خروج أول دفعة من المسلحين تنفيذاً لاتفاق حي «الوعر» في حمص

أعلنت وزارة الخارجية الروسية أنه من المتوقع عقد أول جلسة من المشاورات الروسية الأممية الأميركية الثلاثية بعد تعليقها منذ بداية الأزمة الأوكرانية، بجنيف في 11 كانون الأول.

وقال مصدر في الخارجية الروسية أمس: «المشاورات حول سورية في إطار «روسيا الأمم المتحدة الولايات المتحدة» مع المبعوث الأممي الخاص ستيفان دي ميستورا مدرجة على جدول الأعمال في جنيف الجمعة».

وقال غينادي غاتيلوف نائب وزير الخارجية الروسي: «سنطرح رؤيتنا للموقف في سورية مع تأكيد الحاجة لتكثيف القتال ضد الإرهاب. هذا يمثل لنا أولوية. ندعو إلى تعزيز الجهود المشتركة في هذا المجال».

من ناحية أخرى، قال دي ميستورا أمس إن المحادثات في جنيف الجمعة تأتي في إطار العمل التحضيري. ورفض الخوض في تفاصيل المحادثات التي اقترح عقدها، مضيفاً: «سوف تتعلق بكيفية تنظيم الاجتماعات المقبلة في فيينا على نحو الأفضل»، وأكد أن الاجتماع لا يهدف إلى بحث نتائج جهود توحيد المعارضة السورية.

ومن المتوقع أن يجري وزير الخارجية الأميركي جون كيري في روسيا الأسبوع المقبل محادثات حول تسوية الأزمة السورية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية سيرغي لافروف.

وأعلن المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف أنه لا يستبعد أن يستقبل الرئيس بوتين وزير الخارجية الأميركي، في حين نقلت وكالة «أسوشيتد بريس» عن كيري قوله إنه يخطط لزيارة موسكو «بعد أسبوع» لإجراء محادثات مع الرئيس الروسي ووزير الخارجية سيرغي لافروف.

وأضاف كيري أنه يأمل في زيارة روسيا الأسبوع المقبل لإجراء محادثات حول تسوية الأزمتين السورية والأوكرانية، وأعرب عن قناعته بأن موسكو تسعى إلى إنجاح عملية التسوية السياسية في سورية.

وبحث وزيرا الخارجية الروسي والأميركي أمس في اتصال هاتفي تطورات الأوضاع في سورية، وأكد لافروف لكيري ضرورة تنفيذ القرارات بشأن وفد المعارضة السورية ووضع قائمة بالمنظمات الإرهابية.

وذكرت الخارجية الروسية في بيان صدر تعليقاً على الاتصال أن المحادثة التي أجريت بمبادرة من الجانب الأميركي ركزت على الملف السوري، بما في ذلك إمكانية عقد جلسة جديدة للمجموعة الدولية لدعم سورية.

وكان وزير الخارجية الروسي قد أكد في وقت سابق أمس أن أولئك الذين يصرون على الربط بين رحيل الرئيس الأسد وتشكيل تحالف دولي ضد الإرهاب، يساهمون بصورة غير مباشرة في الحفاظ على الظروف المواتية لتمدد «داعش».

وقال في مقابلة مع وسائل إعلام إيطالية «إذا استمر طرح قضية الأسد بطريقة مصطنعة كعقبة على طريق تشكيل تحالف شامل لمكافحة الإرهاب، فلا مفر من اعتبار تصرف أولئك الذين يصرون على ذلك، كمساهمة غير مباشرة في الاحتفاظ بالظروف المواتية لتمدد «داعش».

وأكد لافروف أن موقف الغرب من مسألة مصير الرئيس السوري تعرض لبعض التعديلات، إذ لم يعد شركاء روسيا يطالبون باختفاء الأسد فوراً، من دون أن يستبعدوا مشاركته في العملية السياسية الانتقالية، لكنهم ما زالوا يصرون على تحديد موعد ما لرحيله.

وتابع الوزير تعليقاً على هذا الموقف: «لقد رد الرئيس الروسي أكثر من مرة على هذه الفكرة، ونحن نعتبر مثل هذه المقاربة مصطنعة ومتعارضة مع القانون الدولي والمبادئ الديمقراطية».

واعتبر أن المزاعم الأميركية حول رفض الغالبية السنية في سورية للأسد باعتباره ممثل أقلية، تعد محاولة غير نزيهة لاستغلال الورقة الطائفية في الأزمة السورية.

كما أكد الوزير الروسي أن هناك إمكانية لحل قضية تنظيم «داعش» الإرهابي بسرعة، في حال توحيد قدرات سلاحي الجو الروسي والأميركي والشروع في إقامة تنسيق وثيق مع القوات البرية التي تواجه «داعش» على الأرض.

وأوضح: «يجب على القوات البرية أن تنضم قبل كل شيء، إلى التحالف المناهض للإرهاب، وأن تعمل بدعم القوات الجوية. إن القدرات الجوية المتوفرة تعد كافية، إذا قمنا بتوحيد قدرات التحالف بقيادة أميركا وقدرات سلاح الجو الروسي».

وأعاد الوزير إلى الأذهان أن الأميركيين أنفسهم يقرون بضرورة انضمام الجيش السوري إلى العملية البرية المشتركة ضد «داعش». وأردف قائلاً «إنهم يقولون لما: نعم، إننا مستعدون للتعاون مع الجيش السوري لكن يجب الإطاحة بالأسد وبالقادة الأساسيين في الجيش. إن هذه المقاربة لا تحمل طابعاً عسكرياً مهنياً، بل إيديولوجيا».

واعتبر لافروف أن دمشق ستكون مستعدة لإقامة تعاون مع التحالف الدولي بقيادة واشنطن في حال تلقيها طلباً بهذا الشأن، مؤكداً أن تشكيل تحالف دولي واسع ضد الإرهاب فكرة واقعية تماماً.

وأكد لافروف أنه لا داعي للجوء إلى الأسلحة النووية ضد الإرهابيين. وجاء هذا التأكيد تعليقاً على تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي تحدث عن أحدث الصواريخ الروسية التي تستخدمها القوات المسلحة الروسية في سوريا، وذكر أنه يمكن تزويد تلك الصواريخ برؤوس نووية، على الرغم من أنه لا داعي للجوء لذلك في سياق مكافحة الإرهاب.

وأكد لافروف قائلاً «لا داعي لاستخدام الأسلحة النووية ضد الإرهابيين وبإمكاننا القضاء عليهم بالوسائل العادية. وهو أمر يتناسب تماماً مع عقيدتنا العسكرية».

كما لم يستبعد الوزير الروسي أن يكون الهدف وراء إسقاط قاذفة «سو-24» الروسية في سورية يكمن في نسف التسوية السياسية، وقال: «إننا لا نرى أي تفسير آخر باستثناء الرغبة في نسف جهود مكافحة الإرهاب، أو جعلها أقل فعالية، أو ربما لحمل روسيا على التخلي عن العمل في المجال الجوي السوري، أو حتى بغية نسف العملية السياسية التي بدأت تلوح في الأفق على أساس اتفاقات فيينا».

ودعا إلى بحث ما تعمله أنقرة حقاً لتنفيذ المهام التي يطرحها أمامها التحالف الدولي المناهض لـ»داعش». وتساءل: «لماذا يستهدف القصف التركي بالدرجة الأولى ليس الإرهابيين بل الأكراد الذين يعتبرهم الأميركيون حلفاء محتملين في مكافحة الإرهاب؟».

وتزامنت تصريحات الوزير الروسي مع تأكيد البيت الأبيض أمس معارضته إنشاء منطقة آمنة في سورية بخلاف ما يصرح به الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في حين أشار وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر أنه ينبغي على تركيا تكثيف جهودها لإغلاق الفجوات الحدودية مع سوري.

من جهة أخرى، قال بريت مكغورك مبعوث الولايات المتحدة الجديد لدى التحالف ضد «داعش» إن التحالف يعطي الأولوية لإغلاق آخر شريط حدودي بين تركيا والأراضي الواقعة تحت سيطرة التنظيم في سورية.

وفي السياق، أعلنت رئيسة مجلس الاتحاد الروسي فالينتينا ماتفيينكو عن استعداد موسكو، في إطار التعاون العسكري مع فرنسا والعراق والأردن، إغلاق الحدود التركية السورية، وقالت: «روسيا جاهزة لعرض جهودها لتأمين تحكم غير مشروط لهذه الحدود. وتوجد لدينا اقتراحات يتم بحثها من قبل الجهات المعنية وأجهزة الأمن الخاصة».

وأضافت المسؤولة الروسية أن «أجهزة الأمن تجري مثل هذا العمل المشترك» من التعاون مع أجهزة الأمن الفرنسية والعراقية والأردنية، مؤكدة أن مسألة الحدود التركية – السورية «تقف بشكل حاد» على جدول الأعمال الدولي.

وبينت ماتفيينكو أنه «يتم عبر هذه الحدود توريد الأسلحة، والتمويل للإرهابيين ، ويمر المسلحون إلى أماكن الراحة داخل تركيا . وطالما تبقى هذه الحدود مفتوحة ستستمر بتمثيل تهديد لروسيا».

كلام رئيسة الدوما الروسي تزامن مع تصريحات لرئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو اتهم فيها موسكو بتنفيذ عميلة «تطهير عرقي» بشمال اللاذقية لطرد السكان التركمان والسنة الذين ليست لهم علاقة طيبة مع النظام، و أضاف «أنهم يريدون الروس طردهم… يريدون تطهير هذه المنطقة عرقيا لحماية قواعد النظام وروسيا في اللاذقية وطرطوس».

ميدانياً، نفت وزارة الدفاع الروسية استهداف مقاتلاتها أياً من مواقع الجيش السوري في دير الزور. وصرح المتحدث باسمها، إيغور كوناشينكوف، بأن الطائرات الروسية لم تحلق في 6 كانون الأول فوق «منطقة دير الزور» التي تعرض أحد معسكرات الجيش السوري الميدانية فيها إلى الهجمة الجوية.

وأكد المتحدث أن الطائرات الروسية تقوم بالطلعات الجوية في سماء سورية بالتنسيق مع «إدارة الحركة الجوية وهيئة الأركان العامة للقوات الحكومية السورية»، وقال: سنعرف مَن هاجم القوات السورية من الجو في أقرب وقت عندما تعلن السلطات السورية نتائج التحقيق في هذا الحادث».

وكان التحالف الدولي بقيادة واشنطن قد نفى مسؤوليته عن قصف المعسكر، فيما نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول أميركي قوله إن بلاده متأكدة من مسؤولية روسيا عن غارة على المعسكر في دير الزور.

وأعاد كوناشينكوف إلى الأذهان أنه حسب معلومات هيئة الأركان العامة في الجيش السورية، وجهت طائرات تابعة للتحالف الدولي في الساعة 19.40-19.55 يوم 6 كانون الأول، ضربة إلى المعسكر الميداني للواء 168 في الفرقة 7 بالجيش السوري، والذي يبعد كيلومترين غرب مدينة دير الزور.

كما نفى كوناشينكوف المزاعم الصحافية حول إقامة قواعد روسية جوية جديدة بالإضافة إلى قاعدة «حميميم» في ريف اللاذقية. واعتبر أن هذه المزاعم تأتي ضمن موجة من الإشاعات توزعها بعض وسائل الإعلام الغربية منذ أسبوعين بغية صرف الانتباه عن حادثة إسقاط قاذفة «سو- 24» الروسية من قبل مقاتلة «إف- 16» تركية.

وأوضح كوناشينكوف أنه لا توجد أي ضرورة قتالية لنشر قواعد جوية إضافية في أراضي سورية، علماً أنه يمكن لأي طائرة حربية من مجموعة الطائرات الروسية في قاعدة «حميميم» أن تصل إلى أي نقطة في أراضي سورية في غضون 30 – 40 دقيقة فقط.

كما دعا المتحدث الروسي التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة إلى ضرورة «كشف الأوراق» عند محاربة تنظيم «داعش». وقال: «اقترحنا مراراً على الأميركيين منذ بداية العملية تنظيم تبادل للمعلومات الموجودة عن مواقع تمركز الإرهابيين في سورية. وربما حان الوقت لزملائنا من ما يسمى بـ»التحالف» كشف الأوراق؟».

كما أعلن كوناشينكوف أن سلاح الجو الروسي نفذ خلال الـ24 ساعة الأخيرة 82 طلعة حربية ضد 204 منشأة للإرهابيين في أرياف كل من حلب وإدلب واللاذقية وحماة وحمص، 32 منها ليلاً.

وفي ملف المصالحات، غادر أكثر من 270 مسلحاً حي الوعر في حمص إلى جانب 450 شخصاً من عائلاتهم، تطبيقاً لاتفاق مع الحكومة السورية رعته الأمم المتحدة حيث توجه المسلحون إلى ريف حماه الشمالي، في حين قرر 2000 مسلح البقاء داخل الحي حيث سيتم تسوية أوضاعهم.

من جهته، قال محافظ حمص طلال البرازي إلى أنه بعملية إخلاء حي الوعر اليوم فإن «حمص ستكون خالية من المسلحين»، مشيراً إلى أن دور الأمم المتحدة في الاتفاقية «لوجستي ويتعلق بإخراج المسلحين ونقلهم فقط».

وأكد البرازي أن الاتفاقية تنفذ على مراحل عدة، ومنها ما تم تحقيقه، وهو وقف إطلاق النار والسماح للمسلحين الذي لم يوافقوا على الاتفاق بالخروج وعائلاتهم، وتسوية أوضاع المسلحين الذين قرروا البقاء، إضافة إلى الشروع في عودة المهجرين تدريجياً إلى الحي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى