الحساب لم يُغلق فقد أصبح قنطاراً

محمد شادي توتونجي

خطاب السيد حسن نصرالله كان على مبدأ «لا أسوأ في الحياة من الموت رعباً»، وهذا ما أكدته أولى ردود أفعال وسائل الإعلام الصهيونية حيث جاء فيها:

«إن إسرائيل أخطأت الحساب عندما تعاملت مع عملية اغتيال القنطار وردّ حزب الله عليها بتهاون وخفة، علينا اليوم أن نتنبّه إلى الحدود القريبة وفي الداخل والخارج».

جاءت هذه القراءة خصوصاً على نقطتين هامتين في رسالتين للعدو والصديق، فكانت رسالته إلى العدو على النحو التالي:

«إنّ الردّ على اغتيال القنطار آتٍ لا محالة، فانظروا عند الحدود من الناقورة إلى آخر موقع إسرائيلي عند الجولان المحتلّ، أين هم جنود العدو؟ أليسوا كالجرذان المختبئة في جحورها؟

وأكد أنه يجب على الإسرائيليين أن يقلقوا في الداخل والخارج، وأن التهويل علينا لن يجدي نفعاً، وهم من أخطأ بالتقدير وليس نحن».

وكان الأهمّ هو رسالته للأصدقاء، وللداخل المَوْتُور من خصومه الذين يصفون المقاومين بالمغامرين، فكان حاداَ وجاداً وصادقاً حيث قال:

«مهما تكون التبعات والتهديدات التي لا نخافها، نحن لا نستطيع ولا يمكن أن نتسامح مع سفك دماء مجاهدينا وإخواننا في أي مكان من هذا العالم».

وهنا بقراءة شخصية يمكن القول إنّ ردّ حزب الله على عميلة اغتيال الشهيد القائد سمير القنطار سيكون على مستويين:

الأول سيكون معجلاً وهو ردّ تثبيت التوازن وإرسال رسالة للعدو، أن لا يظنّ أنّ انشغالنا بالحرب في سورية سوف يمنعنا من الردّ على عميلة اغتيال أيّ فرد منا ويمنعنا من حماية أهلنا وبيئتنا أينما كانوا متواجدين، وفي أية ساحة قتال في المعركة التي نخوضها على مستوى الإقليم، وهنا مكمن القوة بأنّ ردّنا سيكون وأنت تعلم وتتأهّب ومحتاط لها ولكنها ستتمّ، وهذه قمة القوة والتحدي التي يتميّز بها السيد والتي يعلم الصهاينة أنّ السيد أصدق من الصدق…

وكذلك يعلمون أنه لا يقول شيئاً لا يفعله، وبالتالي أسقط السيد جبهة الأمن الداخلي للكيان الصهيوني للمرة المئة، وجعلهم في حالة رعب يميت من الترقب وهو ما يحقق القاعدة «لا أسوأ في الحياة من الموت رعباً».

أما على المستوى الاستراتيجي فإنّ الردّ على رمزية اغتيال الشهيد القائد سمير القنطار لا يعلمه إلا السيد نصرالله بكيفيته وتوقيته وحجمه ونوعيته ومرة آخرى، سيعيش الصهاينة الموت رعباً وسيهبون على قياداتهم المجنونة المتهوّرة المغامرة التي وضعتهم في تلك الحالة من الرعب.

وأشار السيد إلى السبب الرئيسي الذي دفع بالكيان إلى الجنون والتهوّر واغتيال الشهيد القائد سمير القنطار، حيث كان لسمير وإخوة سمير الدور الأبرز في مساعدة ونقل التجربة إلى المقاومة السورية الفتية التي تعلق عليها الآمال ويخشاها العدو.

وتابع السيد نصرالله أنّ «الإسرائيلي» كان يريد القضاء على أيّ مشروع للمقاومة الشعبية السورية في الجولان، ولذلك كان يلاحق كلّ الأفراد الذين ينتمون إلى هذه المقاومة، ومجرّد الانتماء كان يعرّض الشخص إلى الاعتقال أو القتل، موضحاً أنّ سمير هو من كان يريد أن يكون في الخطوط الأمامية وحصلت تطورات سورية وفتح الأفق من أجل أن تكون هناك مقاومة شعبية سورية، وهو قد وجد أنه يستطيع أن يساعد ويقدّم شيئاً مميّزاً هناك، وطلب السماح له الالتحاق بالإخوة المقاومين في سورية».

وأوضح السيد نصرالله في خطابه أنّ «الصهاينة يتعاطون مع الجولان بهذه الحساسية، لأنهم لا يريدون أن يفتح عليهم باب من هذا النوع ليس فقط بسبب الخوف من تحرير الجولان بل لمجرد إعادة الجولان إلى الخارطة السياسية».

وفي وعي السيد ونظرته العميقة والثاقبة والاستراتيجية، كان لا بدّ له من التطرّق إلى الوعي الجمعي والحرب الناعمة التي كانت ولا تزال تخاض على أبناء مجتمعاتنا وشبابنا حيث قال:

«إنّ البعض اعتبر أنّ الإسرائيلي أخطأ التقدير، لكن في جميع الأحوال هو يتصرّف على قاعدة أنّ هذا الملف حساسٌ جداً، ولا يمكن التسامح فيه»، مشيراً إلى «أن الإسرائيلي كان يريد أن يئد المقاومة السورية ومشروع المقاومة الجديد في مهده، فالإسرائيلي يريد أن يوصلنا إلى انقطاع الأمل، وأنّ الكيان الصهيوني أبدي وقوي ويمتلك رؤوساً نووية ويمتلك أقوى جيش في المنطقة، وأقوى سلاح جوّ في المنطقة، وتقف خلفه الولايات المتحدة التي ترفض حتى أن يُدان على جرائمه وإرهابه، وهو يعمل على وعينا وعقلنا وإرادتنا وعزيمتنا، وهذه هي الحرب الثقافية والفكرية، لأنّ من يفقد الأمل يخسر كلّ شيء، وفي أيّ جبهة تريد أن تلحق الضرر بالعدو يكفي أن تصيب إرادة القتال في هذا الجيش وتنهي أمل الانتصار لينهار أمامك».

وهنا نقول للواهمين أو المندفعين مما ظن أو خيُل له ممّن تنطح منذ يومين بعد حادثة تصفية الإرهابي المجرم التكفيري زهران علوش غلام آل سعود، للقول إنها كانت رداً على عملية اغتيال الشهيد القائد سمير القنطار، نقول لهم ان لا زهران علوش ولا ألف من أمثاله ولا حتى رأس أبو بكر البغدادي تعادل عندنا قطرة من دم شهدائنا ونقول بالفم الملآن أن «حسابنا مع الكيان الصهيوني لم يغلق فقد أصبح قنطاراً وأكثر».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى