مؤتمر الرياض… امتحان كشف حقيقة الدول الداعمة للإرهاب
هشام الهبيشان
في الوقت الذي عادت فيه الأحاديث والتحليلات والتصريحات عن إحياء مؤتمرات خاصة لحل أزمة الحرب المفروضة على الدولة السورية، الرياض 1، نيويورك 1، فيينا 3، موسكو 3، جنيف 3، القاهرة 3، تسود حالة من التشاؤم في خصوص الجدوى من عقد هذه المؤتمرات، لأنّ أغلب المطلعين على تداخلات الحرب على الدولة السورية وما تبعها من تغيير في قواعد الاشتباك، يعلمون ويدركون أنّ عقد جلسات مشاورات أو لقاءات أو مؤتمرات تضمّ شخصيات من طرفي المعادلة السورية، أو طرف واحد، لن ينجح بسبب وجود صعوبات ومعوقات كثيرة.
ومن خلال استعراض اللقاءات والمؤتمرات التي عقدت، في هذا الإطار، نجد أنّ كلّ ما قامت به هو إشباع الإعلام بالصور النادرة عن نجاحات الدول الوسيطة في التفاوض وعن فرص للتقدم المأمول، مع أنّ تلك الدول جميعها تدرك أنّ الوصول إلى نتائج فعلية ليس ممكناً في هذه المرحلة، وفي حال التوصل إلى حلّ ما فإنه سيكون مرحلياً، أو خطوة في طريق طويل صعب ومعقد، ستبقي سورية في معمودية النار حتى وقت غير محدّد.
في هذه المرحلة، من الواضح أنّ جميع المعطيات الإقليمية والدولية في هذه المرحلة، تشير إلى تصعيد واضح بين الفرقاء الإقليميين والدوليين، وهذا بدوره سيؤدّي إلى المزيد من تدهور الوضع في سورية وتدهور أمن المنطقة ككلّ، فمجموعات القتل المتنقلة في سورية ما زالت تمارس علانية القتل والتخريب التدمير، ولدى المنظمات الدولية، بما فيها المنظمات التابعة للأمم المتحدة، أدلة كثيرة وموثقة على عمليات القتل والتعذيب والتخريب التي تقوم بها العصابات الإرهابية.
وعلى محور مهم بهذه المرحلة تحديداً، يعلم أغلب المطلعين على تداخلات الحرب على الدولة السورية وما تبع ذلك من تغيير بقواعد الاشتباك، أنّ أيّ حديث عن مؤتمرات هنا وهناك لمعارضة ميتة أصلاً يسعى البعض لإحيائها هو حديث ليس بواقعي، فإذا عدنا إلى الماضي القريب فقد كان مؤتمر «القاهرة» للمعارضات السورية شاهداً على مهزلة سياسية وأخلاقية، فقد كان الهدف المطلوب الوصول اليه برأي قوى المعارضة السورية الخارجية الممثلة بالائتلاف هو عبارة عن تسليم مقاليد الحكم لهم، وهذا كما يقولون هم إنه النص النهائي المطلوب الوصول اليه كنتيجة لهذه المؤتمرات.
وهنا فقد تعلّمنا من دروس التاريخ بأنّ أزمات دولية – إقليمية محلية – مركبة الأهداف، كالحرب التي نعيش تفاصيلها حالياً على سورية، أنه لا يمكن الوصول إلى نتائج نهائية لها بالجهد البسيط، فالطريق ليست معبدة بالورود بل هي كرة نار ملتهبة متدحرجة قد تتحوّل بأيّ وقت الى انفجار اقليمي وحينها لا يمكن ضبط تدحرجها أو على الأقلّ التحكم بطريق سيرها ولذلك لا يمكن الوصول الى جملة تسويات ونتائج سريعة بشكل سهل، فطرق الحلّ والتسويات تخضع للكثير من التجاذبات والأخذ والردّ قبل وصول الأطراف الرئيسية المعنية إلى قناعة شاملة بحلول وقت الحلول، وما لم تنضج ظروف التسويات الدولية – الإقليمية لا يمكن الحديث عن إمكان فرض حلول في المدى المنظور.
من الواضح أنّ مؤتمر «الرياض» لم ينجح وكان مصيره الفشل، لوجود العديد من الصعوبات والمعوقات المتمثلة بالمعارضة وداعميها وتمسكهم بشروط مسبقة، فهذه المؤتمرات والاجتماعات لا تقدم إلا الشروط المستحيلة، وتعكس حجم الرهانات المتعلقة بكلّ ما يجري في سورية، وهي أهداف تتداخل فيها حسابات الواقع المفترض للأحداث الميدانية على الأرض مع الحسابات الأمنية والعسكرية والجيوسياسية للجغرافيا السياسية السورية وموازين القوى في الإقليم مع المصالح والاستراتيجيات للقوى الدولية على اختلاف مسمّياتها، كما تتداخل فيها كلّ ملفات المنطقة، فضلاً عن تداخل هذه الملفات في كلّ مفاصل السياسة الدولية والعلاقات في ما بين الدول الكبرى على المستويين العالمي والإقليمي.
من كلّ ما تقدّم نستنتج أنّ جميع هذه المؤتمرات لا يمكن التعويل عليها، كنافذة للخروج من تداعيات الحرب على سورية، والمؤكد هنا أنّ مؤتمر «الرياض»، بفصوله كاملة، كان شاهداً على طريقة تعامل الدول الداعمة للإرهاب في سورية، وشكل امتحاناً حقيقياً لهذه الدول الداعمة للإرهاب على أرض سورية لكشف نواياها الحقيقية وأهدافها من عقد هذه المؤتمرات بفصولها المختلفة.
كاتب وناشط سياسي ـ الأردن
hesham.habeshan yahoo.com