«المنار» اسمها لن يُشطب وصورتها لن تنزل عن أقمار القلوب والسماء
العلامة الشيخ عفيف النابلسي
ظلّت «المنار» أقوى من قنابل الهمجية الإسرائيلية، وأوضح صوتاً من طبول الباطل ومزامير الكذب. مع تواليها السريع ونموها واتساعها حققت «المنار» حضوراً لدى المشاهدين العرب والمسلمين. اقتربت من قضاياهم لا سيما القضية الفلسطينية، وحملت هم الوحدة ومقاومة المشروع الأميركي الصهيوني، حتى تملّكهم شعور جميل بأن الخير باقٍ في هذه الأمة، وأن طريق الخروج من ذل الاحتلال إلى عز الحرية مفتوحة.
بلغت «المنار» الذروة خلال عدوان تموز العام 2006. ضربُ المقاومة يستلزم إسكات صوتها ومحو صورتها فظن الصهاينة أن إغارة عنيفة وقوية ستجعل «المنار» أثراً من التاريخ، لكن سرعان ما أصابهم العجب. دقائق قليلة حتى عادت «المنار» بضوء الحقيقة وشعاع الأمل تنقل بطولات المقاومين وانتصاراتهم.
أما الأعراب فكالعادة مأخوذين تماماً بما يقرره العدو الإسرائيلي من أساليب في إرهابه وهمجيته لا يشعرون بحزن في الصدور، ولا يدركون بغريزتهم أنّ عليهم واجب الدفاع والوفاء. كان تواطؤهم هو الأوضح والأكبر والأخطر في تاريخ الصراع مع العدو الإسرائيلي. انتشرت حالة من المرارة، لكن هذه هي الحقيقة: الأعراب يقفون إلى جانب الصهاينة في عدوانهم على لبنان والمقاومة. وكل من أرّقته الأسئلة والمخاوف من انحياز الأعراب إلى الصهاينة بدلاً من تضامنهم مع المقاومة، اتضح له الموقف المخزي والبائس تماماً.
المحاولات لإخماد شعلة «المنار» فشلت كلها. يريدون صوت العرب والمسلمين أن تنسى الفلسطينيين كما نسوها هم، فلا تنقل مجازر الصهاينة، ولا صورة طفل يحمل حجارة بيده يبذل سعيه في رميها في وجه المعتدين، وأمّ من شدة لهفتها على أولادها تهجم على جنود الاحتلال، ومقاوم يوجه صاروخه إلى تجمعات المستوطنين. لا يريدون «المنار» أن تفضح الإرهابيين التكفيريين الذين تمولهم السعودية وقطر وتركيا والذين بهذا الدعم تسببوا بتدمير سوريا والعراق واليمن وليبيا. لا يريدون «المنار» أن تنبس ببنت شفة عن مجازر آل سعود بحق اليمنيين المدنيين الذين سكت العالم عن نقل الصورة الحقيقية عما وصل إليه حال هذا البلد بعد العدوان السعودي، فيما الواجب العربي والإسلامي هو وقف العدوان ومساعدة اليمنيين على ترميم جراحهم وبناء دولتهم، لكن السعودية تمنع بالمال كل وسيلة إعلامية تريد نقل الحقيقة وكل دولة تريد التضامن مع الشعب اليمني.
ولأن «المنار» تشرف على طريق تحرير فلسطين والأمة من الطغاة والصهاينة والتكفيريين، ولأنّها في الميادين تنقل صورة المقاومين الأبطال في العراق وسوريا واليمن ولبنان، فاسمها لن يُشطب وصورتها لن تنزل عن أقمار القلوب والسماء.
الأعداء يفعلون أقصى ما يستطيعون، لكن الخيبة تلازمهم مرة بعد أخرى. يزدادون علّواً وفساداً، لأنّ الحقيقة تكشف زيفهم وخداعهم وأضاليلهم. ولا يريدون أحداً أن يرى عريهم وارتكابهم الآثام.
لم ينزلوا «المنار» من الفضاء بل أنزلوا أنفسهم من كرسي الكرامة وأسقطوا رؤوسهم في رمال الخزي والعار.
«المنار» ستبقى صوت العرب والمسلمين وإن شئتم أن تظفروا بجواب فاسألوا الناس!