مصر أمام حرب اقتصادية من بوابة شرم الشيخ لحساب تركيا في ليبيا على إيقاع الانتصارات السورية لافروف وكيري يتابعان تركيا ودي ميستورا

كتب المحرّر السياسي

لم يعُد لغز الطائرة الروسية مغفلاً حتى لو بقيت أسباب تفجيرها غامضة، رغم الحديث المتكرّر والمتلاحق عن ترجيح فرضية العملية التخريبية، فقد بدأت تتظهّر ملامح حرب شعواء لتجفيف مصادر السياحة المصرية من بوابة حادث انفجار الطائرة الروسية بلجوء دول الغرب إلى التركيز على ضعف الإجراءات الأمنية في مطار شرم الشيخ وإطلاق عمليات ترحيل للرعايا وقطع الخطوط الجوية ومعاملة مصر كطاعون يجب الابتعاد عنه، وهو أمر لا يمكن قياسُه بحجم الحادث، الذي لو جرى في الأجواء الخاضعة لحكومة الاحتلال للاقت تلك الحكومة أوسع التضامن وربما تنظيم حملات سياحية تشجيعية يقودها رؤساء الدول أو الحكومات، ما يشي بضغوط تريد أن تفرمل خطوات مصر السيادية البعيدة عن قطيع التموضع الذي اتخذه حلفاء الغرب تجاه سورية، سواء بصورة مباشرة أو ما يتصل بالدور الروسي فيها، خشية أن يتطوّر هذا الاستقلال المصري، كما يبدو، إلى تعطيل الصفقة التي جرى عقدها مع الرئيس التركي عشية الانتخابات، وما اقتضاه من تركيا تجاه تسهيل مسار فيينا، ولكن في المقابل منح تركيا أفضلية دور مميّز في الحلّ الليبي، ما يهدّد مصر، ولكن يستدعي قبولها.

مقابل الضغط الغربي على مصر لاسترضاء تركيا بحلّ يعوّم «الإخوان المسلمين» في ليبيا، كان التشاور الروسي المستمرّ في كلّ الاتجاهات، حيث اتصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، موضحاً قرار الوقف الموقت للسفر إلى شرم الشيخ في ضوء الحملة الغربية وبانتظار انتهاء التحقيق، ومؤكداً العلاقة الخاصة والمميّزة بين البلدين والحكومتين، بينما تواصَلَ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري في متابعة لما تمّ الاتفاق عليه مع المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، لجهة ضبط حدود دول الجوار، وخصوصاً تركيا والأردن، وضرورة تحمّل الأمم المتحدة مسؤوليتها القانونية في حسم ملف القوى والشخصيات التي تُحسب تحت عنوان المعارضة بين الإرهاب الواجب إعلان الحرب عليه والمعارضة الواجب دعوتها إلى المشاركة في العملية السياسية، وفقاً لنص مبادئ فيينا وهو الشيء نفسه، كما قالت مصادر إعلامية روسية، الذي بحثه لافروف مع وزير الخارجية التركي، وكلّ ذلك على إيقاع الانتصارات التي يحققها الجيش السوري وحلفاؤه والمتنقل بين الجبهات المحيطة بمدينة حلب، من ريف اللاذقية إلى ريفي إدلب وحماة، ووصولاً إلى الريف الحلبي شرقاً وغرباً وجنوباً وشمالاً.

في لبنان يتواصل الترنّح السياسي تحت ضربات الفشل في حلّ أزمة النفايات، مضافاً إليه التعقيد الذي يعطّل التفاهم على حلّ الخلاف حول كيفية التعامل مع بند قانون الانتخابات النيابية في جدول أعمال الجلسة التشريعية المعطلة، والتي تتهدّد بتعطيل الكثير مالياً إنْ لم تنعقد قريباً، بينما تضعف قوة الاستناد إلى الحوار بشقّيْه النيابي بين الأقطاب أو الثنائي الحزبي بين تيار المستقبل وحزب الله، بعدما فشل كلّ من الحوارين في دفع أزمة النفايات على طريق الحلّ خطوة واحدة. وجاءت الهموم المضافة مع المؤشرات التي تطلّ برأسها من عرسال أمنياً بعدما تبيّن أنّ التفجير الذي استهدف علماء «جبهة النصرة» قد يكون بداية جولة تصعيد تترجمها عمليات الاستهداف التي طاولت الجيش والقوى الأمنية، ليكون الخطاب الفلسطيني الذي أطلّ به الأمين العام لحزب الله دعوة لنصرة فلسطين مفتوحاً على السؤال عن هدر دماء الشعوب في الأعمال الانتحارية التي كانت زلزلت «إسرائيل»، لو كانت وجهتُها فلسطين.

لبنان القلق سياسياً وأمنياً والمحتضن مقاومته والقويّ بها في آن، يبدو قادراً على الدفاع عن سيادته الإعلامية والاحتكام إلى قوانينه في التعامل مع الضغط السعودي لإقفال قناة «الميادين»، بحيث أدّت الاتصالات التي جرت بصدد كيفية التعامل مع هذا الطلب من شركة «عربسات» إلى الحكومة اللبنانية لمنع القناة من الانطلاق من لبنان نحو الفضاء الخارجي، إلى تثبيت مبدأ أنّ القوانين اللبنانية هي المرجع وليست الرغبات السعودية أو سواها، وأنّ الحكومة ستطلب إطلاعها على المآخذ المحدّدة على القناة لتقييمها، وفقاً للمعايير القانونية المطبّقة على الإعلام في لبنان، وبناء على ذلك يتقرّر مبدأ وجود مخالفة، وفي حال وجودها، تحدّد ماهية العقوبة التي تستوجبها، بينما أكد خبراء في قوانين الإعلام أنّ انطباق أداء «الميادين» على القوانين اللبنانية يتفوّق على أداء العديد من القنوات اللبنانية.

عرسال إلى الواجهة

طغى التصعيد الأمني المفاجئ في عرسال على ما عداه من أزمات سياسية واقتصادية داخلية ليُعيد مدينة عرسال إلى الواجهة من جديد، لا سيما وجود الجماعات المسلحة الإرهابية التي تتحرك بين الجرود والبلدة ما يطرح تساؤلات عديدة عما إذا كان هناك مخطط لإشعال جبهة عرسال بعد الهدوء الحذر الذي سادها في الآونة الأخيرة، وما الهدف من استهداف الجيش اللبناني فبعد أقل من 24 ساعة على التفجير الذي استهدف مكتب ما يُسمّى «الهيئة الشرعية» لتجمّع «علماء القلمون»، تعرّضت دورية تابعة للجيش اللبناني، بحسب بيان قيادة الجيش، أثناء مواكبتها دورية لقوى الأمن الداخلي في حي السبيل – عرسال، لانفجار بعبوة ناسفة كانت مزروعة إلى جانب الطريق، ما أدّى إلى تضرر ناقلة جند وإصابة خمسة عسكريين كانوا داخلها بجروح غير خطرة.

وعلى الأثر فرض الجيش طوقاً أمنياً حول المكان. وعملت سيارات الإسعاف على نقل الجرحى إلى مستشفيات المنطقة، ونفّذت وحدات الجيش عمليات دهم لمخيمات النازحين السوريين بالقرب من مكان التفجير. كما قصف الجيش مواقع للمسلحين في جرود عرسال براجمات الصواريخ.

عملية تذكيرية محدودة

وقالت مصادر عسكرية لـ«البناء» إن استهداف الجيش يأتي إلحاقاً باستهداف «الهيئة الشرعية» لجبهة «النصرة» للتغطية على الصراع الدائر بين «النصرة» و«داعش» من جهة، ونوع من العمليات الإرهابية التذكيرية من جهة ثانية، للتأكيد بأن الجيش لا يزال هدفاً لـ«داعش»، بخاصة أن الجيش يقصف مواقع الإرهابيين ويضيّق الخناق عليهم. ولفتت المصادر إلى أن «العملية محدودة، واستبعدت أن يشنّ الإرهابيون عمليات هجومية شاملة ضد الجيش».

اتجاه للتوتير الشامل

في المقابل، أشار مصدر عسكري لـ«البناء» إلى «اتجاه لتوتير الوضع الأمني على مستوى أوسع وأشمل من الحدود الشرقية، واعتبر أن الأمر أكبر من الصراع بين «داعش» و«النصرة»، بل له علاقة بالتطورات العسكرية المستجدة في سورية، وحذر المصدر من توتير الوضع بأساليب متعددة كعمليات انتحارية ضد الجيش وتفجيرات لتجمّعات مدنية واغتيالات لشخصيات لبنانية إضافة إلى تحريك الشارع من قبل بعض القوى الخارجية».

كما حذّر المصدر من أن ضمانة الدول الكبرى بتحييد لبنان عن مسألة الصراع في سورية قد انتهت، «لأنه وبعد الدخول الروسي العسكري إلى سورية أصبح وضع أميركا وحلفائها حَرِج، لذلك هناك محاولات للضغط على الجيش ليتخذ طرفاً ضد المقاومة وما المساعدات الخارجية للجيش والتهديد برواتب العسكريين إلا وسائل للضغط عليه، وعندما لم تنجح لجأوا إلى استهدافه المباشر».

سببه خلاف على اقتسام «الحصص»

وتحدثت معلومات لـ«البناء» عن أن تفجير «الهيئة الشرعية» لـ«النصرة» سببه خلاف على تقاسم مبلغ من المال أرسلته قطر إلى المجموعات الإرهابية الموجودة في القلمون لتنفيذ عمليات إرهابية تطال الداخل اللبناني».

وساطات على خط عين التينة ــ الرابية

لم يطرأ أي جديد على موقف «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية»، الرافض المشاركة بالجلسة التشريعية التي دعا إليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلا بعد إدراج قانون الانتخاب على جدول الأعمال، إلا أن محاولات الوصول إلى مخرج لم تنته، بل تجري وساطات وحواراً على خط عين التينة – الرابية للوصول إلى صيغة ما تقنع المقاطعين بحضور الجلسات.

وفي الإطار، قالت مصادر «تكتل التغيير والإصلاح» لـ«البناء» أن وساطات واتصالات تجري بين الرابية وعين التينة حول الجلسة التشريعية للوصول إلى مخرج لتوسيع جدول الأعمال ليشمل قانون الانتخاب، لكنها نفت التوصل لصيغة نهائية، وأكدت المصادر مقاطعة نواب «التكتل» إذا لم يتم وضع قانون الانتخاب على جدول الأعمال».

ولفتت المصادر إلى أنه «لا يمكن تهميش قوى أساسية والذهاب إلى جلسة تشريعية من دونها، لأن الميثاقية هي بحجم القوة السياسية التي تمثل المسيحيين والتي تعبر عن الشراكة الوطنية في البلد»، وحذرت المصادر بأن «المقاطعة ستكون الرد الأول على عقد جلسة بلا قانون الانتخاب وتليها مجموعة من المواقف السياسية».

وأعربت المصادر عن تشاؤمها حيال الوصول إلى حلٍ على الصعيدين التشريعي والحكومي، ورجحت أن تذهب الأمور إلى خواتيم سلبية وليس إيجابية وباتجاه مزيد من الانقسام وليس التوافق، واعتبرت أن «البلد بحاجة إلى خطوة إنقاذية سريعة تبدأ بقانون انتخاب جديد على قاعدة النسبية».

و«المصارف» تدقّ ناقوس الخطر

ولفت أمس، دخول جمعية المصارف على الخط التشريعي من خلال إعلانها القيام بجولة على المكوّنات المقاطعة للجلسة التشريعية، بعد أن دقت ناقوس الخطر على الوضع المالي والمصرفي.

وكان رئيس جمعية المصارف جوزف طربيه قد أطلع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أمس، على «بعض الاستحقاقات المالية الدولية المتوجَّبة على لبنان، والتي تتناول بصورة خاصة إصدار تشريعات جوهرية مطلوبة من المجتمع الدولي».

كما وأجرى الرئيس سعد الحريري اتصالاً بالراعي، تم خلاله التطرق إلى الأوضاع السياسية في البلاد وانعكاس الفراغ الرئاسي على الوضع السياسي والأمني والاقتصادي على لبنان.

نصرالله يحذّر من مشاريع الفتن

في غضون ذلك تناول الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مشاريع الفتن الطائفية والمذهبية التي تحضَّر للمنطقة في كلمته خلال فعاليات الملتقى العلمائي الدولي لدعم فلسطين، ودعا إلى «وضع إطار تأسيسي وإشراك فصائل المقاومة والنخب والباحثين من أجل وضع الأسباب ووضع خطط وتوزيع المسؤوليات والوصول إلى حلول من خلال بذل جهود للحدّ من الخسائر».

وأضاف السيد نصرالله: «هناك مَن يعطي للمعركة بعداً طائفياً وكأن المسلمين هم مَن يمثلون الخطر على المسيحيين، وذلك من أجل أن يلجأ البعض إلى «إسرائيل» طالباً الحماية من الخطر التكفيري الذي لم يترك أحداً من شرّه. وهذا غير صحيح».

وحذّر من أن «الخطير في ما يجري هو العمل على إيجاد حالة عداء واسعة لدى عدد من الشعوب العربية والإسلامية تجاه الشعب الفلسطيني وتحويله إلى عدو». وأكد السيد نصر الله أنه «لو أتينا بكل المجاهدين الذين أرسلوا للقتال في سوريـة وأفغانستـان وغيرهمـا لكانـت أزيلـت إسرائيـل».

«الميادين» لن تختفي

إلى ذلك، أكد رئيس مجلس إدارة قناة «الميادين» غسان بن جدو «أن قناة الميادين لن تختفي، فلدينا إمكانات تقنية تسمح لنا بالبث على مدار الـ»عرب سات»».

وشدّد بن جدو خلال مؤتمر صحافي لإدارة القناة حول قرار «عرب سات» وقف بثها والطلب إلى السلطات اللبنانية وقف البث من لبنان، على أن القناة لن تغيّر من سياستها التحريرية ولا من طريقة تعاطيها الهادئة والمتوازنة، فـ»هي لا تجد حرجًا في انحيازها للمقاومة اللبنانية والفلسطينية»، قائلاً: «لتذهب الميادين إلى الجحيم إذا كانت ستتخلى عن المقاومة».

وكشف «أن جهة عربية تسخّر شركة علاقات عامة للتشهير بـ«الميادين» في أوروبا واتهامها بمعاداة السامية».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى