تلفزيون لبنان
استشهاد الأسير المحرر الدكتور سمير القنطار، بغارة جوية صاروخية استهدفته في سورية في بلدة جرمانا الواقعة جغرافياً في ريف دمشق، هو التطور الأبرز الذي خرق مجمل الملفات نهاية الأسبوع، وسقوط صواريخ كاتيوشيا في الجليل مساء اليوم، بدا وكأنّه الردّ الميداني الأول، الأمر الذي حمل نتانياهو على عقد مجلسه الوزاري الأمني المُصغّر، واستخدام أوامره المعتادة لآلته الحربية ومنها المدفعية.
قوات الطوارئ الدولية «اليونيفيل»، شرعت باتصالات لضبط الوضع.
«حزب الله» اتّهم إسرائيل باغتيال القنطار، فيما الأخيرة لم تؤكّد في حينه ضلوعها في العملية، لكن الإذاعة «الإسرائيلية» زعمت مساء اليوم أمس ، أنه تمّت تصفية القنطار وتسعة من القياديين الموالين للحكم السوري بغارة «إسرائيلية»، بحسب تعبيرها.
وقُبيل السادسة مساء اليوم أمس ، سُمع دوي صفارات الإنذار في الجليل قُبالة الحدود اللبنانية، لدى انفجار ثلاثة صواريخ في نهاريا، قيل إنّها أُطلقت من منطقة القليلة جنوب صور، بحسب مصادر أمنية للزميل جهاد سقلاوي والزميل إدوار عشي.
دوريات للجيش اللبناني وأخرى لليونيفيل تسير هناك الآن. حال من الترقّب والحذر الشديدين، كانت قد سادت منذ صباح الأحد جانبي الخط الأزرق بالقطاع الشرقي، بدءاً من محور القوزح، امتداداً إلى تلال العديسة، وحتى مزارع شبعا المحتلة. الدوريات «الإسرائيلية» المعتادة على طول الخط الأزرق غابت، ولازم جنود الاحتلال مراكزَهم في المواقع الأمامية المتاخمة لهذا الخط.
الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله يُطلّ تلفزيونياً مساء غد اليوم .
وعلى مستوى روسيا التي تعمل ميدانياً في سورية، لم تسجّل أي ردّة فعل تُذكر حيال ما حصل في جرمانا.
من جهةٍ ثانية، البابا فرنسيس رأى من الفاتيكان أنّ ظهور ملامح اتّفاقين لسورية وليبيا، يُنعش الآمال بإحلال السلام.
سياسياً على المستوى الداخلي: جلسة لمجلس الوزراء غداً اليوم بعد طول انقطاع، تتناول خطة ترحيل النفايات، وسط غموض في التوقعات لنتائج الجلسة، التي تُعقد في ظل تباينات بين الأفرقاء، خصوصاً لجهة التكلفة، وقد يتمّ التطرق إلى التطورات الحدودية.
توازياً، تُعقد غداً اليوم الجلسة الثانية عشرة للحوار الوطني في عين التينة.
الوزير ميشال فرعون الذي دعا في حديث لـ«تلفزيون لبنان»، إلى تكثيف جلسات مجلس الوزراء، أعلن الذهاب غداً اليوم إلى طاولة الحوار للمطالبة بانتخاب رئيس للجمهورية وتزخيم العمل الحكومي.
«أن بي أن»
من عميد إلى شهيد… مسيرة مقاوم عنيد، لم يُتعبه النضال ضدّ الاحتلال.
سمير القنطار، لم تُنهكه قضبان السجن وقساوة الجلّاد وأحكامه المؤبّدة الخمسة، وفوقها سبعة وأربعون عاماً، فلم يتراجع عن إيمانه بالقضية الكبرى. ومضى في درب المقاومة عائداً من فلسطين كي يعود إلى فلسطين، لكنه ارتقى شهيداً على الطريق، في غارة «إسرائيلية» استهدفت مبنى تواجد فيه في مدينة جرمانا السورية.
إنّه قدر المقاومين الأبطال، والمسيرة مستمرة.
الكيان الصهيوني يتمادى في أعماله الإجرامية، ويتّخذ من إطلاق صواريخ مجهولة نحو الأراضي المحتلة فرصة لاستهداف لبنان، كما حصل اليوم.
ما بين «الإسرائيليين» والتكفيريين إرهاب واحد، يستهدف الإنسان أبعد من حدود الجغرافيا العربية. وكلّما لاحت بوادر تسويات سياسية للملمة الساحات، زاد الإرهاب من إجرامه، كما الحال في دمشق التي تعرّضت لاستهداف طال حافلة للركاب في المزة.
مساحة التسويات تتمدّد لتطال اليمن، وإن كان التقدّم في محادثات السلام اليمنية غير كافٍ. المفاوضات في جولتها الأولى انتهت إلى وضع تدابير عملية لبناء الثقة بين طرفي الأزمة، من بينها الإفراج عن المحتجزين والرهائن، على أن تعود الجولة الثانية في الرابع عشر من الشهر المقبل.
فماذا عن التسوية اللبنانية؟ ومتى تمضي جولاتها، وهل تحمل جديداً في مطلع العام؟.
دعوة بطريركية مارونية للسياسيين من أجل التصالح مع الوطن والمؤسسات الدستورية والشعب. هذا التصالح يفرض، بحسب البطريرك بشارة الراعي، المسارعة إلى التشاور بشأن المبادرة الجدّية الجديدة، وكشف الأوراق والإقلاع عن مماطلات لا جدوى منها سوى المزيد من الشلل والضرر والفوضى.
مجلس الوزراء يعقد جلسة غداً اليوم ، لن تبحث إلّا في ملف النفايات، في ظل تساؤلات وملاحظات حول الترحيل. فهل تتابع الحكومة مهامّها من جلسة إلى جلسة، أم تتغلّب المطبّات والحسابات على عمل مجلس الوزراء؟.
«المنار»
ختامها شهادة، ونِعم أجر العاملين.
سمير القنطار، أكبر من أن تحويه كلمة أو تُغيّبه غارة أو يطويه موت. سمير القنطار بطل من بلادي ووطني وأمتي، اقتحم فضاءات الحرية بنبضه المقاوم، حاملاً فلسطين قضية تحرير قبل وخلال أسره، وبعد تحريره.
هو في شهادته منتصراً، وعزمه يبقى صاخباً وكذلك إصراره على مقاومة المحتل في ساحات المواجهة.
سمير القنطار عشق فلسطين وذهب إليها فتىً فدائياً على شاطئ نهاريا، وثائراً وراء قضبان الأسر، فمحرّراً بالوعد الصادق وعملية «الرضوان»، ثم ناهضاً في زمن جديد أراد أن يكون فيه حيث يجب أن يكون، فيمّم وجهه إلى الجولان المحتل واتّخذه قبلة شوق وجهاد.
سمير القنطار قصة هادرة لن يهدأ عنفوانها، وشهادته لا تقفل الحساب مع العدو وإرهابه، بل تفتح فصلاً جديداً وحساباً أوسع، بحسب توقّّعات إعلام العدو نفسه.
وفي أجواء هذا الحدث إطلالة وموقف للأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله عبر شاشة «المنار» غداً الاثنين اليوم الساعة الثامنة والنصف مساء.
«او تي في»
حقيقتان ثابتتان أكّدهما استشهاد سمير القنطار: أولاً، أنّ الشهادة قدر وخيار، أن تكون شهيداً، وأن تُمضي حياتك وأنت توقع حياً، الشهيد سمير القنطار، فهذا يعني أنّك حسمت خيارك، وأنّك قد طوّعت القدر. إذ ليست الشهادة إفادة تأخذها بالتغيّب، ولا منصباً تكسبه بالصمت، ولا فوزاً وضيعاً يُهديك إيّاه الآخرون.
لقد أثبت سمير أنّ الشهادة نهج حياة ووعدها. وحين تكون كذلك، قد تتأخّر ثلاثين عاماً في الأسر، أو سبعة أعوام في النضال، أو حياة كاملة في المقاومة. لكن حين تكون الشهادة توأم روحك، تكون حقيقة حتمية في نهاية الجسد، وفي بداية الخلود، وفي أبدية النصر للوطن، والشعب، والحق.
الحقيقة الثانية التي أضاءتها شهادة سمير، أنّ الشهداء مثل المعجزات، يجترحون دمهم عند اشتداد الليل، في لحظة اضطراب اليقين وضبابية الرؤية واهتزاز الإيمان. كلّما أحسّ الحق أنّنا حِدنا عن دربه، أرسل لنا شهيداً يُعيدنا إلى الدرب. وكلما شعرت القضية بأنّنا نسينا بوصلتها، يبزغ قمر شهيد ليدلّنا إلى الطريق.
سمير القنطار، عميد الأسرى طيلة ثلاثين عاماً، وأسير الشهادة على مدى سبعة أعوام من المقاومة، التحق اليوم بقافلة الضوء، كي يوقظ فينا اليقين مجدّداً، بأنّ المعركة هناك، مع المحتل، ومع الإرهاب، ومع من خلف الاثنين مشروعاً وفكراً وذراعاً. صعد سمير إلى شهادته، لندرك أنّ العداء للأعداء، والرئاسة للرؤساء، والشهادة للشهداء، وكل ما عدا ذلك انتظار ميت بلا رجاء.
قصة شهادة سمير، بخلفياتها، وما بعدها، وما بعد بعدها، نرويها كاملة، بعد قليل.
«الجديد»
كان عميداً للأسرى، واليوم تمّت ترقيته إلى رتبة جنرال في الشهادة. ثلاثون عاماً في الاعتقال، غيّر سجّانه ولم يتغيّر. ومن الأسر عاد ليحمل البندقية، قاصداً أقرب أرض مطلّة على فلسطين المحتلة، معلناً أنّه إليها سيرجع يوماً.
سمير قنطار من المقاومة أباً عن حزب. الرجل الذي أتعب أسره ولم يتعب، المحكوم بثلاثة مؤبّدات ونصف قرن، هو من بني قوم ما تركوا أسراهم، لأجله ورفاقه قامت حرب تموز، فتحرّروا في صفقة عزّ. ومن الحرية إلى اعتناق السلاح ومعاقرة أبطاله حدّ إدمان خطّهم وتوقّع مصائرهم.
سمير القنطار دخل أرض فلسطين قاصراً، صنع رجولته بين سجون بئر السبع ونفحة وعسقلان، ليتخرج بعد ثلاثين عاماً عميداً للحرية، من دون أن يعيش متلازمة شكر عدوه، لا بل أعلنه عدواً منذ لحظة صعوده إلى منصّة الاحتفال بالتحرير إلى جانب السيد حسن نصرالله.
هو مشى إلى يومه، واستدركه منذ نعومة مقاومته، حيث كانت عبارة الشهيد تلازم مقاعده الدراسية وصوره قبل عملية نهاريا، متوقّعاً نهايات الأبطال في أحاديثه الصحافية بعد تحريره. كتب قصته العاتية على الآتي، وهو يدرك أنّ «إسرائيل» سوف تُضيف إليها فصلها الأخير، وأنها ستحاول مرة واثنتين وأكثر، قبل أن تتمكّن من اغتياله.
بيد أنّ عدوه هذا أكثر جبناً من أن يتبنّى على الفور. وكما اختبأ من جريمة اغتيال عماد مغنية لسنوات، قبل أن يعترف مُكرَها بوشاية من الـCIA، سيظل اليوم يُخفي مسؤوليته التي تارة تظهر تحت عنوان إغلاق الحساب مع سمير القنطار، وطوراً بمعلومات مشتّتة للإعلام «الإسرائيلي» عن طائرات «إسرائيلية» نفّذت العملية، أو عن قاعدة صواريخ انطلقت من داخل الأرض المحتلة باتجاه جرمانا السورية.
وسواء أكانت طائرات أو منصّة صواريخ أو غضّ نظر روسي لخرق الحظر المفروض على سورية، أو مجموعات إرهابية أو عملاء محليّين، فإنّ سمير القنطار شهيداً مكتمل المواصفات، وعلى أيدي «إسرائيل» عدوه الأوحد، والتي أسّس لها على الأرض السورية جبهة قلق تتطلّع إلى القنيطرة والجولان المحتل، فهذه «إسرائيل» وهؤلاء أهدافها، والذين وضعتهم أميركا على لائحة الإرهاب.
أما تبعات الاغتيال فقد بدأت من جنوب لبنان بصواريخ إلى الأرض المحتلة لا تحمل توقيع «حزب الله»، فاجتمعت الحكومة «الإسرائيلية» المصغّرة وفتحت الملاجئ في المستوطنات، وحلّقت طائرات الاستطلاع في أجواء الجنوب، وأطلقت قذائف في اتجاه المناطق الجنوبية. لكن جبهات الحرب بقيت تحت السيطرة، لأنّ «إسرائيل» تنتظر ردّ نصرالله والذي سيُعلنه مساء غد اليوم ، وهو الذي قال يوماً لسمير القنطار: لقد خضنا الحرب لأجل حريتك.