تركيا: حكومة حزب واحد لمحاربة الإرهاب
حميدي العبدالله
بعد فوزه رئيساً مرة أخرى لحزب العدالة والتنمية في المؤتمر الأخير الذي عقده الحزب، وبالتالي إعادة تكليفه خوض الانتخابات البرلمانية التي ستجري في الأول من شهر تشرين الثاني المقبل، خاطب داود أوغلو المشاركين في المؤتمر والشعب التركي قائلاً: «نريد حكومة حزب واحد لخوض المعركة ضدّ الإرهاب».
هذه التصريحات تشير إلى أمرين أساسيين:
ـ الأمر الأول، أنّ حزب العدالة والتنمية، وحكومة الحزب التي ظلت تسيّر دفة الحكم منذ 7 حزيران الماضي وحتى الآن، كانت تخطط عن سابق إصرار وتصميم إلى تفجير الصراع مع الأكراد، في محاولة منها لتحقيق جملة من الأهداف دفعة واحدة، الهدف الأول، إثارة العصبية القومية على أمل أن يؤدّي ذلك إلى استعادة بعض الأصوات التي خسرها حزب العدالة والتنمية وذهبت إلى حزب الحركة القومية الذي حصل على 80 مقعداً وهو أكبر عدد من المقاعد يحصل عليه الحزب منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة. حزب العدالة والتنمية يعتقد أنه خسر هذه المقاعد لصالح الحركة القومية لأنه قبِل التفاوض مع الأكراد، واعتمد على الأقلّ نظرياً، خيار السلام معهم، وبالتالي فإنّ العودة إلى محاربة الأكراد والتخلي عن الحديث عن السلام معهم قد يقود إلى استعادة الأصوات التي خسرها في انتخابات 7 حزيران.
الهدف الثاني، قطع الطريق على حزب الشعوب الديمقراطية، ومنعه من الحصول، في انتخابات تشرين الثاني المقبل على أصوات تتجاوز 10 في المئة، والتي أدّت إلى خسارة حزب العدالة والتنمية عدد المقاعد الذي يؤهّله لتشكيل الحكومة بمفرده، ذلك أنّ الصدام المسلح، وما سيعقبه من مطاردات وملاحقات لناشطي حزب الشعوب الديمقراطية، من شأنه أن يحدّ من قدرة هذا الحزب على حشد المؤيدين له في الانتخابات المقبلة، وقد بدأت حكومة حزب العدالة والتنمية تنفيذ هذه السياسة حيث تقوم الآن بمحاصرة بعض المدن ذات الأغلبية الكردية، واعتقال ناشطين في المناطق الشرقية الجنوبية، وفي اسطنبول وأنقرة، وقد وصلت المضايقات إلى حدّ افتعال ملف قضائي لزعيم الحزب والدعوة إلى تحويله إلى القضاء، وبديهي أنّ الرهان على هذه الإجراءات قد تدفع حزب الشعوب الديمقراطية إما إلى مقاطعة الانتخابات، أو إرباكه بحيث يفشل في الحصول على نسبة الأصوات التي حصل عليها في انتخابات 7 حزيران. ومعروف أنّ أحزاب المعارضة، ومنذ إعلان نتائج انتخابات 7 حزيران، حذّرت من أنّ أردوغان وداوود أوغلو يخططان لانتخابات مبكرة انطلاقاً من هذه الحسابات.
ـ الأمر الثاني، أنّ داود أوغلو يربط بين محاربة حزب الشعوب الديمقراطية بذريعة محاربة الإرهاب وبين حصوله على أغلبية تؤهّله بمفرده لتشكيل الحكومة المقبلة، وهذا يعني أنه يخيّر الشعب التركي بين أمرين أحلاهما مرّ، إما الإرهاب وإما ديكتاتورية الحزب الواحد.