الحرب بالنيابة عن «إسرائيل» وأميركا، فالعمليات الإرهابية أصبح اسمها في الإعلام المعادي للشعب السورية عمليات عسكرية وتجاهل العالم بأسره ضحايا الإرهاب الأسود وتجاهل العالم بأسره قطع الرؤوس وتقطيع الأوصال.
راهن عملاء أميركا و»إسرائيل» على قرار دولي يقضي بمهاجمة سورية وضربها بالطائرات، خرج المطالبون بالعدوان على سورية بأكثر من سيناريو وصفق من يسميهم العالم بالمعارض للعمليات الجوية الصهيونية، واعتبروها عمليات من دولة صديقة للشعب السوري، أعلنوا مراراً خيبة أملهم من أميركا التي لطالما وعدتهم وعبر الوسطاء العرب أنها ستقوم بالضربة الجوية الموعودة ولكن هذا لم يحصل، واليوم أصبح واضحاً للعالم لماذا تراجع أوباما عن قرار الضربة الجوية، فالواضح أن لدى أميركا معلومات مؤكدة أن حلفاء سورية لن يسلموا الراية ولن يترددوا بالدفاع عنها، فكان دور المجاهدين على خط النار واضحاً وضوح الشمس ومعلناً حيث كرر سماحة السيد حسن نصرالله موقف المقاومة من دمشق وأن دمشق هي أرض معركة مقدسة وأن سقوط دمشق لا يعني السوريين فحسب إنما يعني كل مؤمن بالفكر المقاوم.
وكانت إيران التي راهن عليها أعداء سورية، فمرّروا الاتفاق النووي مقابل الحصول على بعض الليونة من الموقف الإيراني تجاه دمشق، إلا أن إيران كانت وفية بعهدها وفصلت بين ملفها ونتائج المفاوضات وسياسة التحالف والالتزام مع الحلفاء. فأعلنت حرباً في اليمن، وبدأ العالم يترقب ما أعلنته الجامعة العربية قوة دفاع مشترك لم ترَ النور، حتى اليوم كان الهدف منها تحويل المنطقة الى جبهات قتال ومحاولة من الذين يخدمون المشروع الصهيوني لتشكيل قوة ضاربة تمنع أي مقاومة وتعترف بيهودية دولة ما يسمى «إسرائيل»، وهذا ما صرح به كبار الساسة في الكيان الصهيوني، إذ نقلوا عن قادة عرب قبولهم بوجود كيان اسمه «إسرائيل» قائم على أساس الدين.
واليوم تكتمل حلقة خط المقاومة للهيمنة الأميركية بإعلان روسيا نزع قفازاتها الناعمة ودعم سورية بكل ما يمكن لمحاربة الإرهاب ورفض أي تبديل أو تغيير في هيكلة الجيش السوري كما أراد دي ميستورا عندما اقترح تشكيل جيش مشترك يتبع لما أسماه هيئة انتقالية.
ولكن ردّ الفعل على القرار الروسي جاء من المعارضة على شكل بدعة سياسية وردّاً يميل إلى الهزل السياسي أكثر منه الى الواقعية، إذ طالب ما يسمى ائتلاف الدوحة روسيا بعدم التدخل واعتبر تدخلها احتلالاً على حدّ زعمه يضاف الى ما أسماه أيضاً «الاحتلال الايراني»! وهنا يكمن الهزل السياسي والاستخفاف بالعقول! ونسي أهل هذا الكيان الهزيل طلباتهم من الناتو ومن تركيا ومن الأردن بقصف دمشق ونسي أعضاء ما يسمى ائتلاف الدوحة خطباتهم في مؤتمرات أصدقاء الشعب السوري حيث طلبوا بالعلن أن يتم احتلال دمشق عسكرياً ونسي هذا الائتلاف آلاف المرتزقة الذين عبروا من الحدود التركية والأردنية وتحت سمع وبصر العالم.
فلماذا اليوم يصرّ أعداء الشعب السوري على اعتبار الدعم الروسي لسورية «احتلالاً» ولا يعتبرون أطنان السلاح ومئات الملايين من الدولارات والمستشفيات الميدانية التي أقامها الكيان الصهيوني لجبهة النصره الإرهابية هو تدخل سافر بشؤون الشعب السوري؟ فكل الأعراف والقوانين الدولية تضمن للدول حق توقيع الاتفاقات والمعاهدات ولكنها لا تضمن للمنظمات الإرهابية هذا الحق والائتلاف والفصائل المسلحة هم منظمات إرهابية عملت تحت إمرة دوائر استخبارات عالمية لتدمير سورية وقتل شعبها وتشريده في العالم تحت اسم لاجئ.
إن القرار الروسي لا يحتاج الى تحليل أو تفسير، روسيا وسورية هما حليفتان منذ عقود طويله ويعلم العالم أن أكثر من تسعين في المئة من السلاح السوري هو روسي الصنع، وإن وجود الخبراء ليس بالشي الغريب على الشعب السوري حيث كان هذا التعاون مع الاتحاد السوفياتي وانتقل الى روسيا الاتحادية، أما مع إيران فيعلم السوريون موقف الدولة السورية من إيران منذ انتصار الثورة الإيرانية على الشاه وانقلب العرب على سورية حينها، وورطوا العراق بحرب قالوا إنها حرب مقدسة كلفت العرب والعراق مليارات الدولارات وانتهت بمشروع تقسيم العراق.
إن تسارع الأحداث اليوم يبشر بتغير خريطة المعارك في الميدان وإعلان غرفة موك توقفها عن الاجتماعات بعد فشل ما سمي بعاصفة الجنوب النسخة الخامسة وفشل الجماعات الإرهابية في إدخال جبل العرب في معارك داخلية بعد عملية أمنية طاولت المدنيين فيه، واقتراب إعلان الزبداني مدينة محررة وإعلان روسيا موقفها الثابت من دمشق ونشر تسريبات عن القيادة المصرية حول سورية، والأهم صمود الجيش ومجاهدي المقاومة ومن خلفهم الشعب السوري الذي ما زال يمسك على جمر الصبر من أجل تحرير سورية من المرتزقة كل هذا وأكثر كان بمثابة إعلان خسارة الرهان على تقسيم سورية وتوزيعها على مرتزقة ما يسمى ائتلاف الدوحة وأعوانه. وعلى رغم هذا تستمر قنوات الإعلام المعادي لسورية في محاولاتها لشحذ الهمم وتبديل الحقائق. وتحول العرب اليوم وخصوصاً الذين دفعوا المليارات لقتل الشعب السوري الى متهمين حيث يتساءل العالم عن دورهم في مسألة اللاجئين السوريين، ولكن المملكة السعودية جزاها الله خيراً أعلنت أنها ستبني مئتي مسجد في ألمانيا ليجد السوريون مكاناً لأداء الصلاة فيه!
وفي الاختتام، إن المراهنين على موت الشعب السوري هم خاسرون ويعشّش الجهل في عقولهم والحقد في قلوبهم فنحن أمة لا تموت وإن جار علينا هذا الزمان وخسرنا أخوتنا في معارك الشرف والكرامة ولكننا مؤمنون بوطن اسمه سورية سيبقى مخرزاً في عيون حاسديه.