هل يُقدِّم «ميونيخ» حقيبة إنقاذ «جنيف»؟
فاديا مطر
بعد فشل مؤتمر «جنيف 3» بشأن الأزمة السورية واستبداله بمؤتمر «ميونيخ» الذي يُعقد منذ 11 شباط الحالي، والذي أكد بشأنه المندوب السوري الدائم في الأمم المتحدة «بشار الجعفري» أن فشل «جنيف 3» هو بسبب ثغرات هيكلية كثيرة في بنيان التحضير للمحادثات غير المباشرة، وعدم استقرار الدور الأممي في جعل الولايات المتحدة وحلفائها تحت احترام الإجراءات التي تم التوافق عليها بموجب القرار الدولي 2254، فما الذي يمكن لمؤتمر «ميونيخ» تعويضه من فشل جنيف 3؟ إن ما يمكن أن يكرسه «مؤتمر ميونيخ» هو إنقاذ ما يمكن إنقاذه من وصول طريق «جنيف 3» للحل السياسي إلى آخر النفق المظلم، بعد المرحلة التي حملت التهديدات العسكرية من حلفاء واشنطن، وما يحصده الجيش السوري وحلفاؤه من انتصارات قلبت التوازنات التكتيكية في اغلب مناطق النزاع، والتي أوضحت حجم التباين بين تركيا وواشنطن عقب تراجع وفد «معارضة الرياض» في المحادثات «جنيف 3» مع تراجع أرضيتهم الإرهابية في أرياف حلب واللاذقية ودرعا، فهل هي طريق الخروج من ضفة الإملاءات إلى ضفة القبول بالحل السياسي؟
أكدت المستشارة السياسية والإعلامية للرئاسة السورية الدكتورة بثينة شعبان في / 10 شباط الحالي عبر مقابلة تلفزيونية أن «ما يجري في سورية سببه الإرهاب المدعوم والمموّل من بعض الدول، وأن الحل السياسي ليس بالمعضلة»، فهي دعوة تتبع دعوة موسكو الرامية إلى الانضمام لجهود تطبيق وقف فوري لإطلاق النار في سورية، بعد الفشل الأممي للمبعوث الدولي إلى سورية «دي مستورا» في مهمة تصنيف التنظيمات الإرهابية وتشكيل الوفد المعارض الذي طعّمته الرغبة السعودية بوجود جماعات إرهابية تابعة لها ولتركيا في اجتماع «الرياض للمعارضة»، وهو ما كان أحد أبرز أسباب فشل محادثات «جنيف 3»، فـ»ميونيخ يبحث اليوم سُبل إعادة الأطراف إلى طاولة المفاوضات بعد تصريح المندوب الروسي في الأمم المتحدة «فيتالي تشوركين» أن بلاده ستستمر في تشجيع الحل السياسي والاستئناف السريع للمفاوضات، واعتبار إيران بلسان نائب وزير خارجيتها «حسين أمير عبد اللهيان» أن ما تسبّب بالمشاكل خلال اجتماع «جنيف 3» هو عدم التمييز بين المعارضين والجماعات الإرهابية، فهل سلة «ميونيخ» للحلول قابلة للحياة؟ نعم، إذا كانت سلة «ميونيخ» تحمل في داخلها تكليف المبعوث الدولي «دي ميستورا» بمهمة تصنيف المجموعات الإرهابية وتشكيل وفد معارض جامع بعد حضور المستجدات العسكرية الجديدة في زيها السياسي، والتي تجبر الولايات المتحدة وحلفاءها على القبول بخيارات أقلها دخول ورقة «الأكراد» إلى الساحة التفاوضية السياسية، والقبول بمتغيرات الوضع الميداني السوري تمهيداً لشراكة في الحرب على «داعش»، وتطبيق مضمون القرار 2254 كمدخل للعملية السياسية الناجعة في سورية مع فرضيات إيرانية وروسية مشتركة تفتح نوافذ الحرب على الإرهاب من باب عملية سياسية حقيقية داخل البيت السوري، فهل وصلت رسالة ما إلى واشنطن عشية «ميونيخ» تحمل تفادي انفجار كبير على أرض صغيرة وشكله وطريقته؟ فقد يكون المسعى الدولي «الواشنطوني» يحمل رغبة في الشراكة بنيات جديدة تضع قطع التمويل والتسليح على أولويات الحل السياسي الذي يتفيّأ ظل المظلة الأممية.