ميونيخ يضع واشنطن بين مطرقة سعودية تركية وسندان تفاهماتها مع روسيا لافروف: سورية أمام كلّ الاحتمالات… وفابيوس يستقيل… ولحلب الكلمة الفصل
كتب المحرّر السياسي
رغم محاولات الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند لوضع استقالة وزير خارجيته لوران فابيوس في إطار تقني وشخصي، متحدّثاً عن احتمال تعيينه رئيساً للمجلس الدستوري، جاء الكلام الذي أطلقه فابيوس حول العلاقة الفرنسية الأميركية، خصوصاً في الملف السوري ليكشف الأسباب الحقيقية للاستقالة، في قلب التجاذب الدائر حول كيفية إدارة العلاقة بالمتغيّرات السورية، وتموضع فابيوس على الضفة السعودية، مقابل ارتضاء هولاند السير بمقتضيات الحفاظ على التفاهم مع واشنطن، خصوصاً في ضوء عائدات التفاهم مع إيران، وحجم اهتمام الوسطَيْن الاقتصادي والأمني في فرنسا بنتائج وآفاق هذا التعاون.
استقالة فابيوس في توقيتها تفتح نافذة للإطلالة على التجاذبات التي تحيط بلقاء ميونيخ الذي ينعقد اليوم، لإنقاذ العملية السياسية في سورية التي أطلقها مسار فيينا وحدّد منطلقاتها القرار الأممي 2254 وتعثرت في جولة محادثات جنيف مطلع الشهر الحالي وتواجه استحقاق الإقلاع مجدّداً في الخامس والعشرين من الشهر الحالي.
الإشارة الأولى تدلّ إلى أنّ اللغة المزدوجة لواشنطن تجاه الوضع في سورية تصطدم بالجدار المسدود الذي يفرض عليها الخيارات الصعبة، بين الاستجابة لطلبات حلفائها، وخصوصاً التركي والسعودي وما فيها من مخاطر الدخول في تفجير العملية السياسية برمّتها، أو الاستجابة لمقتضيات التفاهمات المبرمة مع روسيا للإقلاع بالعملية السياسية ومكانتها في تزخيم خيار الحرب ضدّ «داعش» التي تريدها الإدارة الحالية للبيت الأبيض رصيداً للحزب الديمقراطي الحاكم في معركته الرئاسية التي دخلتها واشنطن منذ مطلع العام.
الخيارات التي فتحها وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف، تضمّنت وصفة سياسية قدّمها لنظيره الأميركي جون كيري كمشروع لتفعيل العملية السياسية، وفقاً لروزنامة تبدأ بإنجاز تصنيف التنظيمات الإرهابية من قبل المبعوث الأممي ستيفان دي ميتسورا قبل نهاية الشهر الحالي، تتيح وقفاً للنار في مطلع الشهر المقبل، وتحترم موعد تشكيل حكومة جديدة تشارك فيها المعارضة قبل نهاية شهر حزيران المقبل، لكن لافروف أضاف أنه ما لم يتمّ السير بقواعد تضمن نجاح العملية السياسية فإن كلّ الاحتمالات تصير واردة في المسار السوري من فرضية تواصل انتصارات الجيش السوري واتساعها، إلى فرضية الانفجار الكبير إذا تورّطت تركيا والسعودية في الحرب السورية بمشاركتهما بتدخل برّي.
الاتجاه الأميركي لتحويل ميونيخ إلى انتظار اختبار الرهانات المتعاكسة لشهر شباط حول نتائج معركة حلب، يبدو وارداً لتفادي الاختيارات المحرجة، طالما أنّ مؤشرات موسكو تتحدّث عن أرجحية حسم الجيش السوري لحلب مع نهاية هذا الشهر ما لم يحدث تطوّر سياسي ينتج وقفاً للنار، ومؤشرات أنقرة والرياض والجماعات المدعومة منهما تتحدّث عن معركة نوعية في حلب لن تكون محسومة لمصلحة الجيش السوري وحلفائه، مشيرة إلى فوارق نوعية بين شروط معارك أرياف حلب وحروب المدينة نفسها، والانتظار الأميركي يعني السعي إلى خروج تفويض لدي ميستورا بمهمة تصنيف التنظيمات الإرهابية، وتالياً تشكيل الوفد المعارض، وإعداد لائحتين لكلّ ملف، واحدة تقترب من الرؤية الروسية وثانية تقترب من الرؤية السعودية التركية، ويقدّم دي ميستورا نهاية الشهر اللائحة التي تقترب من رؤية الطرف الذي أصاب رهانه الحلبي، فإنْ بدت مواقع الجماعات المسلحة داخل المدينة وخارجها في وضع يزداد سوءاً، يتقدّم دي ميستورا خطوة من الرؤية الروسية، وإنْ ظهر العكس يبقى التساهل قائماً مع الرؤية السعودية التركية.
في مشهد التجاذبات الإقليمية والدولية لآمال لبنانية برئاسة في الجلسة المقبلة المقرّرة في الثاني من آذار، وقد حسم رئيس مجلس النواب نبيه بري هذا الاستنتاج أمام النواب في لقاء الأربعاء، بينما تواصلت السجالات الحكومية حول ملفات المتعاقدين، التي بدأت في الدفاع المدني وفتحت ملف زيادة سعر صفيحة البنزين، لتطال هذه المرة العلاقة بين وزيرَيْ التربية والمال في سجال حول مستحقات المعلمين المتعاقدين مع وزارة التربية، ومسؤولية تأخير سدادها.
بري: لا رئيس في جلسة 2 آذار
احتفل الموارنة أول من أمس بعيد القديس مار مارون في غياب رئيس للجمهورية بسبب عدم انتخاب رئيس للسنة الثانية. وأكد رئيس المجلس النيابي نبيه بري أمس، بحسب ما نقل عنه زواره لـ«البناء» أن لا رئيس للجمهورية في جلسة الثاني من آذار المقبل». ولفت بري إلى «أنه لم يعد من مبرر للمقاطعة اللبنانية للمبادرات الإيرانية لدعم الجيش أو مساعدة الاقتصاد اللبناني وما يجري بين إيران وأوروبا هو دليل على هذا الأمر، مع إشارته إلى أن معظم الشركات الأوروبية مملوكة بنسبة 10 من الشركات الأميركية ما يفترض الموافقة الأميركية على أي اتفاقيات بين الشركات الأوروبية والإيرانية».
ولفت بري إلى أن الانتخابات البلدية ستجرى في موعدها، وأنه «ناقش الموضوع مع وزير الداخلية نهاد المشنوق والإجراءات ماشية». وشرح بري وجهة نظره القانونية القائلة إنه في حال عدم إجراء الانتخابات البلدية تنتقل الصلاحيات إلى المحافظ أما المختارون فلا تنتقل صلاحياتهم إلى أحد». وتوجَّه بري إلى الرئيس سعد الحريري من دون أن يسمّيه بالقول «الذي يقلق من إجراء الانتخابات البلدية، عليه أن يحضر إلى لبنان من أجل قيامتها». وشدّد على «أن حركة أمل وحزب الله ينسقان ومتفاهمان على إجراء الانتخابات البلدية سوياً».
وأبدى نواب لقاء الأربعاء في الجلسة الأسبوعية مخاوفهم من الحديث عن الاتفاق القبرصي «الإسرائيلي» اليوناني لتمرير خط أنابيب غاز من «إسرائيل» ــ قبرص ــ اليونان ــ أوروبا وأن الخط الطبيعي لهذا الأنبوب هو المنطقة الخالصة التي لم تتم تسوية مشكلتها لغاية الآن مما يستدعي من لبنان الاحتياط من هذه النقطة. وأشار بري في هذا الشأن إلى «أنه لا يدري ما الذي يؤخر إقرار المراسيم»، وداعياً الحكومة إلى أن تقر المراسيم التطبيقية بقانون النفط كأحد أبرز الملفات التي يجب أن تنجز في أسرع وقت». وتساءل ما هي العقدة التي تحول دون إقرار الحكومة هذه المراسيم وكشف عن أنه كان ينتظر أن يعود المبعوث الأميركي لملف النفط وأن ثمة طلباً قدم من قبل المسؤولين عن ملف النفط والخلاف اللبناني «الإسرائيلي» في الإدارة الأميركية، وأن يلتقي الوفد اللبناني المتوجه إلى واشنطن الأسبوع المقبل إلا أن بري أجابهم أن هذا الوفد لديه مهمة وحيدة تتصل بقانون الكونغرس ولا يجوز الانشغال عنها، وعلى المسؤول الأميركي المعني بالملف أن يتوجه إلى بيروت للقاء المسؤولين اللبنانيين».
وأبلغ بري النواب أنه أوصى الأمين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر بالامتناع عن تقديم بلاكات نمر لأي كان من النواب. وتأتي هذه التوصية بعد توقيف شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي المدعو محمد مسلماني الملقب بالبرازيلي من بلدة الشعيتية، على خلفية توظيف أموال وعدم دفع أهالي بلدته والمودعين لديه كامل مستحقاتهم، ومحاولات توريط عدد من النواب، ذكر منهم عاصم قانصوه وفادي الأعور وعلي خريس الذي أصدر بياناً نفى أي صلة له بالموقوف.
أما الأعور فأكد لـ«البناء» أن عصابة مؤلفة من معين كمال الأعور وشادي عاطف أبو فراج وبعض الأشخاص غير المعروفين بانتظار انتهاء التحقيق، تقوم بتزوير عدد من البطاقات التي تحمل اسمه وتوقيعه». ولفت الأعور إلى «أن معين مسجون منذ 4 أشهر في سجن عاليه ويُحاكم أمام القاضي الجزائي المنفرد في محكمة عاليه نجاة ابو شقرا، وابو فراج صدرت بحقه مذكرة بحث وتحرٍ بناء على ادعاء مباشر مني». وشدّد على أن القرار الذي اتخذه الرئيس بري قد يكون خطوة وقائية لحماية النواب والمجلس من أي تزوير ممكن للوحات لا سيما أن هناك عصابات محترفة جداً».
رحمة يجمع روكز وسعادة وطوني فرنجية
وفي إطار عودة العلاقة بين تيار المردة والتيار الوطني الحر إلى ما كانت عليه سابقاً، جمع عضو كتلة لبنان الحر الموحد النّائب إميل رحمة على الغداء كلاً من المدير العام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم والعميد شامل روكز وطوني فرنجية والوزير السّابق يوسف سعادة. ونشر النائب رحمة عبر صفحته على فايسبوك: الإخوة في البيت الواحد والعائلة الواحدة.
وتحدّث رحمة لـ«البناء» عن صعوبات وتعقيدات مازالت تحول دون عقد لقاء بين رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون ورئيس تيار المردة الوزير سليمان فرنجية، قائلاً إن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عمل على هذا الأمر ولم ينجح حتى الساعة في عقد لقاء بينهما.
ولم ينف المحامي سليمان فرنجية لـ«البناء» وجود مساعٍ تبذل لجمع العماد عون والوزير فرنجية وإجراء مصالحة بينهما، لكنه أوضح أنه إذا كانت المصالحة ستتم على أساس أن يسحب فرنجية ترشيحه، فإن الأمر ليس وارداً.
ولفتت إلى «أن الجنرال عون هو صديق للوزير فرنجية ويُعتبر قيمة وطنية كبيرة. وهذا أمر لا خلاف عليه»، مشيراً إلى ضرورة التواصل والحوار بينهما حول الملف الرئاسي، لأن لا خلاف على المسائل الأخرى». وشدّد على أن فرنجية لا يزال مرشحاً وحتى الآن هناك مرشحان لرئاسة الجمهورية ضمن فريق 8 آذار هما عون وفرنجية».
ووضع اللقاء الذي حصل في منزل النائب رحمة في إطار لقاءات الصداقة الشخصية و»ليس له أي أبعاد سياسية». وشدد على أن العلاقة لم تنقطع يوماً بين تيار المردة وبين العميد روكز.
فتحعلي: تعزيز الوفاق الوطني في لبنان
وأكد السفير الإيراني في بيروت محمد فتحعلي «أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تجدد دعوتها للأطراف كافة في منطقتنا إلى الحوار وعدم التدخل الخارجي فالحل أولاً وأخيراً هو حل سياسي تقرره الشعوب من خلال إرادتها الحرة وليس حلاً عسكرياً، وقد أثبتت التجارب صحة ما دعونا إليه وإن تنامي الإرهاب بات يهدّد بلدان المنطقة كلها». وأعرب خلال حفل الاستقبال الذي أقامته سفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان في الذكرى الـ37 لانتصار الثورة الإسلامية في إيران عن بالغ أسفه للدعم الخارجي الذي ما زالت تتلقاه المجموعات التكفيرية رغم الظروف اللاإنسانية والقاسية التي سببتها تلك المجموعات، وتؤكد ضرورة إنجاح كل الجهود التي تبذل من أجل الوصول إلى الحل السياسي المنشود على صعيد ملفات المنطقة». وشدّد على «أن العلاقة بين لبنان وإيران ممتازة وآخذة بالتطور والنمو، ونحن نؤكد تعزيز مسيرة التضامن والوفاق الوطني في لبنان الذي نعتبره عنصراً حاسماً في تدعيم الأمن والاستقرار والتقارب البناء في مواجهة تحديات المستقبل الأساسية».
سجال خليل ـــ بوصعب
حكومياً، طغى الواقع المالي للدولة على مناقشات مجلس الوزراء، حيث قدم وزير المال عرضاً مفصلاً عن الوضع المالي مبيّنا الأرقام المتعلقة بمجموع الإنفاق وبقيمة الاحتياطي المتوفر، شارحاً أن الإنفاق ارتفع في مقابل واردات لم ترتفع بالنسبة ذاتها، ومشيراً إلى أن أي إنفاق إضافي سيزيد قيمة العجز وأنه ينبغي أن يقابل هذا الإنفاق الإضافي مداخيل اضافية، لتنتهي مداخلة الوزير خليل بتأكيد الوزراء وجوب إقرار مشروع الموازنة العامة وترشيد الإنفاق ووقف الهدر ومحاربة الفساد وتفعيل أجهزة الرقابة. وتعقد اليوم جلسة حكومية جديدة للبحث في سائر المواضيع الواردة على جدول الأعمال والتي لم تتم مناقشتها واتخاذ القرارات اللازمة في صددها، بعدما أقر مجلس الوزراء أمس المرسوم الأوّل المتعلق بتثبيت الأجراء والمتعاقدين في الدفاع المدني، كما ورد من مجلس النواب على أن يخضع المتطوعون لمباراة محصورة، واعتمادات للجيش بقيمة 50 مليار ليرة طلبها وزير الدفاع سمير مقبل.
وكشف وزير التربية الياس بوصعب أن المشكلة وقعت في نهاية جلسة مجلس الوزراء بشأن تعاقد الأساتذة الذين لم يتقاضوا مستحقاتهم منذ 6 أشهر، لافتاً إلى أنه قد يضطر أن يطلب منهم وقف التدريس. هذا الكلام استدعى رداً من وزير المال علي حسن خليل الذي حمّل، في تغريدة له عبر حسابه الخاص على تويتر، وزير التربية مسؤولية التأخير في تحضير ملف مخصصات المتعاقدين.
وأكد بوصعب لـ«البناء» أن «الوزير خليل يحاول أن يزكزك في السياسة، ولذلك قرر عرقلة الموضوع». ولفت إلى «أنه لا يطلب أموالاً فالأموال موجودة في الوزارة إنما يريد أن يصدر قرار عن مجلس الوزراء بالموافقة على عقود المتعاقدين، لا سيما طلب وزارة التربية في ما خَص المتعاقدين أرسل إلى وزارة المال منذ 70 يوماً». ولفت إلى قول الوزير خليل إنه يحتاج إلى ثلاثة أو أربعة أيام لدرس الموضوع، يعني عرقلة دفع معاشات المتعاقدين المستحقة منذ ستة أشهر لا سيما أن لا جلسات لمجلس الوزراء الأسبوع المقبل، بسبب سفر رئيس الحكومة.