حلف المقاومة: جاهزون للحرب المفتوحة ولا خطوط حمراء

كتب المحرر السياسي

فلسطين عندما تحضر تغيب كلّ العناوين، تفرض فلسطين حضورها ووقار الحضور، ودم الحضور، ويحضر الإسرائيلي بغطرسته ومأزقه معاً، بإدّعاءاته المتعجرفة، وعجزه الواقعي، تحضر القضية التي لا يزال سحرها كفيلاً بجذب الضوء، مهما حاول الإعلام طمسها، فكلّ مشاريع غسل الأدمغة لم تنجح بنقل فلسطين إلى مرتبة يطغى عليها مونديال يشهد دراما انهيار البرازيل أمام ألمانيا، حتى المشجعون الفرحون بمنتخب ألمانيا خفت صوتهم، وخجلت بهرجة احتفالهم احتراماً لتقدّم فلسطين إلى منصة الخبر الأول.

ها هي فلسطين تفاجئ بما أعدّ مقاوموها، وتنطلق الصواريخ لتكتب معادلات جديدة، ومدى الصواريخ يسجل رقماً قياسياً جديداً، التوعد بقصف حيفا من غزة أشار إلى صواريخ يصل مداها إلى مئتي كيلومتر، بعدما تساقطت بعض الصواريخ على تل أبيب وأحياء في القدس الغربية، والمقاومة لم تستنفد بعد كلّ ما لديها.

حلف المقاومة المنخرط في حروب متعدّدة الوجوه، يدرك أنها كلها وجوه لحرب واحدة، هي حرب فلسطين، فلا لبنان ولا سورية ولا العراق ولا إيران تحت النار لاعتبار غير فلسطين، لذلك تعامل حلف المقاومة منذ أشهر بكلّ ما تمثله فلسطين من مكانة لاسترداد حركة حماس إلى موقعها المقاوم، من دون أن ينسى التعاون مع القسام وسرايا القدس بتوفير كلّ متطلبات مواجهة تخلق معادلة قوة جديدة عندما يحين وقتها… وقد حان.

الجرف الصامد الذي أعلنه بنيامين نتنياهو، اسماً لحربه، تصدّع ومعه قبّته الحديدية تحت ضربات صواريخ المقاومة، وجيش الاحتلال الذي استدعى الاحتياط، مرتبك وخائف، لا عملية برية مضمونة النتائج، ولا قدرة على قبول وقف للنار في حال ضعف وفشل، ولا طاقة على الدخول في حرب استنزاف.

فلسطين يوم أول حرب، وحلف المقاومة يوم أول استنفار.

لبنان المعنيّ مباشرة بما يجري في فلسطين، كان مترنحاً تحت ضغط أزماته وارتباكاته، فيما خلا المقاومة التي كانت لحظة بلحظة على صلة بما يجري في فلسطين، مستعدّة على طريقتها، وحاضرة على طريقتها، لوقت تقرّره على طريقتها.

حلف المقاومة جاهز للحرب المفتوحة، هو ما قاله لـ«البناء» مصدر قيادي في قوى المقاومة، تعليقاً على المشهد الفلسطيني، مضيفاً: لا خطوط حمراء.

الفراغ والأزمات في كلّ الاتجاهات

في ظلّ هذا الوضع، تداخلت الاستحقاقات الداخلية، إذ باتت الأزمات التي تلاحق اللبنانيين ترهق كلّ أوجه حياتهم، من الأمن إلى القضايا الحياتية والمطلبية، ولم يكن ينقص موظفي الدولة سوى تمنّع السلطة عن دفع رواتبهم وأجورهم التي لا تكفي لأيام قليلة مع مطلع كلّ شهر.

أزمة الرواتب… أخد وردّ

في غضون ذلك، بقي المؤتمر الصحافي لوزير المال علي حسن خليل محور أخذ وردّ بين الكتل السياسية. ففيما أكدت مصادر نيابية في 14 آذار أن لا داعي لهذه الضجة الإعلامية التي افتعلها وزير المال، طالما أنّ هناك إمكانية للبت برواتب موظفي القطاع العام بقرار من مجلس الوزراء.

