تغيير المعادلات.. بالصمود السوري والثبات الروسي ـ الإيراني
عُدي رستم
منذ بداية الحرب على سورية كان التساؤل والاستفهام يحكم الجميع لجهة أين سيكون موقع روسيا في ظلّ ما يجري على الساحة العربية، خصوصاً مما يجري في سورية، إلى أن بلغت الأحداث السورية مشهداً تجسّد فيه الذكاء الاستراتيجي للدولة السورية في إرجاء لحظة تبلور المواقف لربط قاطرة ما سُمّي «الربيع العربي» بالمعركة على الإرهاب، لينكشف المشروع المخطط لسورية، فيأتي الموقف الروسي قاسماً فيصلاً مبيّناً موضحاً الوقوف إلى جانب الدولة السورية حكومة وشعباً وقيادة، وليتوضح أنّ إصرار روسيا بعدم كسر الحلقة السورية يتأتّى من القناعة الروسية بمكانة سورية لإعادة رسم جغرافية المنطقة من جديد، لأنّ المُراد كان أن يترتب على انكسارها اجتياح أميركي يصل إلى حدود الأمن القومي الروسي.
ومن جهة أخرى القناعة الروسية بأنّ موقع سورية في الشرق الأوسط هو موقع حاسم في السياسة والاقتصاد من أنابيب النفط والغاز وصولاً إلى الإحاطة بمياه المتوسط، فبالتالي الدفاع عن سورية هو الدفاع عن المدى الحيوي الاستراتيجي لروسيا على البحر المتوسط.
جرت محاولات عدة لتغيير أو لفرملة الموقف الروسي الداعم بالمطلق للدولة السورية، تمهيداً للسماح بمرور قرار وفقاً للفصل السابع في مجلس الأمن عبر مجموعة من الوقائع كان منها العام 2012 استهداف مبنى الأمن القومي الذي أدّى إلى استشهاد أربعة من كبار الضباط القادة في الجيش العربي السوري، من ثم الانتقال إلى محاولات المعارضة للسيطرة على مدن ومناطق جغرافية لإبداء عدم فاعلية الدولة السورية في استردادها، وكان أبرزها المحاولات المتكررة لاستهداف العاصمة القلعة دمشق.
عند التيقّن من الوصول إلى طريق مسدود بقدرات المعارضة المسلحة، بنتيجة ثبات الدولة السورية وقوة الجيش وصمود الشعب، وبعد فشل كلّ الرهانات الأردوغانية لإنتاج صيغة حلف من خارج مجلس الأمن للعمل العسكري في سورية، وصلت الولايات المتحدة الأميركية إلى ابتكار فكرة الضربة المحسوبة لإعادة التوازن العسكري لجسم المعارضة مع ضرورة التنبّه إلى اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لعدم الانزلاق إلى حرب شاملة تمتدّ على مساحة المنطقة، قُرعَت الطبول وحُشدَت الأساطيل للضربة العسكرية بذريعة مفتعلة عن استخدام الدولة السورية للسلاح الكيميائي، ليتبيّن أنّ وهم التدخل هذا قد أخرج مع المعارضة السيناريو الكيميائي لتوفير الأرضية الإعلامية للوصول إلى لحظة تدخل مباشر صارت ضرورية ليتبدّد كلّ ضباب التساؤلات عن موقع الروس والإيرانيين بتصريحين من العيار الناري. الأول لقائد سرايا فيلق القدس اللواء الحاج قاسم سليماني بقوله: «إنْ أردتم المجيء فاحملوا توابيتكم معكم»، ليرافقه تصريح روسي لا يقلّ في صداه عن نظيره الإيراني يعلن استمرار الدعم الروسي للجيش السوري بالذخيرة والعتاد والمعلومات تُرجم بالعمل الدقيق الذي أدّى إلى إسقاط الصاروخين في البحر المتوسط.
يكثر الحديث عن أنّ القوات الروسية دخلت الأراضي السورية وأجرت المناورات في مياه المتوسط ليتبيّن أنّ الوجود العسكري الروسي في سورية هو شكل من أشكال استمرار الدعم الروسي القانوني لسورية بصفقات الأسلحة المبرمة، لجهة التيقن الروسي بقدرة الجيش السوري واعتباره أهمّ جيوش المنطقة للوصول إلى حالة توازن تكافئ الحضور الأميركي.
– صمود أسطوري للدولة السورية بصبر شعبها وقوة جيشها وشجاعة وحكمة قيادتها.
– تفاهم نووي أرخى بظلاله ليشكل سقف التوازنات في المنطقة.
– الاستعداد الروسي للحضور العسكري في سورية للتعاون بين الجيشين يقطع الشك باليقين.
– الاعتراف الأوروبي المتتالي من دولة إلى أخرى بأنّ بقاء الرئيس بشار الأسد من ضرورات نجاح المرحلة الانتقالية.
ثبات روسي يغيّر المعادلات…