ماذا يريد المغتربون السوريون؟ سماع الأمل من رئيسهم
تامر يوسف بلبيسي
تابع السوريون إطلالات رئيسهم الإعلامية منذ بداية الأزمة، وكانوا دائماً ينتبهون إلى الحرص الذي يبديه في اختيار عباراته، ودراسة المعاني التي يريد إيصالها لهم ولمن يسمع من الأصدقاء والأعداء، وكانوا أحياناً يشعرون أنهم يتلقّون دروساً في علم السياسة تساعدهم على فهم ما يدور حولهم بأمانة ودقة وعمق. تهمّه مصداقية فهمه للأحداث بعيون مَن يستمع إليه، بغضّ النظر عن هويته صديقاً أم خصماً أم مواطناً، أكثر مما هم أمام سياسي يفترض أنه يسعى إلى توظيف إطلالته لحرب نفسية وإيصال رسائل إلى خصومه وزرع الحماسة بين مريديه.
استمع السوريون إلى رئيسهم في بدايات الأزمة، وهو يتحدّث عن حرب ستطول ولها أهداف متعدّدة، وستلجأ إلى وسائل متعدّدة، واستمعوا إليه وهو يفسّر كيف أنّ الإرهاب هو القوة التي تقف في الميدان بوجه جيشهم، وكيف أنّ دولاً غربية وإقليمية تفعل ذلك لحسابات تتصل بأهمية مكان بلدهم ومكانته، والسعي للنيل من استقلاله وثوابته وخياراته، وبالتالي وحدة ترابه وهوية أبنائه الواحدة، وكيف أنّ العبث بالنسيج الوطني للسوريين هو أحد أهداف هذه الحرب، واستمع السوريون إلى رئيسهم وهو يمدّ يده للحوار، ويدعو إلى حلّ سياسي، ويُبدي استعداده للسماع لأيّ كان ولأيّ مطلب ودراسته، ويعلن العفو مرات عديدة، ويصل إلى السير بدستور جديد للبلاد، وكان بعض السوريين يتمنّى أن يسمع من الرئيس كلاماً واعداً بخلاص قريب، وبنصر قريب، أو يدخل لغة التحدّي والغضب، لكنهم كانوا كلما تشوّشت الصورة عليهم أكثر يشعرون بالحاجة لسماعه أكثر، وكلما كانوا يسمعون خصومه يتحدّثون عن رحيله بالتمني أو التوقع يتمسكون به أكثر.
كان الآخرون هم الذين يتحدّثون عن الزمن القصير لبلوغ نصرهم، وهم الذين يغضبون ويهدّدون ويعتمدون لغة التحدّي، وكان مَن معهم من عناوين سورية باسم المعارضة، يردّدون بالنيابة عن هؤلاء برفض كلّ مبادرة لحوار أو لحلّ سياسي سلمي.
جاءت الأيام وشهد السوريون نبوءات رئيسهم أمامهم، فشهدوا الأساطيل في البحر المتوسط تعلن أنّ وجهتها بلدهم، وشهدوا التصريحات الحربية تتوالى، وشهدوا الدول تكشف عن أدوارها، القريب منها والبعيد، فتذكروا أقوال رئيسهم، وشهد السوريون ولادة جبهة «النصرة» وبعدها تنظيم «داعش»، وشهدوا تصاعد كلام الذين كانوا ينكرون الكلام عن وجود إرهابيين في سورية، وصولاً إلى إعلانهم أنّ الأولوية في سورية هي للحرب على الإرهاب، فتذكروا مرة أخرى كلام رئيسهم، وشهد السوريون كلام العالم كله عن حلّ سياسي فتذكروا كلام رئيسهم، وشهدوا ربط العالم للحلّ السياسي بالنصر على الإرهاب فتذكروا مبادرة الحلّ التي أطلقها رئيسهم.
كان السوريون يصدّقون رئيسهم، فصاروا لا يصدّقون غيره، وكانوا يثقون بوعوده فصاروا لا يثقون بوعود سواه.
في الأيام الأخيرة استمع السوريون إلى رئيسهم وهو يشير إلى أنّ الخلاص لم يعد بعيداً، وأنّ الحرب على الإرهاب قد دخلت مرحلة هامة مع المشاركة التي يقدّمها حلفاء سورية، وفي ظلّ صمود شعبها وبطولات جيشها، واستمعوا إليه وهو يشرح تسلسل خيارات الحلّ وأولوية النصر على الإرهاب لفتح الباب للتغييرات اللازمة دستورياً وسياسياً لدخول مرحلة جديدة نحو العافية، وسمع السوريون رئيسهم يجدّد تأكيد أهمية تماسكهم خلف هويتهم الوطنية كسوريين فوق كلّ العصبيات، فتأكد السوريون من أنهم على طريق الخلاص، ومن أنّ المزيد من الصبر والمزيد من الصمود والمزيد من التضحيات طريق يوصل بلدهم ويوصلهم إلى الخلاص الموعود.
يريد السوريون، والمغتربون منهم بصورة خاصة، سماع رئيسهم لأنهم من كلامه يصلون إلى الحقيقة ويصدّقون الأمل.
مغترب عربي سوري في الكويت
رئيس مجلس إدارة قناة «زنوبيا» الفضائية