وقد أخذ هذا الملف الحيّز الأكبر من نقاشات لجنة المال والموازنة أمس، إذ عاد الوزير خليل وأكد على ضرورة قوننة الإنفاق، وعدم جواز الإنفاق من دون قانون. بينما أكد رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان أنّ ديوان المحاسبة تبنّى موقف وزارة المال، وبالتالي رفض الإنفاق من دون قانون، مشيراًً إلى أنّ غالبية نواب اللجنة كانوا مع إصدار قانون لهذه الغاية.

وأكدت مصادر نيابية في التحرير والتنمية أن لا إمكانية لبت رواتب القطاع العام من دون قانون صادر عن مجلس النواب، لافتة الى أنه لا يمكن دفع الرواتب بالعودة إلى قانون موازنة 2005، لا سيما أنّ الاعتمادات التي لحظت يومذاك لا تصلح إلا لسنة واحدة وهي من المواد القانونية التي كانت تهرّب تهريباً ومن المفترض أن ينظمها قانون منفصل. وأكدت المصادر أنّ الوزير خليل ينتظر القرار الذي سيصدر عن مجلس الوزراء غداً الخميس ليبني على الشيء مقتضاه.

وشدّدت مصادر نيابية على وجوب قوننة الاعتمادات التي تُصرف لهذه الغاية. وقالت المصادر لـ«البناء» مساء أمس إنّ «تيار المستقبل يحاول أن يربط هذا الأمر بقضية الـ11 مليار دولار التي صُرفت بشكل غير شرعي، لا سيما في عهد حكومة السنيورة. وأضافت المصادر أنّ هناك فرقاً كبيراً بين الموضوعيْن ولا يمكن المقايضة أبداً بينهما.

وفي هذا المجال أيضاً، نُقل عن رئيس مجلس النواب نبيه بري مساء أمس قوله: «إن الأمر متوقّف على إصدار قانون في هذا الشأن، وبالتالي يجب الذهاب إلى مجلس النواب. لكن هناك من يصرّ على الاستمرار في تعطيل دور مجلس النواب».

برّي مع الانتخابات النيابية

كذلك جدّد بري قوله إنه «مع إجراء الانتخابات النيابية في موعدها وفق القانون الحالي إذا لم يتمّ إقرار قانون جديد وأنه أبلغ ذلك إلى وزير الداخلية رافضاً التمديد مرة أخرى للمجلس»، ومشيراً إلى أنّ «ليس هناك مانع من إجراء الانتخابات».

مشاورات بري مستمرة بوتيرة مختلفة

وأكد بري بحسب ما نقل عنه زواره لـ«البناء» أنه علق الخطوة التي كان ينوي القيام بها، لا سيما أنه وجد أن لا شيء في الأفق يوحي بوجود تطورات على صعيد الاستحقاق الرئاسي، مشيراً إلى أنّ المشاورات مستمرة بوتيرة مختلفة وليست خارج المألوف.

طريق الجامعة مسدود

تربوياً، لن يسلك ملفا الجامعة اللبنانية والتفرّغ غداً طريق الحلّ في مجلس الوزراء مع تعثر التوافق على الملفين لما لحزب الكتائب من ملاحظات، واعتراض من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، ما يؤشر إلى تطيير هذين الملفين، بعد تطيير ملف السلسلة من قبل فريق 14 آذار.

وحضر أمس الملفان في لقاء جمع وزير التربية الياس بو صعب بوزيري الاقتصاد آلان حكيم والعمل سجعان قزي والنائب سامي الجميّل. وأكدت مصادر وزارية كتائبية لـ«البناء» أنّ الامور لا تزال على حالها، وأنّ لجنة الأساتذة الجامعيين الكتائبية تريد التدقيق بملفات الـ 1160 متعاقداً، فنحن نريد التدقيق في تفاصيل أي مشروع على جدول أعمال مجلس الوزراء قبل التصويت والموافقة عليه.

لتعيين مجلس الجامعة

وأمام المدّ والجزر في هذين الملفين داخل فريق 14 آذار، تمنت مصادر نيابية في كتلة التحرير والتنمية لو يعود وزير التربية إلى دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري لتعيين مجلس الجامعة على أن يتولى هذا المجلس ملفي التفرّغ وتعيين العمداء. وأكدت المصادر أن ما يجري اليوم من مشاورات يصبّ في خانة التسويات، معتبراً أنّ على الوزير بو صعب أن يحسم السجال الحاصل على الأسماء في ظلّ المحاصصة الطائفية.

أزمة السلسلة مستمرة: إضراب واعتصام اليوم

بالتوازي مع أزمات الرواتب والجامعة اللبنانية، تنفّذ الإدارات العامة والوزارات إضراباً عاماً اليوم بدعوة من هيئة التنسيق النقابية، احتجاجاً على المماطلة والتسويف في إقرار سلسلة الرتب والرواتب.

وأكد رئيس هيئة التنسيق حنا غريب في مؤتمر صحافي عقدته الهيئة أمس، الاستمرار في مقاطعة تصحيح الامتحانات الرسمية حتى إقرار السلسلة، وكذلك الإضراب العام اليوم، وتنفيذ اعتصام مركزي لـ24 ساعة أمام وزارة التربية. وحمّل السياسيين مسؤولية مقاطعة التصحيح في الامتحانات، وشدّد على أن «واجب دفع الأجور والرواتب للموظّفين خطّ أحمر ولن نقبل المسّ بها».

الانتشار الأمني في المخيم والمهمات العالقة

وأمس نفذت القوى الأمنية الفلسطينية المشتركة بمواكبة القيادة السياسيــة الفلسطينية واللجنة الأمنية الفلسطينة العليا ظهر أمس في مخيم عين الحلوة انتشار 150 عنصراًً بمشاركة كافة القوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية في أحياء المخيم كافة، لحفظ الأمن والاستقرار من جهة، ولتطويق أي حدث أمني قد يحدث من جهة أخرى، من أجل منع زجّ المخيم في أية صراعات، وجاء ذلــك بعد التنسيق مع الأمن العام اللبناني وقيادة الجيش اللبناني والجهات الرسمية اللبنانية من قبل اللجنة الأمنية العليا الفلسطينية لأخذ الغطاء السياسي والأمني اللبناني.

وانطلقت عملية انتشار القوة في الشارعين الرئيسيّين التحتاني والفوقانــي وفي سوق الخضر ومحلة البركسات، وبدأت مهامهـــا بتنظيم حركة السير داخل المخيم وباتخــاذ نقاط ثابتـــة ومتحركة لها، وواكبتها اللجنة العليــا للإشراف على المخيمات لبعض الوقت وأثناء خروجها من قاعة الأطرش.

وأكد المصدر الأمني الفلسطيني لـ«البناء» أنّ الانتشار الأمني في المخيم تنتظره مهمات كثيرة ودقيقة لعلّ أبرزها مواجهة تداعيات ما يجري في سورية والعراق، خصوصاً بعد إعلان أبو بكر البغدادي خليفة للمسلمين الأمر الذي ترك مخاوف وقلقاً عند السلطة اللبنانية وبعض الفصائل الفلسطينية، وتحديداً من وجود خلايا نائمة تنفذ أجندات خارجية تسعى إلى زجّ المخيم في أتون الصراعات الإقليمية لا يستفيد منها الشعب الفلسطيني.

وأكد المصدر أنّ القوة الأمنية ستواجه تعقيدات كبيرة، لا سيما المربعات الأمنية، ما يضعها أمام تحدّ كبير لتنفيذ عملها ونجاحه. وأشار المصدر إلى أنّ القوة الأمنية التي لاقت دعماً سياسياً لبنانياً في المخيم وإجماعاً سياسياً فلسطينياً وشعبياً كان خطوة ناجحة ستعمّم على باقي المخيمات لكن بأسلوب مختلف.

وفي السياق، تحدث المصدر عن أنّ الكثير من الفلسطينيين لن يبايعوا البغدادي لاعتبارات عدة أبرزها أن التعيين لم يتمّ بالطرق الشرعية، إلا أنّ كلّ ذلك لا يمنع وجود بعض الأشخاص على صلة بالتنظيمات الإرهابية كجبهة النصرة، وتنظيم داعش، وكتائب عبدالله عزام.

وبينما لجأت المجموعات المتطرّفة أمس إلى إطلاق صاروخين من جرود عرسال سقطــا بين العين والفاكهة في البقاع من دون الإفــادة عن وقوع إصابات أو أضرار، تحدثت المعلومــات عن أنّ إرهابياً ينتمي إلى تنظيم «داعش» وهو من حيّ المنكوبيــن في طرابلس نفّذ عملية انتحارية في بغداد عندما هاجم أحد المقاهي الشعبية وفجر نفسه فيه.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى